تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جوساكو في كتاب «هوامش من غزة 1956» مـاأشـبه اليــوم بالأمـس

ثقافة
الأحد 21-2-2010م
عن جون افريك - دلال ابراهيم

يسلط رسام الكاريكاتير، الصحفي الأميركي جوساكو الضوء في كتابه الذي صدر حديثاً في الولايات المتحدة بعنوان (هوامش من غزة 1956) على مذبحتين كبيرتين

تعرض لهما المدنيون في خان يونس ورفح إبان العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة عام 1956 وذلك على مساحة غطت 400 صفحة، عبر فيها صاحب الكتاب عن الأحداث من خلال رسوم كاريكاتيرية ليقدمها إلى أجيال ربما لاتهتم بقراءة الكتب أو التقارير الصحفية، هي عصارة تحقيقات صحفية قام بها ليضعها ضمن إطار خارج عن المألوف، وضمن أسلوب مميز.‏

وثمة عوامل عديدة أضفت على هذا الكتاب أهمية كبيرة، منها أنه يسلط الضوء على هاتين المذبحتين اللتين تغفو عنهما الذاكرة وسط المحن والتعقيدات الكثيرة التي يشهدها الصراع بين الطرفين منذ ذلك الحين، وجاء تحقيقاً صحفياً موثقاً بالرسوم الكاريكاتيرية للحدثين وماتلاهما عبر السنين.‏

يعترف جوساكو قائلاً: لا أعتبر نفسي، مراسلاً صحفياً أغطي الحروب، ولكننا عندما نتصفح كتابه، سنجد أنفسنا أمام مؤرخ بارع، قد تنسى الحكومات ووسائل الإعلام مثل تلك الأعمال الإجرامية المصنفة بأنها جرائم حرب، ولكن مثل هذا العمل الموثق يبقيها في ذاكرة المواطنين والإنسانية بشكل عام.‏

وفي لقاء أجرته معه مجلة جون افريك حكى ساكو عن بداية ولادة فكرة هذا العمل في رأسه، والتي تعود إلى عثوره، بمحض الصدفة، على وثيقة خاصة بالأمم المتحدة تشير إلى تلك الأحداث التي شهدتها غزة في ذلك التاريخ وسقط ضحيتها أكثر من 400 شخص (بعد إجراء بحث تأكدت أن أحداً لم يكتب عن هذا الموضوع والذي يعتبر أكثر من حادثة ولأنه كانت للحادثة روايتان متناقضتان قررت الاعتماد على الشهود في عملي، والتحدث إلى رواياتهم لأنهم هم من عايش الحدث، وعزمت على زيادة غزة أجول على المصادر وألتقي بالشهود، الذين واجهتهم بالوثائق التي بحوزتي مع توخي الموضوعية في عملي، لأنني هنا أعيد صياغة التاريخ.‏

وقمت بجمع صور أرشيفية جئت بها من تقارير عائدة للأمم المتحدة، ومقالات كتبت بهذا الخصوص، ورتبت تسلسلها لأرسم ما قرأت، وشاهدت وعشت وسمعت).‏

وانتهى ساكو إلى حقائق واقعية لاترقى إلى جمال الشك وهو تنفيذ اعدامات بلا محاكمة، وأعمال عنف لامبرر لها ووحشية تعسفية، ويعرض هنا ساكو روايات الشهود العيان دون أن يحذف التناقضات في رواياتهم أو إغفالاتهم بسبب عجز الذاكرة، فقد اختلطت على البعض التواريخ والبعض الآخر التفاصيل ولكن الجميع أجمع على العنف والقتل العشوائي.‏

وفي المقابلة ورداً على سؤال حول تعمده الإشارة في رسوماته على إجراء مقارنة و مقاربة بين غزة عام 1956 وغزة الآن، يقول ساكو: (كان هدفي يرتكز على جمع ما أمكن عن أحداث مضت، ولكن وعندما كنت هناك كنت مرغماً على أن أكون شاهداً على حقيقة وهي أنه وفي حين كان شهودي يروون لي أحداث عام 1956كنت ألحظ أنه وفي نفس الوقت كانت منازلهم مدمرة بفعل البلدوزرات الإسرائيلية، وهذه المقاربة بين الأمس واليوم تهدف إلى إظهار أن أولئك الذين عانوا من الآلام عام 1956مازالوا يعانون منها حتى الآن، إنها مآساة مستمرة والتاريخ لم يتوقف في فلسطين.‏

وكان الرسام الصحفي ساكو قد أصدر عام 1991 كتاب رسوم بعنوان (فلسطين) والآن وبعد مضي عشرين عاماً على إصداره لايرى ثمة تطوراً قد تشهده غزة طالما بقي الحصار قائماً.‏

أما لماذا يرسم ساكو نفسه مع هؤلاء الأشخاص في الكتاب، يقول: لكي يدرك المتصفح، والقارئ للكتاب حجم التأثير والانفعال الذي استشعرهما تجاه أولئك الذين أرسمهم في معاناتهم.‏

في الكتاب يعرض ساكو لقاء له مع الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، الذي كان يبلغ من العمر تسع سنوات في العام 1956 يصف فيه استشهاد عمه، يقول الرنتيسي مسترجعاً ذلك الحدث : لقد ترك جرحاً في قلبي لايمكن أن يندمل لقد زرعوا الكره في قلوبنا.‏

ويشير الكاتب إلى حادثة مشهورة بطلها وزير الحرب والخارجية الاسرائيلية الأسبق موشي دايان في أوائل عام 1956 في كلمة له ألقاها في جنازة أحد العسكريين الاسرائيليين، بداية تساءل دايان: ماهذه الكراهية المخيفة لنا؟ ثم أجاب بنفسه: الآن ولنحو ثماني سنوات يعيش الفلسطينيون في مخيمات في غزة وينظرون بعيونهم إلى أراضيهم وقراهم التي كانوا يعمرونها هم وأباؤهم والتي باتت لنا من أملاكنا، وهذا يدعونا إلى أن نكون مسلحين ومستعدين وقساة على الدوام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية