تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وسائل الاتصال و قيم اليافعين..

مجتمع
الاثنين 9-1-2012
منال السماك

يؤثر المجتمع ومؤسساته فيما يحمله الفرد من قيم واتجاهات، خاصة في ظل مانشهده من ثورة معلوماتية تعد من أخطر الثورات التي تواجه الإنسانية، حيث تزايد المعلومات وسرعة تدفقها وسهولة تداولها،

ونتيجة لهذه التيارات الثقافية المتنوعة، يتعرض الناشئة واليافعون إلى التأثر من حيث السلوك والقيم، ويمكن القول إن كل الإيديولوجيات المتصارعة في عالمنا اليوم، تبذل أقصى جهودها، لاستهداف قيم الناشئة عبر الأنترنت والتلفزيون..‏

تأثيرات سلبية وأخرى إيجابية لهذه الوسائل الحديثة، وبخاصة التلفزيون فإن كان هناك دور في زيادة المخزون المعرفي والثقافي لدى اليافعين فماذا عن تكوين القيم الاجتماعية والأخلاقية؟.‏

جزء من التنشئة الاجتماعية‏

تشير الاختصاصية التربوية، الدكتورة منى كشيك بالقول: إن لوسائل الاتصال تأثيراً على القيم والاتجاهات، حيث أصبحت الفضائيات والأنترنت جزءاً متكاملاً من الحياة اليومية للأفراد، فهي تعبرعن قيم وأحكام مرتبطة بالمعلومات والمعارف، فيعمل الاتصال الجماهيري على تزويد المجتمع بأساس واسع من المعايير الاجتماعية المشتركة من القيم والخبرات، وهذا يعين الأفراد على الاندماج في المجتمع عبرتعرضهم لهذه القيم الاجتماعية، ومن جانب آخر يمكن لوسائل الاتصال أن تساعد أيضاً في عملية تنشئة اليافعين بتقديم قيم اجتماعية جديدة، وتحقيق تغيرات في المعايير الاجتماعية لهم.‏

قيم تترسخ مع التكرار‏

وللتلفزيون دور هام في تكوين القيم لدى الناشئين، حيث هناك تأثير كامن يستمر مدة طويلة، نتيجة للتأثير التراكمي للأفلام والبرامج المتتالية، ومع التكرار يترسخ ويتعمق، مايترك بصماته واضحة على شخصية الأبناء واليافعين، إذا ماتكررت القيم نفسها في برامج متتالية، وخاصة إذا كان ذلك بأسلوب درامي يثير العواطف ويرتبط بالاهتمامات والحاجات المباشرة.‏

وهذا ما أكدت عليه الكثير من البحوث العلمية والملاحظات الدقيقة ويتبدى ذلك في السلوك العدواني والجوانب المعرفية والتعلم والتنشئة الاجتماعية، وتزداد قوة هذا التأثير عندما يكون الناشئ في مرحلة عمرية تساعد على حدوث هذا التأثير.‏

بعض المتفائلين من أنصار التلفزيون يقول: ربما يكون له أكثر من جانب إيجابي، فهو يسهم في تعرية عيوب المجتمع، ويحفز المسؤولين على معالجة بعض المشكلات القائمة ويخدم العائلة، إذ شملهم حول الشاشة الصغيرة في أكثر الأوقات، ويرى آخرون أن له فوائد في مجالات التوعية الصحية والسياسية والتربوية والدينية والإعلام والاقتصاد والخدمات الاجتماعية المتعددة.‏

تأثيره يفوق البرامج الدراسية‏

وترى د. كشيك أن التلفزيون وسيلة جيدة إذا ما أُحسن استخدامه، فكونه إحدى وسائل التنشئة الاجتماعية فهو يؤثر في المعتقدات والقيم وتعزيزها، حيث نجد أن متوسط عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام التلفزيون تكاد تقترب من عدد الساعات التي يقضيها في فصول الدراسة، كما نجد أن تأثيرها يفوق مايتلقاه من خلال البرامج الدراسية والتربوية، إذ تُغلف الموضوعات التي تعرضها شاشة التلفزيون، بجو من الإثارة والترغيب، مايكون له أثر كبير في عمليات التطبيع الاجتماعي وتدعيم القيم الإيجابية للجميع.‏

مراعاة المعايير الاجتماعية السائدة‏

وختمت د. كشيك حديثها بالقول: إن معظم برامج التلفزيون الموجهة نحو فئة اليافعين، غالباً ماتكون أهدافها واعية ومدروسة، تقدم النصائح والإرشادات وهذا الكم المتنوع من البرامج يشكل مصدراً من مصادر قولبة الشخصية وتكوينها، تكويناً إيجابياً أو سلبياً، بفعل مضمونها ورسالتها، وهذا الكم الهائل من البرامج في حال عدم مراعاته للمعايير الأخلاقية السائدة، يؤدي إلى حدوث خلل في القيم الاجتماعية والسياسية والدينية، فبعض مايعرض منها أحياناً يتضمن تناقضاً وصراعاً حاداً، يجعل اليافعين يشككون في بعض مايشاهدونه لأنها تعرض أموراً تخالف القيم التي نشؤوا عليها في أسرهم ومجتمعهم، وهذا للأسف قد يؤدي إلى حالة من الصراع والإحباط، وهذا مالانريده بالتأكيد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية