تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أولمرت.. بين مطرقة الهزيمة وسندان الانكسار!

شؤون سياسية
الاربعاء 7/2/2007
حكمت فاكه

مر أحد عشر رئيس حكومة على إسرائيل منذ قيامها, لكن لم تصل شعبية أي أحد منهم إلى الحضيض كما هو عليه الحال

مع رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت, الذي مر على وجوده عام ونيف في رئاسة الحكومة الإسرائيلية التي تسلمها في شهر كانون الثاني من عام .2006 وبهذه المناسبة تناولت الصحف الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بالمتابعة والتحليل هذه الفترة الزمنية القصيرة من حكمه للتدليل على فشله كرئيس للوزراء, حيث أكدت هذه الصحف على أن ضربة الحظ والصدفة هي التي جعلت منه رئيساً للوزراء, عندما أوقع المرض سلفه شارون بشكل مفاجئ في كانون أول عام 2005 عندما أصيب بشلل دماغي, فأصبح أولمرت وقتها رئيساً فعليا للحكومة, وجرى تبكير موعد الانتخابات لتثبيته رئيساً للحكومة.‏

وبالرغم من انتخاب الإسرائيليين رئيساً لحكومتهم, فقد عبر أغلبهم خلال استطلاعات للرأي تم إجراؤها بعد تشكيل الحكومة الائتلافية مع ( حزب العمل) عن وجود جانب لا يريحهم في شخصيته وهو افتقاره للقوة والتأثير اللذين تمتع بهما أسلافه في رئاسة الحكومة.‏

فمنذ بداية عمله كرئيس للوزراء, واجه أولمرت عدة امتحانات صعبة لم يكن يتصورها, بدأت بقرار حركة ( المقاومة الاسلامية حماس) خوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية وفوزها بها وبعدئذ تشكيلها للحكومة. وجاءت بعدها العمليتان الجريئتان للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية حيث أسرت الأولى الجندي الإسرائيلي- جلعاد شاليط- بينما أسرت الثانية جنديين آخرين.وهنا وقع أولمرت في كمين السياسة الإسرائيلية التقليدية فأعلن الحرب على لبنان وغزة ودمرهما وقتل من قتل, لكنه فشل في تحقيق أهدافه في العدوانين, فوضع نفسه في مساءلات لجان التحقيق, وهكذا تزعزعت مكانة أولمرت وبات ينظر اليه كقائد فاشل وضعيف.‏

وفي الوقت نفسه, ورث أولمرت سلسلة فضائح مالية وجنسية وسياسية عصفت بإسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل, حيث يكشف يومياً عن تورط عدد كبير من كبار المسؤولين والوزراء بفضائح متعددة, ففي آخر استطلاع للرأي أكد 77 بالمئة من الإسرائيليين عدم رضاهم عن حكومة أولمرت, حيث أشارت صحيفة - يديعوت أحرونوت- في افتتاحية تحت عنوان ( سطو وانكسار) إلى أن تفجر الكثير من الفضائح التي طالت مختلف دوائر صناعة القرار الإسرائيلية لا يترك مكانا لاستغراب عمق أزمة الثقة بين - الشعب- وسلطاته, بينما ربط ( يسرائيل هارئيل) المعلق السياسي في صحيفة -هآرتس- بين تفشي وباء الفساد في المرافق العامة الإسرائيلية وبين ضعف الجيش منذ العدوان على لبنان, لافتاً النظر إلى تجذر ثقافة الصمت على الأخطاء, والتهرب من تحمل المسؤوليات.‏

بل إن - سوفر بلو تسكر- المحرر الاقتصادي لصحيفة -يديعوت أحرونوت- اعتبر أن إسرائيل هوت إلى القاع متسائلا:(أين نجد دولة سليمة في العالم, يعتقل فيها رؤساء السلطات الضريبية ويحاكم وزير القضاء, ويجري التحقيق في قضايا مالية شائكة مع رئيس الحكومة ووزير المالية, ويفتح ملفاً بعد الآخر للكثير من قياديي الدولة?) ومن جهته, رأى الصحافي-بن كسبيت- المعلق السياسي في صحيفة-معاريف- أن (الدولة عفنة من الأساس ومن القاعدة حتى الرأس وأن العفن يكتنفها ويتغلغل في كل مكان) معتبرا أن إسرائيل أمام انهيار مفاجئ وتلاش كامل للمبنى كله, ووفقا للكاتب الإسرائيلي- أوري بلاي- فإن أولمرت هو ( من أكثر رؤساء الحكومات في إسرائيل الذين جرى التحقيق معهم) وإن الملفات التي فتحت له أغلقت في فترات عديدة, ويعيد -بلاي- ما يعتبره ضعفا في شخصية أولمرت إلى نمو عادات يظهر فيها حباً للطعام والمطاعم والفنادق الفخمة والبذخ والترف.‏

وهنا يجب ألا ننسى خطورة قيام أولمرت بضم - أفيغدور ليبرمان- رئيس حزب -إسرائيل بيتنا- إلى الحكومة, حيث يتفق المحللون الإسرائيليون قبل غيرهم على أن تلك الخطوة لا تعود فقط إلى قوة - ليبرمان- ومواقفه العنصرية المتطرفة, بل إلى ضعف الجهاز السياسي الإسرائيلي الغارف في الفساد والخاضع لإملاءات واشنطن, فإدخال - ليبرمان- إلى الحكومة كسر محورها الرئيسي الذي جمع حزبي -كاديما والعمل- وشكل تحالفا محوريا جوهريا يضم أولمرت وليبرمان, فمنذ تولي أولمرت رئاسة الحكومة وهو يتلقى الضربات, ولاسيما من الرأي العام الإسرائيلي, بمعنى أن ترتيبه في الحزب أصبح ثالثا وليس ثانيا.‏

لقد توقع عدد من المحللين الإسرائيليين, منذ أن اختار شارون أولمرت نائبا له, ألا يصمد الأخير وأن يفشل حين يصبح رئيسا للحكومة, فهو لايملك الكاريزما التي تؤهله لتولي منصب حساس حتى أن البعض توقع أن يتخبط في حديثه ويصرح بأمور دون إدراك منه لخطورتها وهو ما حصل أخيرا مرتين, الأولى عندما نشر الموقع الالكتروني لصحيفة -يديعوت احرونوت- في الآونة الأخيرة قال فيه أولمرت: إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ( أشجع رجل في العالم) بعد أن قال إن نصر الله:( رغم أنه زعيم منظمة- إرهابية- إلا أنه أشجع رجل في العالم, ولايهاب شيئا, ويعمل للمستقبل بشكل شجاع ومحنك).‏

وثانيا: عندما كرر ( أن إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي تدخل السلاح النووي إلى المنطقة) في محاولة لتصحيح ما اعتبر التباسا ورد في حديث تلفزيوني له وأثار جدلا كبيرا في إسرائيل, حيث شمل إسرائيل في لائحة الدول التي تمتلك الأسلحة النووية, بل إن وزير البنى التحتية- بن يامين بن أليعازر- أوصى بالتزام الصمت حيال القضية النووية قائلا:‏

( أوصي كل الذين يريدون مواصلة الحديث عن هذه القضية بالكف عن ذلك باسم الله وباسم أمن إسرائيل).‏

أساسا تكمن خطورة الأمر في أن برنامج حكومة أولمرت اعتمد على - خطة الانفصال - عن غزة - وخطة الانطواء- في الضفة الغربية.‏

ومنذ فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان, بقي - البرنامج- دون أجندة سياسية كما أن اشتعال الجبهة مع غزة وفي جنوب لبنان, بعد الانسحاب من كلا الموقعين, أقنع المجتمع الإسرائيلي بفشل نهج الانسحابات أحادية الجانب دون اتفاق مع الفلسطينيين, وهو ما يؤشر إلى مزيد من العنصرية والتشدد في إسرائيل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية