تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في جديد هادي دانيال إلى الجيش العربي السوري: الشمس رايته والشام مهرته..

ثقافة
الأحد 18-8-2013
يمن سليمان عباس

كنورس مهاجر غادر أرضه وبحره ذات يوم آملاً أن يكون الإياب مكللاً بالغار، لأنه رفيق سلاح وشاعر الكلمة وابن سورية التي نذرت كل إمكاناتها للقضية.

الشاعر هادي دانيال من ربوع اللاذقية إلى ضفاف بيروت إلى رحلة الفينيق نحو تونس،‏

هادي دانيال الشاعر السوري الذي قدم في مسيرته الإبداعية أكثر من خمسين كتاباً توزعت بين الشعر والنقد والدراسات الفكرية والسياسية هذا النتاج ليس خارج هموم الأمة وقضاياها وكيف يكون غير مغمس بالهمّ الوطني والقومي والشاعر منذ نعومة أظفاره حمل البندقية مدافعاً عن الحق العربي.‏

في تونس حيث يقيم يحمل معه أريج بيارات الليمون وعنفوان السنديان وشموخ قاسيون وخضرة حقول القمح في أرضنا.‏

في مجموعته الجديدة الصادرة حديثاً في تونس وتحت عنوان عندما البلاد في الضباب والذئاب في جديده هذا عبق سورية وهمومها يعيش نبض ما يجري على أرضنا، فالبعد الجغرافي لم يحل دون أن ينبض القلب على وقع انتصارات وبطولات الجيش العربي السوري، ولهذا كانت قصيدته الأولى تحمل عنوان الشمس رايته والشام مهرته وهي مهداة إلى الجيش العربي السوري.‏

في هذا النص الملحمي تبدو مناقبية الجيش العربي السوري وشعاره الخالد أبداً وطن شرف إخلاص.‏

يقول:‏

الحمامة، من خربوا عشها‏

أودعت بيضها خوذته‏

والفراشة من طاردتها الخفافيش‏

يجذبها الضوء في شاربيه‏

وتغفو قليلاً على ياقته‏

والنسور إذا أتعبتها الذرا حلقت كي ترى‏

روحها فوق سيدارته‏

إنه يرتدي الأرض‏

أشجارها والتراب‏

كلما حدسه رصد الوحش خلق الحدود يضرضر‏

أو لمحت عينه من وراء الغيوم‏

الغراب‏

هكذا يتدرع بالماء والعشب‏

مقتحماً غابة النار‏

يسند بيتاً يهز أساساته قرض جرذ‏

وحين البلاد يباغتها الدود‏

من خلها‏

تنتحي جزمته‏

فالعدو عدو‏

هنا أو هنالك‏

هذا يداس وذاك يخر صريعاً‏

على صخرته‏

إنه جيشنا العربي الذي أذهل الكون‏

وهو يراوغ بين الفخاخ‏

ويحطم مرآة من رصوا‏

كعب آخيل فيه‏

إذا عصفت بالبلاد العواصف‏

سوّرها‏

بالدماء‏

وأدخلها خيمته‏

قنديل سورية‏

من زيته من دمها المضيء في الثريا‏

لا من ركام الجثث التي باركها الفقيه‏

الجائف الفكرة والسفيه‏

كي يجلب الضبع من الرمال أميركياً‏

والذئب من طوروس‏

أطلسياً‏

ويفضح الشاعر أولئك الذين يعيشون جاهلية ما قبلها وما بعدها من جاهلية، إنهم دعاة الدين وفقهاء المال والنفط الذين وظفوا كل ما عندهم لخدمة شيطان الغرب بفتاوى تكفير وذبح وتحت عنوان خرج بقضبان السجن يكتب قائلاً:‏

الفقيه المتلعثم بفتاوى الذبح الرمادية‏

ذلك الذي حجته على ملكية مستقبل البلاد والعباد‏

ما سلخه السجن والسجان من جَلَده وجِلدِه‏

ألقى بمطرقة يمينه ومنجل يساره إلى أرض السلف الصالح‏

فاستحالتا عقرب حبر وأفعى تصحر وطني‏

تستدعيان باللسع والفحيح من أبواق البدو ضباع الأطلسي وحفاري القبور‏

ذلك الفقيه الجديد‏

قبل أن يغادر الزنزانة غدرت به‏

ودخلت رأسه بقضبانها وظلامها‏

فأضحى يرى بعيني الصياصنة‏

ويفكر بجيب غليون‏

ويزعم شاكياً‏

أن الحاكم الذي لم يصبح وهابياً بعد‏

انتقم منه بكسر شاهدة قبر أمه‏

وهو الذي يتدفق في عروقه كالقطران المعتق‏

نشيد انتقام من الحياة‏

ويستطيع الشاعر أن يخرج من مشهد الدم الذي يمتد من الماء إلى الماء في كل الوطن العربي قتل وذبح وجرائم باسم الإله وإلى هذا الإله الذي يقتلون باسمه يتوجه الشاعر قائلاً:‏

يا إلهي‏

هل ترى كيف نذبح باسمك أنت؟‏

كيف أضحى مسيلمة الآن بوصلة المسلمين‏

كيف يصرف مال الحجيج إلى بيتك الآن‏

أسلحة عفّ عنها الجحيم الذي قد وصفت؟‏

فهل أدركت منذ بدء الخليقة هذا الهباء‏

حجارة سجيل، أم‏

يا إلهي الجميل‏

يكذبون عليك إذاً؟‏

خدعت بهم طروادة العرب‏

صنع اليسار حصانها من رغوة الخطب‏

وأتى اليمين بجوفه حكاً على جرب‏

لكننا أسوار سورية‏

جمر البلاد إذا استبيح أديمها‏

ورجالها في كل منقلب‏

الشمس في أعماقنا سطعت‏

إن أطفئت من حولها‏

الشعب‏

وحلب شقيقة دمشق وثغر الشام الذي حماه سيف الدولة من الروم وأذاقهم ذل الهزيمة، حلب اليوم في عين العاصفة جاءها شذاذ الآفاق من كل حدب وصوب خربوا تراثها وأرادوا النيل منها لكنها باقية باقية، حلب صهيل فرسان وموائد شعراء وحلب هي الباقية يقول دانيال:‏

ماذا تبقى من حلب‏

ودماء أهليها تجاوزت الركب؟‏

بقي الزمان بتاجه‏

بقيت قلوب من ذهب‏

بقيت قدود من نسيم الروح‏

تنفخ في رماد الجابري فينطرب‏

بقي الصباح كواكبياً ناهضاً بنهاره‏

بقيت دماء كليبر الثأر الذي من أجله مرسين أباح دماءنا‏

كي يدفئ الكرسي‏

لكنه لم يدر أن بني سليمان‏

بنو حمدان‏

أن النار من ذاك اللهب‏

ماذا تبقى من حلب؟‏

بقيت عنا قيد الغضب‏

خلاصة القول‏

هو حبر الإبداع النازف كما دماء الوطن لا يستطيع أن يكون حرفاً إلاّ إذا حمل الآمال والآلام وهادي دانيال لا يحتاج شهادة أحد في هذا المجال فهو المبدع الذي في جعبته ما يشهد له كما أسلفنا في مجال الشعر والدراسات والنقد.‏

Yomn.abbas@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية