تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قتل العلمــاء .. تعليمات إسرائيلية لفلول الإرهاب!

الثورة
قاعدة الحدث
الثلاثاء 7-8-2018
عبد الحليم سعود

بينما تلفظ الحرب الإرهابية على سورية أنفاسها الأخيرة مكرسة فشل وعجز الجهات والأطراف التي شنتها قبل أكثر من سبع سنوات عن إسقاط الدولة السورية وتغيير هويتها العربية المقاومة للاحتلال والهيمنة والمشاريع الأجنبية،

وإلحاقها بركب الدول الخاضعة المنفذة للأجندات الأميركية، وفي توقيت لا يخفى على أحد مدى حساسيته..وقعت جريمة اغتيال الدكتور عزيز إسبر مدير مركز البحوث العلمية في مصياف السبت الماضي، بتفجير عبوة ناسفة بسيارته أثناء سيره على الطريق بين حماه ومصياف، لتزيح جريمة اغتيال الشهيد إسبر مرة جديدة الستارة عن الغايات الدنيئة التي يضمرها أعداء سورية باستهدافهم المستمر لها، حيث لم تكن هذه الجريمة الأولى من نوعها من حيث استهداف العقول السورية بالتصفية الجسدية للعلماء والباحثين والأكاديميين السوريين المتميزين في اختصاصاتهم، ولن تكون الأخيرة في رحلة تعافي سورية ومحاولات نهوضها من جديد من آثار الحرب الكونية المفروضة عليها.‏

حرب على العقول والأدمغة‏

فمنذ الأيام الأولى للحرب على سورية عام 2011 كان لافتاً تقصّد استهداف العقول السورية في مجالات البحث العلمي والأكاديمي والتاريخي وكذلك المتفوقين والمبدعين والمخترعين بالاغتيال والتصفية الجسدية، إلى جانب استهداف عقول السوريين جميعاً بحرب إعلامية تضليلية شرسة لتشويش وعيهم وزعزعة الثقة بينهم وبين قيادتهم ودولتهم ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والمس بانتمائهم لوطنهم وحضارتهم، ولم تكن مجرد مصادفة عادية أن تتجند مئات القنوات الفضائية والصحف والإذاعات ومواقع الانترنت من أجل الهجوم على سورية في الوقت الذي تم فيه تجنيد وإرسال مئات آلاف الإرهابيين والمرتزقة إلى سورية لتدميرها وقتل وتهجير شعبها وضرب وحدتها الوطنية تمهيداً لتفتيتها وإقامة الكانتونات الطائفية والعرقية التي تخدم المشروع الصهيوني وتقدم له مبررات وجوده غير الشرعي.‏

سياسة قديمة جديدة‏

سياسة اغتيال العقول والأدمغة السورية المبدعة ليست بالجديدة بل بدأت قبل هذه الحرب بأكثر من عقدين من الزمن، حين تم تجنيد عصابة الإخوان المسلمين المجرمة والعميلة للمشروع الصهيوني والغربي في ثمانينات القرن الماضي لاغتيال عدد كبير من الكفاءات السورية في مجالات عديدة، من أجل إضعاف سورية ومنعها من التطور العلمي والتكنولوجي، وإحباط محاولاتها المستمرة لتحرير واستعادة أرضها المغتصبة، ومواجهة المشاريع العدوانية التي تستهدفها، ثم استؤنفت هذه السياسة الإجرامية مجدداً خلال السنوات الماضية مستغلة الحرب الإرهابية الدائرة منذ عام 2011 عبر أدوات وعملاء المشروع الصهيوني القدامى، مع انضمام تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين وما يسمى (الجيش الحر) إلى لائحة المنفذين لجرائم الاغتيال الممنهجة والمقصودة بحق جميع شرائح المجتمع السوري وخاصة الكفاءات العلمية المتفوقة في مجالاتها، ففي الأيام الأولى لبدء الأحداث في سورية عام 2011 تم اغتيال المخترع الشاب عيسى عبود على أيدي مجموعات إرهابية مسلحة في حمص،‏

