|
شؤون سياسية فخلف قضبان أكثر من خمسة وعشرين سجناً يقبع نحو ثمانية آلاف أسير وأسيرة بينهم الآباء والأمهات، والأطفال والشيوخ الذين يعيشون حياة تفتقد أدنى الظروف المعيشية التي يمكن وصفها بالإنسانية ابتداءًَ من فراش النوم وحتى لقمة العيش. وتتنوع أصناف المعاناة التي يعيشها أسرى البحث عن الحرية، من جوانبها المادية كالاحتياجات والغذاء والصحة غيرها، وحتى الجوانب المعنوية والنفسية كالعزل سنوات والتفتيش العاري والإهانة وغيرها. وبالأمس اشتكى الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، من تعرضهم للتنكيل أثناء عمليات نقلهم من سجن إلى آخر، وقال مركز الأسرى للدراسات نقلاً عن أسرى فلسطينيين: إن سيارة النقل بين السجون تشكل رحلة عذاب لهم، وإن إدارة السجون لاتأبه بمطالب الأسرى للتخفيف من تلك المعاناة المستمرة على أكثر من صعيد. وذكر المركز في بيان أن الأسير يوضع مع سجناء جنائيين يهود وهو مقيد الأيدي والأرجل، وأضاف : إن الأسرى يمضون في سيارة النقل من سجن إلى آخر أكثر من 17 ساعة، رغم أن الطريق لاتحتاج إلا لساعتين فقط، وأوضح أن المعاناة الكبيرة هي أيضاً في ظروف التفتيش في أثناء التنقل والضرب المبرح بقصد الإيذاء ومنعهم من الصلاة والأكل. وتجدر الإشارة إلى وجود نمطين من السجون هما: السجون المركزية القديمة وهي: نفحة وعسقلان ومجدو وشطة والسبع والرملة وكفاريونا وهشارون، والسجون الجديدة التي افتتحت أو أعيد افتتاحها بعد اندلاع الانتفاضة وهي سجن حوارة والظاهرية و عوفر والمسكوبية والجلمة والدامون وسجن النقب. وطرأت على الأوضاع العامة للمعتقلين الفلسطينيين خلال السنوات السابقة للانتفاضة بعض المتغيرات، فقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين عند التوقيع على اتفاقية إعلان المبادىء الاسرائيلي - الفلسطيني اتفاق أوسلو الموقعة في واشنطن 13/9/1993 نحو 12500 أسير فلسطيني، وقد تعاملت الحكومة الاسرائيلية مع قضية الإفراج عن الأسرى من منطلقات مايسمى مبادرات حسن النية و وفق مقاييس اسرائيل الداخلية. كما بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين عند التوقيع على اتفاقية القاهرة غزة /أريحا الموقعة بتاريخ 4/5/1994 نحو 10500 أسير فلسطيني، وقد نصت المادة 20 تدابير تعزيز الثقة البند الأول على مايلي: لدى التوقيع على هذا الاتفاق تقوم اسرائيل بالإفراج أو تسليم السلطة الفلسطينية خلال مهلة خمس أسابيع حوالي 5000 معتقل وسجين فلسطيني من سكان الضفة وقطاع غزة والأشخاص الذين سيتم الإفراج عنهم سيكونون أحراراً في العودة إلى منازلهم في أي مكان من الضفة الغربية أو قطاع غزة والسجناء الذين يتم تسليمهم إلى السلطة الفلسطينية سيكونون ملزمين بالبقاء في قطاع غزة أو منطقة أريحا طيلة المدة المتبقية من مدة عقوبتهم، وقامت السلطات الإسرائيلية بإطلاق سراح 4450 معتقلاً منهم 550 إلى مدينة أريحا، ولم تلتزم اسرائيل بالإفراج عن العدد المتفق عليه، وأجبرت المفرج عنهم بالتوقيع على وثيقة تعهد بالامتناع عن كل أعمال الإرهاب والعنف، وهذا التعهد يعتبر خرقاً واضحاً للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تمنح الفرد حرية الرأي والتفكير والمعتقد السياسي وخاصة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت على «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل» وقد مارست سلطات الاحتلال أشكالاً مختلفة من الانتهاكات لحقوق الأسرى التي تعتبر انتهاكاً للقيم والقوانين الإنسانية والدولية، ومن أخطر تلك الممارسات: 1- إساءة المعاملة والتعذيب الجسدي والنفسي ومن أشكاله الحرمان من الطعام والشراب والحرمان من النوم لساعات طويلة وتسليط الإضاءة القوية على المعتقل مباشرة وحرمانه من قضاء حاجته وتغطية رأس المعتقل بغطاء ذي رائحة عفنة والحرق بأعقاب السجائر وسكب الماء البارد أو الساخن على المعتقل المجبر على الجلوس بأوضاع غير مريحة لفترات طويلة. 2- حرمان المعتقلين من زيارة الأهل والأقارب. 3- الحرمان من الرعاية الصحية، المماطلة في إخراج المعتقل إلى العيادة، عدم التقيد بصرف العلاجات الطبية اللازمة وفقاً لما تقرره طبيعة الحالة أو وصفة الطبيب، فالعلاج روتيني وهو عبارة عن حبة أكامول وشربة ماء أو نوع من المسكنات الأخرى. وحسب دراسة طبية، فإن عمليات رش الغاز المسيل للدموع بأنواعه المختلفة على المعتقلين وهم بداخل غرفهم وزنازينهم الضيقة والمزدحمة، يسبب لهم الإصابات بأمراض عديدة وخاصة الرئة والربو، ويتعرض المعتقلون سنوياً إلى الرش بالغاز والقنابل الصوتية بما معدله 15 مرة، وهذه الغازات الكيماوية تحمل السموم ويحرم استخدامها في أماكن مغلقة. وكشفت أوساط اسرائيلية عن أكثر من ألف تجربة طبية أجريت على المعتقلين دون علمهم، وهذه التجارب تقوم بها شركات أدوية إسرائيلية وعزت هذه الأوساط أسباب ارتفاع الحالات المرضية والإصابة بالتسمم في صفوف المعتقلين. لم تقف حالة الأسر عائقاً أمام استمرار الأسرى في مقاومتهم للاحتلال وسياساته القمعية، فقد نفذ الأسرى خلال الفترة المنصرمة من عمر الانتفاضة عدداً من الاعتصامات والإضرابات عن الطعام، وواجهوا سجانيهم بصلابة، وأبدوا تضامنهم مع إخوتهم المناضلين خارج السجون. وتشير تجربة الاعتقال إلى أن سياسات القمع الاسرائيلية المترافقة بانتهاكات للقوانين والأعراف الدولية والأخلاقية والإنسانية لم تكسر صلابة المعتقلين وتمسكهم بمقاومة الاحتلال ومواصلة الانتفاضة، وأن المعتقلات رغم قساوة ظروفها اللاإنسانية يحولها المعتقلون إلى ساحات للمقاومة. |
|