|
تحقيقات هل ذلك متعلق بمضمون أنشطة الجمعية, والتي يتبدى أبرزها بموسم المحاضرات السنوي الذي يتناول مجموعة من المواضيع بعضها حديث الساعة وبعضها الآخر رؤية مستقبلية, ومروراً بالندوات الحوارية وورشات العمل التي تنظمها? ولماذا لا تمارس جمعية العلوم الاقتصادية دورها كاملاً كواحدة من مؤسسات المجتمع المدني في سورية? وتتوسع في عملية توعية الفكر الاقتصادي وتصنع بالمقابل شريحة واسعة من المواطنين قادرة على الحوار وخاصة الأفكار والبرامج التي تطرحها الحكومة والوزارات المتعلقة بالصناعة والزراعة والتجارة والخدمات وغيرها..? والسؤال الآخر, هذا الكم الكبير من المهام, هل يقع على عاتق مجلس إدارة الجمعية فقط? أم أن هناك اعباء ومهام مطلوبة وبشكل كبير من اعضاء الهيئة العامة المنتسبين للجمعية, وخاصة اولئك العاملين في الوزارات والإدارات المختلفة, وليس في طرحهم لمواضيع مختلفة تحتاج لسماع رأي الآخر, أي حرج يصيب موقعهم وعملهم الوظيفي والمهني. بل هي عملية مشاركة لجميع المهتمين في الادلاء برأيهم لعل فيهم مصيباً, وهي أيضاً عملية نقل للمواطنين من خندق المتلقي إلى خندق آخر هو خندق المحاور والمشارك. ** د. الزعيم:التجاوب متباين .. والحبل لم ينقطع د. سماق:سوق عكاظ .. ولاتأثير مباشراً على القرار الاقتصادي ..!! أ. القلاع:الجمعية ليست طرفاً محاوراً للحكومة ** في الآونة الأخيرة بدأنا نسمع عن خلافات بين اعضاء مجلس إدارة هذه الجمعية, حتى إن الأقاويل وصلت إلى حد قول إن ندوة الثلاثاء الاقتصادية قد توقفت أيضاً. لكن سرعان ما خرجت تصاريح من اعضاء مجلس إدارة هذه الجمعية تقول إنه لا صحة لتلك الأقاويل وهي مجرد إشاعات وأن ندوات الثلاثاء الاقتصادية مستمرة بعامها العشرين وفترة انقطاعها لأسبوعين كان نتيجة الأعياد. وربما هنا أركز على دور ندوة الثلاثاء الاقتصادية والتي طرح من خلالها أهم المواضيع الاقتصادية التي تمس الشأن الاقتصادي في سورية, والتي كان يحاضر فيها وبالطبع لا يزال كبار المحللين الاقتصاديين (البعض منهم كان بموقع السلطة) والآخر ناضل كثيراً حتى وصل من خلالها إلى موقع السلطة ثم توقف عن حضورها لأسباب لا ندري ما هي?! وجمعية العلوم الاقتصادية كما يقول الأستاذ محمد غسان القلاع عضو مجلس إدارة الجمعية هي واحدة من جمعيات المجتمع الأهلي في سورية, وقد تنادى عدد من العاملين في الحقل الاقتصادي عام 1965 وقاموا بتأسيس هذه الجمعية وبترخيص من الحكومة, وهي كجمعية الحقوقيين وغيرها من الجمعيات, تضم في اعضائها كافة الاطياف والاتجاهات الفكرية الاقتصادية. وهي تبحث في أعمالها وندواتها الأمور والمواضيع الاقتصادية المطروحة على الساحة وكافة المواضيع التي تقدم, هي على مسؤولية أصحابها وهي قابلة للحوار والنقاش, ولكل مشارك الحرية في أن يؤيد مضمون البحث أو يخالفه ويعارضه, وله أن يناقشه, ولكن ليس لأحد أن يتجاهل أو يتجاوز المواضيع المطروحة, ويضيف أنها تعنى بنشر الفكر والوعي الاقتصادي في المجتمع. ويرى الأستاذ القلاع أن ندوة الثلاثاء الاقتصادية في عمرها العشرين قد أثارت الكثير من المواضيع كالأمن الغذائي والاصلاح المالي والضريبي والاصلاح الإداري والاقتصادي بالإضافة إلى اتفاقات الشراكة وغيرها الكثير. وبالتالي كان لها تأثير بالقرار الاقتصادي, ومما لا شك فيه أن جهات القرار الاقتصادي كانت من بين المحاضرين أحياناً أو المستمعين أو القارئين أحياناً أخرى, وهي بذلك أثرت أو أوضحت للقرار بشكل أو بآخر. واعتبر القلاع أن الجمعية ليست طرفاً محاوراً للحكومة, فهي جهة تقدم أفكاراً وآراءً, كما يقدمها أصحابها وللحكومة الاستئناس بها أو تركها, ولم تتخذ الحكومة يوماً موقفاً تضع فيه جمعية العلوم الاقتصادية طرفاً محاوراً. ويرى أن ندوة الثلاثاء الاقتصادية ما زال لها حضورها الكثيف ولكن ما تغير أن البعض يحضر حسب الموضوع المطروح, أو أن وقتهم لم يعد يسمح بالحضور, ويبقى الحضور كثيفاً وملحوظاً عندما تكون المواضيع المطروحة ساخنة, بالإضافة إلى عزوف الكثيرين عن القراءة والاستماع وانصرافهم إلى المشاهدة عبر وسائل الاعلام الأخرى. ولم يتفق معنا بأن هناك الكثير ممن يدعون التحليل الاقتصادي أو بالأحرى ناضلوا كثيراً حتى وصلوا إلى مواقع السلطة من خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادية, فهو لا يريد تقييم الأشخاص فكل منهم يحمل مؤهلاً علمياً عالياً, وله رأي وفكر ومن حقه أن يحاضر ويحاور ويناقش, وإذا أصبح بعضهم في مواقع حكومية فإن ذلك بسبب مؤهلاته واختيارهم لم يكن عبر جمعية العلوم الاقتصادية فكثير منهم له مؤلفات ومقالات وأبحاث, أما عن غيابهم عن بعض المحاضرات فلا شك أن لهم عذرهم وهذا من شأنهم. معلومات عن جمعية العلوم الاقتصادية - تأسست عام .1965 - جمعية أهلية غير ربحية. - من منشوراتها: ندوات الثلاثاء الاقتصادية منذ عشرين عاماً. نشرة التواصل وهي نشرة غير دورية خاصة بالاعضاء. المنتسبون إليها حتماً من خريجي الاقتصاد وليس هناك شرط بالتوجه الخاص بهم. أول اجتماع للهيئة العامة عقد في مقر خريجي المعاهد التجارية بدمشق كان في أواخر عام 1967 أي بعد سنتين من تاريخ تأسيس الجمعية وإشهارها. أول رئيس مجلس إدارة للجمعية كان الدكتور عدنان شومان, بقي حتى منتصف عام 1967 بعد ذلك طلب إعفاءه من رئاسة المجلس بسبب تعاقده مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومغادرته سورية في أول شهر آب عام .1967 - وانتخب الدكتور هشام متولي رئيساً للجمعية عام 1967 - يترأسها حالياً الدكتور عصام الزعيم. - عدد الأعضاء المنتسبين للجمعية حوالي 1200 عضو - تعقد اجتماعاتها الدورية كل أسبوعين جديدها: - اعداد أول تقرير اقتصادي لها منذ أربعين عاماً يناقش من خلاله كافة القضايا الاقتصادية التي طرحت في ندوة الثلاثاء الاقتصادية بالاضافة إلى تقييم الوضع الاقتصادي من وجهة نظر الجمعية. - انتقال مقر محاضرات الثلاثاء الاقتصادية من مكتبة الأسد إلى المركز الثقافي بالمزة نتيجة اصلاحات في قاعة المحاضرات بالمكتبة اعتباراً من 6/3/.2007 - وعد من وزيرة العمل بإيجاد مقر جديد للجمعية بدلاً من القبو الحالي في شارع العابد بالقرب من المطعم الصحي. بينما وصفها الدكتور محمد توفيق سماق بأنها سوق عكاظ الاقتصادي من خلال ندوتها الأسبوعية. ورأى أن لا تأثير مباشراً لجمعية العلوم الاقتصادية على القرار الاقتصادي أو حتى على برنامج الاصلاح الاقتصادي. وربما تكون فرصة لتبادل الرأي والحوار المباشر, ولتأكيد الذات والتنافس , وهذا بحد ذاته شيء إيجابي. ولم يشعر يوماً ومن خلال متابعته لندوة الثلاثاء الاقتصادية وكونه عضواً في جمعية العلوم الاقتصادية أن الجمعية طرف مباشر في الحوار مع الحكومة ويبدو أن ندوة الثلاثاء الاقتصادية قد أصاب حضورها الملل وهذا حسب رأيه عائد إلى تكرار الموضوعات والمنهج الفكري الذي يستخدم. فمن خلال اطلاعه على ما ينشر , لا يرى إلا نبرة المعارض والمعارضة هنا بهدف المعارضة فقط, وبالأخص عندما تكون الظاهرة الاقتصادية لا تعجب البعض. وللأسف يقول سماق: إن أولئك لا يطرحون البديل , وإذا طرحت البدائل فهي نادرة وغير قابلة للتطبيق أغلب الظن, والأمر الآخر أنهم بعيدون عن عملية صنع القرار, وبالتالي تبقى معلوماتهم نظرية وليسوا قادرين على تقديم حلول ناجعة. لابد ونحن نتحدث عن جمعية العلوم الاقتصادية أن نتوقف مع رئيسها الحالي والمحاضر الذي واظب على إلقاء العديد من المحاضرات القيمة في ندوة الثلاثاء الاقتصادية, الدكتور عصام الزعيم. الدكتور عصام الزعيم له فلسفة خاصة فهو يرى أن الجمعية مارست ما تمارسه وتمارس