|
ترجمة ومناسبة دعائية تحتمل تمرير ما تريد أن توصله مراكز صنع السياسات الإسرائيلية للعالم وللمحيط الإقليمي، وتحديداً في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، ويمكن القول: إن اليمين القومي الصهيوني يسيطر على المؤتمر الذي وضع في مؤتمره الأول المداميك التي يرتكز عليها ما سمي أمن ومناعة الكيان الإسرائيلي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والعسكري وما إلى ذلك. أزمة استراتيجية وبحسب معاريف، خلافا للمؤتمرات التسعة السابقة حاول مؤتمر هرتسيليا العاشر المنعقد في الفترة ما بين 31/1/2009 و 4/2/2010 طرح مقاربة عن الأزمة الاستراتيجية التي يعيشها الكيان الإسرائيلي والمتمثلة في محدودية الخيارات الخارجية والداخلية وحالة عدم الثقة والوضوح الاستراتيجي، وهي انعكاسات لتداعيات الحرب العدوانية على لبنان في تموز 2006 مروراً بحرب الإبادة على غزة في نهاية عام 2008، وعدم قدرة إسرائيل على تحقيق أي أهداف سياسية في هاتين الحربين، وصولاً إلى حالة الإرباك في التعامل مع تقرير لجنة غولدستون، والطريق المسدود التي وصلت إليه المفاوضات على المسار الفلسطيني، والتهديدات المتواصلة للبنان، وحالة التوتر وتبادل التهديدات بين سورية وإسرائيل مؤخراً، إلى جانب ما اصطلح عليه إسرائيلياً بالملف النووي الإيراني الذي يتصدر قائمة الأولويات الإسرائيلية، غير ان خلاصة الرؤية الاستراتيجية التي يخرج بها هذا المؤتمر في كل عام تتمحور حول حقيقة مفادها أن الأمن فوق كل شيء. وكما في كل مؤتمر، شارك العديد من المسؤولين الرسميين الإسرائيليين، وكبار ضباط جيش الاحتلال وأشهر الخبراء والباحثين والمختصين بالشأن الأمني الإسرائيلي، وباحثين وسفراء أمريكيين وأوروبيين، وكانت مشاركة سلام فياض رئيس حكومة السلطة الفلسطينية امراً لافتاً في هذا المؤتمر والتي أخذت حيزا واسعا في الصحافة الإسرائيلية. فقد حدد رئيس المؤتمر الجنرال احتياط داني روتشيلد أهداف المؤتمر العاشر في «بحث التهديدات الداخلية والخارجية التي تحيط بإسرائيل عبر تحليل الوضع في المستقبل، وتقييم حال إسرائيل في السنوات الخمس القادمة، وفي بعض الملفات في العشرين عاماً القادمة وبحسب ما قاله الجنرال روتشيلد: فإن أبرز هذه التهديدات الخارجية هي التي تحيط بنا من الشمال، متمثلة في حزب الله (اللبناني)، وفي الجنوب حركة (المقاومة الإسلامية) حماس، وفي الشرق متمثلة (بإيران)، أما بالنسبة لتهديدات الداخل فهي أن دولة إسرائيل في القرن الـ21 لم تحسم بعد جوهرها (اليهودي) أو طبيعتها وقيمها، ومازالت تعيش في حالة قلق مستمر على وجودها، كما أنها تواجه قلقاً داخلياً بسبب ضغوط الحكومة الائتلافية والضرائب ومشكلة الخدمة العسكرية، وألقى الجنرال روتشيلد بهذه «التهديدات» إلى اليد الصهيونية، معتبراً أن الحركة الصهيونية هي الأقدر على تغيير وجه الواقع إذا ما جندت قواها للنظر إلى إسرائيل من الداخل، وأحدثت ثورة عميقة للنهضة ولضمان الإجماع على الهوية اليهودية لإسرائيل. نائب رئيس الأركان بيني غينتس، تحدث عن التهديدات التي تواجه إسرائيل، والمتمثلة بتحميل لبنان كدولة مسؤولية اندلاع أي مواجهات في الشمال. كما شن هجوماً عنيفاً على تقرير لجنة غولدستون ومن يقف على رأسها، وأشاد بالجهود المصرية لتضييق الخناق على قطاع غزة. وقال غينتس: إن سورية تعمل على تعزيز قواتها وتتزود بصواريخ بعيدة المدى. فيما تتيح الحكومة اللبنانية لحزب الله العمل في لبنان بحرية، لهذا نراها مسؤولة في حال اندلاع المواجهات. وعن قطاع غزة قال: إن عمليات التهريب تتواصل وحماس تواصل تعزيز سيطرتها على قطاع غزة. الحروب لتغيير النظرة الإسرائيلية وعن مصر قال غينتس، إنها تعمل بشكل جيد لمنع التهريب إلى قطاع غزة، فيما تستغل التنظيمات الفلسطينية كل فجوة ممكنة من أجل تهريب وسائل قتالية، ودعا غينتس إلى إعداد منظومة لتقديم المساعدات الإنسانية خلال الحروب لتغيير النظرة لإسرائيل، وذلك برأيه من أجل إقناع العالم أن الخصم يتحول من معتد إلى ضحية. أما عوزي أراد رئيس المؤتمر السابق ورئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل حالياً فقد قال فيما يتعلق بالمسار الفلسطيني: إن سياسة الرفض التي تنتهجها السلطة الفلسطينية هي السبب وراء تعثر مفاوضات السلام، إنهم (الفلسطينيون) يواصلون رفض التفاوض، هذا أمر مخيب للآمال محذراً من أن هذا الرفض سيكون مشكلة للفلسطينيين أنفسهم، ويشترط الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعودة إلى المفاوضة أن توقف إسرائيل الاستيطان تماماً في الضفة الغربية المحتلة، وفيها مدينة القدس الشرقية، وأضاف أراد: إن ما يقف في رأس المخاطر الاستراتيجية، التي تتهدّد الأمن القومي الإسرائيلي حالياً، هو أولاً، مشروع إيران النووي وتعاظم تسلح سورية. من جهته قال البرفسور ألكسندر بلي مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق والمحاضر في جامعة نوتردام الأمريكية: على الرغم من عدم وجود قدرة لسورية لمحونا من الخريطة، لكنهم قادرون على التسبب بأضرار كبيرة في الجبهة الداخلية ومدنها وبلداتها. أساس القوة السورية.. الصواريخ أما البروفيسور موشيه معوز، المتخصص في الشؤون السورية في الجامعة العبرية، فقد أبدى تأييده لأقوال بلي، مضيفاً إن سورية هي الأخرى ستتكبد خسائر كبيرة وإن أساس القوة السورية والتهديد الكبير هو الصواريخ طويلة المدى، لافتاً إلى أن للجيش الإسرائيلي تفوقاً استراتيجياً واضحاً لكن الحرب ستتسبب بخسائر كبيرة للطرفين، والصواريخ السورية ستصل لكل المدن الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي لن توقفها جميعها. وقال: الطرفان يعرفان أن الحرب ستتسبب بدمار متبادل، والحرب واردة فقط اذا هاجمت اسرائيل سورية أو في حال مواجهة بين ايران وإسرائيل، قد تتدحرج الأمور إلى حرب بمشاركة سورية. وإمكانية أخرى واردة أن تدخل سورية الحرب في حال هاجمت اسرائيل لبنان، وقد تنفذ سورية تهديدات وتدخل المواجهة، وخلص إلى القول: في الشرق الأوسط هناك كثير من التصريحات، لكن ليست هناك رغبة لدى أي طرف في شن حرب ستتسبب بأضرار جسيمة. وشدد الجنرال احتياط والبروفيسور أورن شحور على أقوال معوز، بأن الطرفين غير معنيين بحرب، وقللا من قدرة الصورايخ السورية بتدمير اسرائيل أو قدرتها على حسم الحرب مشيرين إلى أنها قد تتسبب بأضرار في الجبهة الداخلية، كالأضرار التي تسببت فيها صواريخ حزب الله وحماس. تآكل مكانة إسرائيل وأشار العديد من المشاركين في المؤتمر إلى أن إسرائيل تتعرض اليوم لأوسع هجوم في الحلبة الدولية، يبغي نزع الشرعية عنها. ودعوا الحكومة إلى التعاطي مع هذا التهديد كما تتعاطى مع أي تهديد استراتيجي لها، محذراً من أن اتساعه قد يجعل منه تهديداً وجودياً على إسرائيل. وأنه في ظل العزلة الدولية لإسرائيل، وحيال الجمود السياسي الحاصل، يتسع نطاق الحملة لنزع الشرعية عن إسرائيل كدولة يهودية. وقالوا: إن إسرائيل تتعرض لهجوم شامل من نزع الشرعية عنها على الصعد المختلفة وصل ذروته العام الماضي عبر تقرير غولدستون الذي حقق في انتهاكات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهكذا بلغ التآكل في مكانة إسرائيل في أماكن كثيرة من العالم مبلغ التشكيك في حقها في الوجود. وأشار بعض المتحدثين إلى أن شبكة من أفراد ومنظمات وجمعيات منتشرة في أرجاء العالم تتعاون معاً على خلفية أيديولوجية تقوم على نفي وجود إسرائيل وإظهارها دولة جرباء، محذرين من سيرورة انهيار حل الدولتين للشعبين، كإطار متفق عليه لحل النزاع الفلسطيني والإسرائيلي وتبلور حل الدولة الواحدة كإطار بديل جديد. وأضافوا: إن حل النزاع لن يوقف حملة نزع الشرعية عن إسرائيل بل ستبحث هذه الشبكة عن قضايا أخرى تعتمدها لمواصلة حملتها، ونعتقد أن القضية المقبلة ستكون مكانة المواطنين العرب فلسطينيي 1948. السفير الأميركي في إسرائيل، جيمس كنينغهام، الذي ألقى كلمة في المؤتمر، أكد أن الولايات المتحدة تقوم بإجراءات مضادة في مواجهة ما سماه حملة نزع الشرعية عن إسرائيل (وهو التعبير المتعارف عليه لتوصيف حملة الانتقاد الشديد لسياساتها الحربية) موضحاً أن من المهم أن يعترف العالم العربي بإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطيـة. نتنياهو.. لا مكان للضعفاء وكان نتنياهو قد ألقى كلمة في الجلسة الختامية في المؤتمر قال فيها: «بأن إسرائيل مستعدة لاستئناف المحادثات التي توقفت منذ اندلاع حرب غزة في كانون الأول 2008 دون شروط مسبقة». وأوضح: نحن ندخل عالماً مختلفاً حيث يتمتع المهاجم بأفضلية معينة... بمقدوره إطلاق صواريخ وهي ليست صواريخ من أجزاء معدنية تعمل بمحرك بدائي ووقود ومواد متفجرة.. وللرد على ذلك، نحن بحاجة إلى استثمارات.. استثمارات كبيرة جداً.. وأضاف: بمقدورنا فعل ذلك.. ولكن هذا بحاجة إلى الكثير من المال، وربط نتنياهو بين الأمن والاقتصاد والتربية وتعزيز الروح القتالية.. وقال: «لا مكان للضعفاء في هذه المساحة الجغرافية القاسية على حد وصفه».. معرباً عن قناعته بأن متطلبات إسرائيل العسكرية سوف تزداد طوال العقد القادم.. وأعتقد طوال العقدين القادمين.. قال نتنياهو وخلص إلى أن الاقتصاد القوي هو الضمانة لتلبية الاحتياجات الأمنية وكشف عما سماه بـإصلاحات ثورية في التنظيم والبناء وقال إنه سيتم قريباً عرض خطة بهذا الخصوص أمام الحكومة. |
|