|
نوفوستي وأسواق المال أخذت تشهد بعض الاستقرار النسبي مع ان مظاهر الازمة مازالت تفعل فعلها اذ تضطر العديد من المصارف الكبرى إلى اعلان إفلاسها وخاصة في الولايات المتحدة . وتوصل صندوق النقد الدولي في المؤتمر الدولي للصندوق والبنك الدولي إلى نتيجة عقب الازمة انه لا بد من ان يأخذ صندوق النقد الدولي على عاتقه تفويضاً يمنحه صلاحيات اكبر في توجيه وقيادة الاقتصاد العالمي وكذلك في الشؤون المالية والقروض، والحقيقة انه من المشكوك فيه ان يوافق اكثرية اعضائه على هذا الاقتراح الذي سيتيح لصندوق النقد الدولي سلطة أوسع وكان مدير الصندوق دومينيك ستروس كان ، قد طرح في مؤتمر استنبول الذي عقد في 6- 7 تشرين الثاني الماضي موضوع اصلاح المنظومة المالية العالمية, معلنا ضرورة تحويل صندوق النقد الدولي الى صندوق التسليف الشامل كمرجع اخير واقترح في الوقت نفسه انشاء منظومة جماعية للضمان على اساس زيادة في وسائل صندوق النقد الدولي وهذا يقتضي زيادة دور صندوق النقد الدولي في الاقتصاد العالمي. فمدير صندوق النقد الدولي يريد ليس فقط منح الصندوق وظيفة تقديم القروض بل تقديم الضمانات ما يسمح للمشاركين اللجوء إليه في الأوقات الصعبة، وهذا في الواقع يوسع صلاحيات صندوق النقد الدولي خارج أطر وظيفته التقليدية كمانح للقروض العالمية الى مانح للقروض للاقتصاديات الضعيفة. فمثلا استطاع صندوق النقد الدولي انقاذ اقتصاد هنغاريا واوكرانيا من الانهيار التام عقب تأثرهما الشديد بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية وبطبيعة الحال كان الصندوق يقدم القروض لتلك الدول التي توافق على شروطه واملاءاتها التي تقف وراءها الولايات المتحدة ولكي يقوم بهذا الدور بشكل مناسب طالب مدير الصندوق بزيادة رصيد الصندوق بمبلغ اضافي وقدره ترليون دولار جديد ما يمكن الصندوق من مساعدة البلدان المنتسبة له في مواجهة اي ازمة مالية كبيرة مستقبلا كالازمة الراهنة، واذا ما قيض لهذا الاقتراح ان يرى النور فهذا يعني من حيث المنطق ان الدول المشاركة لن تكون بحاجة إلى توفير قرشها الأبيض إلى يومها الاسود لانها ستجد هذا القرش الابيض في ميزانية صندوق النقد الدولي . واذا ما وجدت اقتراحات ستروس التأييد فهذا يقود بالضرورة الى انخفاض الطلب على سندات القروض الامريكية التي تستخدمها الكثير من الدول كعملات احتياطية لديها، وبهذا الشكل فإن تدفق رأس المال في الولايات المتحدة قد ينخفض بحدة والانتقال الى استخدام عملات اخرى ربما ستساعد على ايجاد توازن نقدي في العالم. ولكن الاحتمال الاكثر امكانية ان صندوق النقد الدولي لن يحصل على الوسائل الضرورية لكي يصبح المقرض والضامن الشامل. ومن الصعب التوقع ان أعضاءه يمكن ان ينتظروا طويلا لكي يحصلوا على الترليون دولار اضافي تمكنه من ان يصبح المرجع الاخير في التسليف المالي العالمي الشامل. الدول النامية تريد اصلاحا اخر لصندوق النقد الدولي والمشكلة ايضا ان الاعضاء الـ186 لصندوق النقد الدولي غير مستعدين لمنح الصندوق سلطة اوسع، وحسب رأي الكثير من هؤلاء الاعضاء ان صندوق النقد الدولي يخضع لهيمنة عدد من الدول الاكثر غنى في العالم ويعمل لمافيه مصلحتها قبل كل شيء لذلك فان الدول ا لنامية والاقل تطورا تطالب بوجود ضمانات وذلك بمنحها اصواتا تتناسب مع عددها ومصالحها حتى يصبح الاصلاح واقعيا ، على سبيل المثال تمتلك المانيا 5.9٪ من الاصوات في الصندوق بينما الصين وهي دولة لا تقل مكانتها الاقتصادية والمالية عنها اذا لم تكن اقوى لا تمتلك سوى 3.7٪ من الاصوات. وحسب رأي الدول النامية اقتصاديا يجب اعادة توزيع الاصوات بشكل عادل لكي تكون وعود صندوق النقد الدولي واقعية وتطالب هذه الدول بسحب حق الفيتو الممنوح للولايات المتحدة الاميركية في اتخاذ قرارات صندوق النقد الدولي. وتطالب ايضا بتقليص عدد المديرين الاوروبيين في الصندوق ليصبحوا 4 فقط بينما الان يوجد 8 مديرين اوروبيين اضافة الى ذلك ان الكثير من دول جنوب شرق اسيا تتمتع بذاكرة جيدة وباتوا اليوم يعتمدون على عملاتهم الوطنية كاحتياطي في خزينتهم اكثر من اعتمادهم على العملة التي يتعامل بها صندوق النقد الدولي، وهم لم ينسوا بعد كارثة مايسمى النمور الاسيوية بعد سحب سندات الاقراض الاميركية من خزائنها مدة وجيزة والتي ادت الى ازمة حادة كادت تقودها الى الانهيار الكامل. واستفادوا من تجربتهم السابقة فالعديد من هذه الدول لم تربط اقتصادها ومصيرها بصندوق النقد الدولي لذلك استطاعت ان تتلافى تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة. |
|