|
مجتمع وأن ربعهم (26.2 في المائة) يخرجون أثناء ساعات الدوام لأكثر من ثلاث ساعات! ليس هذا فحسب، بل توصلت الدراسة، التي أجراها معهد الإدارة العامة في الرياض على القطاع العام، للدكتور صلاح المعيوف ود. محمد المهنا إلى أن 54 في المائة من العينة أفادوا أنهم يغادرون العمل قبل نهاية الدوام، لأسباب متعددة منها «شعورهم بالإرهاق من كثرة العمل» و«عدم وجود عمل أو قلته في المكتب»! والسؤال لماذا لايلتزم الموظفون بدوامهم؟ وما السبب وراء رغبتهم الدائمة بالهرب أو التأخرعن وظائفهم؟ وفي نفس الوقت نجد زملاء لهم يلتزمون ولا ينصرفون إلا بعد انتهاء الدوام المحدد؟ علما أن الوظيفة الحكومية هي المفضلة لدى الغالبية العظمى من الخريجين والخريجات ومختلف الباحثين عن فرصة عمل. الإجابة كما يراها الموظفون أن المؤسسات هي السبب، يقول السيد بهاء وهو موظف في ديوان احدى الوزارات، انني وزملائي الثلاثة لانقصر في عملنا وأي بريد يصلنا نسجله على الفور، ولو طلب منا أي شيء سنقوم به، ولاأفكر بالخروج من الوزارة الا اذا جلست لفترات طويلة دون مهمة محددة أقوم بها فقد أشعر بالملل خاصة عندما تزداد الساعات التي لايوجد بها ماأقوم به. ويقول المهندس ظافر: لايوجد ادارة سليمة للموارد البشرية فانا وزميلاتي الثلاث في قسم الأتمتة في المؤسسة وعندما يطلب منا أي عمل ننجزه بسرعة، ونقترح على الادارة مبادرات كتدريب موظفي الديوان والذاتية وأتمتة هذين القسمين، ومع ذلك الادارة بطيئة في اتخاذ القرارات، وتوزيع كل موظف حسب دراسته واختصاصه، اننا في هذا القسم نحن الثلاثة مهندسون وبقية الزملاء الخمسة يتوزعون بين حملة شهادة ثانوية ومعاهد متوسطة. ومن بين الذين استطلعت آراؤهم من يحب عمله ولايجد مبررا للموظف للاهمال. تقول انعام: رغم انني درست علم اجتماع الاأنني اعمل بالمحاسبة وقد تدربت على عملي بمفردي ورغم صعوبة العمل والمسؤولية الكبيرة ، الا أنني لااترك مابين يدي من حسابات حتى انهيها، و لو بقيت لما بعد نهاية الدوام، ويزداد تعلقي بعملي هذا عندما أجد زميلاتي الخريجات من لم تجد عملا حتى اليوم رغم مضي سنوات على تخرجنا، وعندما اجري مقارنة مع العمل في القطاع الخاص، ان قريبتي تعمل في أحد البنوك الخاصة والفرق واضح بين دوامينا ضعف ساعات عملي ورواتبنا متقاربة. بينما يعتبرها زميلها محظوظة لأنها وجدت وظيفة تناسب اهتمامها، فهو خريج حقوق وعندما تأمنت له فرصة عمل آمنة تمسك بها لكنها لاتناسب ميوله ولايزال يفكر بأنه ما زال هناك في الوقت متسع لتغيير الوظيفة والوصول الى قناعة زميلته. صحيح ان التوظيف في المؤسسات الحكومية جزء من دورها الاجتماعي، مما يراكم أعداداً قد لاتحتاجها تلك المؤسسات لكن عدم ادارة الموارد البشرية بالشكل الصحيح هو الذي يفاقم المشكلة، بالاضافة الى أسباب يذكرها المحللون الاقتصاديون والموظفون أنفسهم، وهي أن السياسة الاقتصادية تعلم على الكسل وهذا ما ذكره الأستاذ سمير سعيفان في محاضرته التي كانت بعنوان «الآثار الاجتماعية للسياسات الاقتصادية» . كما لايخفى أن النظام التعليمي لايقدم الى سوق العمل خريجين عندهم ريادة العمل، والقطاع الخاص لايزال مكانا غير آمن للعمل، ولايقوم بوظيفته الاجتماعية، فعدا عن تهربه من التأمين والضمان الصحي، هناك فرق الأجور ففي نفس المحاضرة المذكورة، قال الدكتور حيان سليمان في مداخلته : أنه وفق احصائيات 2009-2008 يبلغ متوسط الراتب في القطاع الحكومي سبع عشرة وستمائة ليرة سورية، بينما في القطاع الخاص خمسة آلاف وسبعمائة ليرة سورية. اذاً عندما يعمل الإنسان في مكان ينصفه ومجال يحبه لا يمكن أن يفكر بالهرب أثناء دوامه، بل على العكس نجده يبدع فيه. |
|