دوراً مهماً في الحياة الاقتصادية ( الوطنية) وفي الحوار الاقتصادي وفي بلورة الوعي الاقتصادي, وعلى حد كبير في صنع القرار الاقتصادي والتأثير عليه. وهو ينطلق من كون جمعية العلوم الاقتصادية نشأت بالأساس متماهية مع الدولة, وكان مؤسسوها وقادتها الأوائل مسؤولين في الحكومة وبالتالي هذا التماهي بين إدارة الجمعية والمسؤولية القيادية ( الوزارية) في الحياة الاقتصادية الوطنية ساهم في ذلك وسهل في نشوء الجمعية. لكن بالمقابل ,لابد لجمعية العلوم الاقتصادية الخروج من هذا التماهي أن تستقل بنفسها وهذا بمصلحة الجمعية مثل ما هو بمصلحة الدولة, لأن المحاور يجب أن يتمتع بالاستقلال. وهذا جعل الجمعية تنجح باستقطاب أهم العناصر الاقتصادية في البلاد فهي ليست محصورة بالنخبة بل هي مفتوحة تضم المئات المقترنة بالنوعية المتميزة. والواقع أن جمعية العلوم الاقتصادية أخذت وجها مستقلاً وواضحاً في نهاية الثمانينات وبداية الستعينيات وهذا لم يأت من فراغ أو مفاجأة وإنما جاء نتيجة تطور زمني, لذلك يمكن القول إنها شكلت لنفسها كياناً تحاول تعزيزه وتستقل عن الدولة دون أن تنقطع عن الأوساط ذات القرار الاقتصادي, وقد شغل العديد من الوزراء السابقين مواقع مهمة في الجمعية. يقول الدكتور الزعيم إن جمعية العلوم الاقتصادية بدأت تهتم بأنشطة غير علمية وأخذت دور الجمعية السكنية التي تقوم بتأمين السكن لأعضائها وهذا برأيه عزز دورها وكان ايجابيا لأن هناك الكثير من الاقتصاديين يعانون من أزمة في السكن. على كل الأحوال فإن جمعية العلوم الاقتصادية بدأت من خلال ندوتها الاقتصادية كل يوم ثلاثاء ومنذ عشرين عاماً اجتهادات مكنت من فتح الحوار وتعدد الآراء وهذا انعكس في بنيتها التنظيمية ( التعددية الفكرية- الاقتصادية) من خلال مجلس إدارتها. يرى الزعيم أن ندوة الثلاثاء الاقتصادية تحريضية على العمل العلمي في سورية فنحن نعاني من غياب مؤسسات البحث الاقتصادي فالهيئة الوطنية للبحث العلمي تأسست منذ أشهر والميدان الوحيد الذي يشكل تحديا لكل محاضر هي ندوة الثلاثاء الاقتصادية, ناهيك عن انها تحد للجمهور ايضا فهي تثير لديهم رد فعل بين التأييد والرفض. وبالتالي جمعية العلوم الاقتصادية واجهت تحديا كبيرا وهو إلى أي مدى أو حد نستطيع أن نسمح بالرأي الآخر? وإلى أي مدى يمكن أن يذهب الرأي الآخر بنقد الحكومة? وإلى أي مدى يمكن أن يكون هناك حديث شفاف عن القضايا الاقتصادية الحيوية التي تمس المواطن?. رئيس جمعية العلوم الاقتصادية يرى أنها أفلحت في بعض منها لكن ذلك لم يخل من تهويل لدى بعض المعارضين بالإضافة إلى استعجال الشباب الذين يريدون التغيير في زمانهم وفي بداية حياتهم, لكن الأمر الصحيح الوحيد للجمعية أنها استوعبت التعددية بكافة أشكالها. إذا هناك تغيرات في السياسة الاقتصادية في سورية هي من أوجدت مناخا جديدا وتحديات جديدة في تحمل درجات متباينة بشدة في النقد والمعارضة والشطط. الزعيم يؤكد أن لا تدخل من الحكومة على الاطلاق بجمعية العلوم الاقتصادية فقد تمكنت من التعايش مع الدولة,وخلق مناخ ديمقراطي وكانت المخاض للأفكار الجديدة التي تتلقاها الدولة وهذا يعكس نفوذا للجمعية,وحتى الآن التجاوب متباين والحبل لم ينقطع. لكن بالمقابل الجمعية مطالبة بالمزيد من التطوير في أدائها الاقتصادي وطروحاتها. وبالأخص إن تقييم الأداء الاقتصادي من قبل جمعية العلوم الاقتصادية يختلف تماما عن تقييم الدولة للوضع الاقتصادي . بالمقابل يوضح الزعيم أننا نفتقد للحوار الصريح والخلاف الصحيح ونحتاج إلى مزيد من الدقة,وعندما نعارض ننطلق من دوافع وطنية لأن الحوار والخلاف يوصلان إلى مزيد من الدقة. أخيرا:نرى أن ثمة ظاهرة تدعو للقلق تتجلى في الطريقة التي يتعاطى فيها المهتمون والمعنيون بالشأن الاقتصادي في سورية. |
|