|
الافتتــاحية لم يكن المشهد يحتمل الكثير من التعليق أو التفسير وفيه ما هو أكبر من أي تعليق، وأوضح من أي تفسير.. كما لم يكن موقف السوريين بحاجة إلى شرح وقد استفاضوا فيه إلى حدٍّ غير مسبوق.. هكذا عبّر السوريون عن يقينهم بالشهادة والشهداء.. عن الذين يضحّون من أجل الوطن.. وكانت رسالة بلغة متقنة ومفردات معبّرة وجزلة. رسالة السوريين هذه تحوي أيضاً سطوراً وربما فصولاً كاملة لمن احترف القتل والإرهاب.. للذين يستهدفون السوريين في حياتهم ووجودهم.. لأولئك المتربصين بهم.. ولجميع الذين يديرون المخطط والمتورطين فيه، والمنفذين له. ندرك أن جرحنا كان كبيراً.. وأن دماءنا التي سالت كانت تعني كلّ السوريين، وندرك أيضاً أنها بتجلّياتها المختلفة تترجم ذلك الوجدان الذي يتشاركون فيه دون سواهم.. وأنها تعيد رسم خارطة انتمائهم.. ومساحة الوطن فيهم.. حقائق لم تكن تحتاج لمن يعبّر عنها.. ولا لمن يوضحها.. لكنه الشهيد في عيون الوطن.. والوحدة الوطنية في عيون أبنائه.. والوعي في وجدانهم.. ثالوث يطيب للسوريين أن يكون دائماً مفصلياً في حياتهم.. وفي علاقتهم في المحن كما هو في الصعاب.. في المفازات الصعبة كما هو في المراحل الخطيرة.. في المواجهة المحتدمة اليوم بأشكالها.. كما هو في الممانعة والصمود.. ما هو أوضح أن مدبّري المؤامرة ومخططيها ومنفذيها جاؤوا إلى المكان الخطأ واختاروا التوقيت الخطأ.. وأجروا الحسابات الخطأ.. كما عمدوا إلى تركيب المعادلة بشكل خطأ.. لم تُخِف يوماً السوريين أي مؤامرة.. لم ترهبهم أيادي الإرهاب وكانوا أول من تصدّى له ولرموزه وتنظيماته.. وكانوا الأقدر على اجتثاثه في الماضي، وهم كذلك اليوم مهما تعددت أشكاله.. ومهما تنوّعت مصادره، ومهما كثرت الأطراف والدول والقوى الداعمة له.. يؤلمهم.. هذا صحيح.. كانوا أمس واليوم وربما غداً يتحسّسون مواضع الوجع فيهم.. أيضاً هذا صحيح لكن الصحيح أيضاً أنهم سيكبرون على آلامهم.. وسيتغلبون على أوجاعهم.. هذه سيرتهم وهذا تاريخهم.. وهذا هو حاضرهم وعليه سيكون غدهم.. على امتداد أرض الوطن.. كانوا يتقاسمون تلك الآلام.. وعلى امتداده كانوا يرددون الكلمة والقسم والانتماء ذاته لم يصغوا إلى هرطقات المهزومين والعملاء.. ولا إلى التفسيرات المبتذلة لأولئك الخونة والمتآمرين.. وهم يدركون اليد التي طالت أمنهم.. يعرفونها جيداً.. ولهم معها مساحات كبرى من المواجهة.. ويتقنون فنون استئصالها الذي حان زمانه وتوقيته.. وعندما يحين الوقت والزمان.. فإن السوريين على عهدهم.. وعلى إيمانهم.. وعلى إرادتهم وثباتهم.. وغداً لنا كلمة أخرى.. |
|