|
ثقافة وإذا حاولنا استشراق الآتي، فما المجالات الثقافية التي يمكن أن يعيها الازدهار، أو الاندثار وهل نملك توقعين لا غير وهما: الأصولية الثقافية والعولمة الثقافية وهنا سوف تكتشف أن أزمتنا الثقافية في الوطن العربي هي أزمة مثقفين بكسر القاف. وكفى بحافظ ابراهيم يلخص جوهر المشكلة في بيته المشهور قائلاً على لسان اللغة العربية وأنا أستشهد بالبيت على لسان الثقافة. ولقد ساهمت العولمة في تعزيز المنذرين بانتهاء عصر الثقافة العربية فلا مجال في عصر العولمة من جهة نظرهم المتون والشروحات والتصانيف الشعرية والقواميس مملوءة بالحركات الرياضية الأشداق والأسس فهذه جميعها لا تجيز روادها ولوج (عصر العولمة) العصر الفائق للسرعة السريعة لنقل المعلومات. وعملاء العولمة من المفكرين يستشعرون كيف أزالت العولمة من التراث الأوروبي كل الحشو، وألبست ثقافتها لباس العصر وعجنت من دقيق قدماء مفكريها طعاماً سائغاً لأبنائها وأبناء أبنائها في شكل موسوعات كمبيوترية جذابة ففتحوا شهية أبنائهم نحو تراثهم، أما نحن المثقفين العرب فالتقينا بأن نقف على أطلال تراثنا نشق الجيوب نقلب حالنا، واكتفينا أخيراً بالتنبؤ وكأننا ننتظر مخلصاً أو مخلصين يأتون لنا بالبشارة السماوية (بثقافة المن والسلوى والسلوى العربية) وشرع الكثير من مثقفينا في قراءة كف الثقافة وكتابة الأحجبة والوصفات الطبية هروباً من مستوياتهم الثقافية. ووقف أكثر مفكرينا ومثقفينا عاجزين إزاء الشائعة المصاحبة للعولمة وهي أن هناك ثقافة واحدة فقط في عالم اليوم وهي الثقافة التقدمية (العولمة) وكل ثقافة أخرى، تسلك ضمن (الرجعية والتقهقر) فلا خيار إذن أمام المثقفين إما أن يكونوا مثقفين عولميين أو تقدميين.. وإما (رجعيين متخلفين). إن أمام ثقافتنا العربية طريقين الطريق الأول أن تخضع صاغرة نايلة إلى بيت الطاعة العولمي وتصبح (ثقافة وظيفية) مهجنة خالية من (باعثات للتفكير والإبداع) تؤشر فقط نحو أزياء أصحابها ومواقعهم وفي هذه الحالة سيظهر (المثقف القشري العربي)، وهذا الطريق سيولد جيلاً عربياً مثقفاً ثقافة تشويهية ناقصة. والطريق الثاني هو طريق الثقافة التقليدية (الاتباعية) وأنصار هذا الطريق سيتقيدون من الخلخلة النفسية الناتجة عن العولمة والتي تصب بشكل مباشر (الجيل العربي الفض)، ومعظم مبشري هذا الطريق ليسوا مثقفين بل محبطون، يائسون، لم يجدوا لأنفسهم مكاناً في قطار الحياة فمزجوا الثقافة العربية المتفشية بالمفاهيم الخاطئة، واستفادوا من حالة الأمية العربية المستفيضة، بين المثقفين وحصروا ثقافاتهم المزعومة، في حجم محفوظاتهم مما سلف، وهذه الطائفة ليست حالة ثقافية عربية ولكنها حالة ثقافية انتقالية وهو ناتج عن الإحباط، واستشرف بأن قرناً آخر سيمر دون أن نتمكن من صياغة (مستقبل ثقافي عربي نهضوي). |
|