كما اغتيل أيضاً كلّ من الدكتور حسن عيد رئيس قسم جراحة الصدر في المستشفى الوطني بحمص، والمهندس أوس عبد الكريم خليل الخبير في الهندسة النووية والقائم بالأعمال في جامعة البعث، وكذلك الدكتور محمد علي عقيل نائب عميد كلية هندسة العمارة ووكيلها العلمي في نفس الفترة، كما اغتيل مجموعة من الطيارين السوريين المدربين على أحدث الطائرات في ريف حمص الشرقي، واستهدفت سيارة تقل مجموعة من الباحثين في مركز البحث العلمي بالقرب من منطقة التل بريف دمشق، واغتيل اللواء عبد الله الخالدي، واللواء نبيل زغيب المسؤول المباشر عن تطوير برنامج الصواريخ السورية، كما شهدت حلب اغتيالاً مماثلاً للدكتور سمير رقية المختص في هندسة الطيران، بعد أن جرى اختطافه من قبل إرهابيي جبهة النصرة عام 2012 في حلب، كما اغتيل أستاذ التاريخ بجامعة (ايبلا) الخاصة الدكتور محمد عمر، بالقرب من مدينة سراقب بإدلب والجامع بين كل هذه الجرائم هو الأسلوب الاستخباراتي المعتمد فيها والذي يشبه أسلوب جهاز (الموساد) الصهيوني.‏

حجج وذرائع‏

خلال السنوات التالية من الحرب الإرهابية الكونية على سورية لم تتوقف عمليات الاغتيال بحق العلماء والباحثين والأكاديميين السوريين الذين يخدمون وطنهم بكل شرف وإخلاص ويرفضون إغراءات الهجرة ويتحدون قوائم العقوبات الأميركية والغربية، بل استشهد العديد منهم بالتزامن مع استهداف المنشآت العلمية والبحثية والأكاديمية كمركز جمرايا وبرزة ومصياف بالغارات الصاروخية الإسرائيلية والأميركية ومواقع ومنشآت أخرى، بحجح وذرائع واهية وكاذبة منها مسؤولية هذه المراكز عن إنتاج الأسلحة الكيماوية وما إلى ذلك من أضاليل متصلة بفبركات استخدام السلاح الكيماوي الذي تم التخلص منه بإشراف الأمم المتحدة بين عامي 2013 و2014، إلا أن الهدف الأساسي من هذه الاغتيالات كان ولا يزال إضعاف سورية وحرمانها من حقوقها المشروعة في تطوير نفسها والارتقاء بمؤسساتها العلمية والبحثية والأكاديمية وبما يعود بالخير والفائدة والنجاح والتقدم على شعبها وأمتها، ويساهم برفع معدلات النمو والرفاه والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية في المجالات كافة.‏

تعويض عن فشل‏

ومن الملاحظ أن الاغتيالات التي تستهدف العلماء والباحثين السوريين تزداد مع نجاحات الجيش العربي السوري في القضاء على الجماعات الإرهابية وتحرير واستعادة مناطق جديدة من سيطرتهم، حيث فرض الجيش مؤخراً سيطرته الكاملة على معظم المنطقة الجنوبية وخاصة المنطقة المتاخمة للجولان السوري المحتل طارداً منها كل أدوات المشروع الصهيوأميركي وهابي كداعش والنصرة وغيرها، ما شكّل فشلاً مزدوجاً لمحور العدوان في تنفيذ أجنداته التخريبية في هذه المنطقة، وفشل أدواته الإرهابية المجرمة في تحقيق ما يطلب منها، لتأتي جرائم استهداف العقول العلمية والأكاديمية كتعويض عن هذا الفشل الاستراتيجي الذي مني به المشروع الآخر.‏

ولا شك أن جزءاً من الأهداف التي يتوخاها المسؤولون عن عمليات الاغتيال هو حرمان سورية من أحد أهم نقاط قوتها أي العلماء والباحثين والأكاديميين، ودفع ما تبقى منهم للهجرة إلى خارج بلده بذريعة وجود خطر على حياتهم، وليس سراً أن الدول الغربية قد سهلت هجرة العقول السورية في السنوات الماضية في مقابل تلكؤها في قبول هجرة الناس العاديين، ما يؤكد أن الاستهداف هو خطة مبرمجة تشرف عليها جهات دولية.‏

ومنذ أول عملية اغتيال في الحرب على سورية، تم الكشف عن أن جبهة النصرة ولاحقاً داعش وأيضاً مجموعات من داخل ما يسمى (الجيش الحر)، تمتلك أجهزة اتصال ورصد حديثة مرتبطة بشكل مباشر مع الأقمار الصناعية، وتقاطعت تلك المعلومات مع ما قدمته المخابرات الروسية والصينية، وترافقت مع الكشف عن دور فاعل للموساد الإسرائيلي و(السي آي إيه) فيها، وتحديداً الدور الفاعل للجنرال الأميركي ريتشارد كليفلاند، في إدارة هذه العمليات، حيث كشفت المعلومات عن تدريب فرق خاصة مكلفة بالاغتيالات تحت إشراف المخابرات المركزية الأميركية، وتسللت تلك المجموعات إلى الداخل السوري عبر الحدود مع الأردن وعبر الحدود مع الجولان السوري المحتل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية