تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقافة التأصيلية في مواجهة العولمة

كتب
الاربعاء 7/2/2007
أيمن الغزالي

نحو ثقافة تأصيلية هو الكتاب الأول للكاتب الفلسطيني محمد محمود شاويش والمتضمن (البيان التأصيلي) بالمعنى والنظرية.

ورغم أن الكتاب مقّسم إلى فصول متناولاً في كل فصل قضية مفصولة عن الأخرى إلاّ أن القاسم المشترك هو (التأصيلية).‏

يتساءل المؤلف في مقدمة كتابه هذا وهو يرى الإنسان العربي إذ يجد نفسه في نهايات القرن العشرين في وضع عجيب, حيث لا زال يطرح على نفسه نفس الأسئلة التي طرحها على نفسه مع بداية القرن الماضي (القرن العشرين).‏

وبغض النظر عن السؤال وماهيته وسواء تعلق بالحرية أم بالخبز أو النفط فلا بد أن يكون مرجعية كل هذه المشكلات عائد إلى التدخلات الغربية في الشؤون العربية الداخلية والخارجية, كُلٌ حسب درجة مصالحه وتحالفاته الإقليمية والأممية ويربط الكاتب الأمر كله ويوجزه بسؤالين مهمين في هذا المجال‏

السؤال الأول: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم إذ ينطوي تحت هذا السؤال أفضلية الغير لأنه السابق وتخلف الأول لأنهم متأخرون كما أنه ينطوي في الوقت نفسه على اشتقاق آخر للسؤال وهو ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين?‏

السؤال الثاني: يحدد من خلاله المسلمين كذات والغير كموضوع ومن هنا تم الإيهام في الظل بتصوير ذلك الغير كخاسر وبالتالي ومن منطلق الإجابة على هذين السؤالين جعل كل هموم المنطقة برمتها خلال العقود الماضية هو اللحاق بالغرب لأنه المتقدم وهذا ما يسمى (بالأجوبة التغريبية) التي تستسهل الإلغاء والاعتراف بالتقدم والتطور دون معرفة أسباب الانحطاط أو أسباب التقدم بالنسبة للغير واللجوء إلى الأجوبة الجاهزة ولهذا نشأ مقابلها (الجواب التأصيلي)‏

والذي لا يأخذ بالتقدم عبرة لأنه لا يمثل ذاته. ويقصد هنا (بالتغريبي) تغييب الذات حيث إن كل الحداثيين والإسلاميين يريدون أن يقضوا على الذات التقليدية لصالح مشروع تخيلي ويريدونها بذلك الارتهان (ذاتاً أوروبية مسلمة) والأمر غير ذلك, ينطلق بذلك المؤلف من فكرة المشروعية التي هي الوعاء الحامل لمفهوم التأصيل في كل الاتجاهات والعلوم المشروعية والتجديد المنطقيين والواقعيين اللذان ينشأن نشأة طبيعية داخل تربة طبيعية من داخل ثقافة متكاملة ومتماسكة حية في أنفس أهلها تنبع من قيمهم وتراثهم وتاريخيهم وفنونهم وحضارتهم, دون اللجوء إلى تغييب هذا التاريخ بحجة تخلفه وأنه لا يلائم العصر وكأن الغرب هم المسؤولون عن وضع المقاييس والموازيين للتخلف والتقدم. إضافة إلى مفهومها.‏

هذا الاستسلام والاستلاب جعل المسؤولية أكبر في ظل نمو إيديولوجيات عربية تأسست منذ فترة طويلة وأصبح لها تأثيرها القوي والفاعل في النفوس العربية وداخل المجتمع والبيئة.‏

ومن خلال هذا التمهيد يحاول الكاتب المقاربة اللغوية لبيان مفهوم (التأصيلية) فيقول هي : (... صوت الذين لا صوت لهم وهي بهذا الشكل تأخذ على عاتقها وبمضمونها مهمة أخلاقية وهي إزالة الاستلاب الثقافي والحضاري لأن القبول بهذا الاستلاب يعني اعترافاً ضمنياً بدونية الذات الحضارية وحتى يتم توضيح المفهوم بشكل أكبر تم الفصل بين (التأصيلية والأصولية) حيث يبين الكاتب بأن التأصيلية هي الذات الاجتماعية والثقافية, والأصولية هي (الحجاب الشرعي) الذي يراد به باطل ويفصله عن المجتمع بكل شيء.‏

لكن بالنهاية تبدو (التأصيلية) من وجهة نظر الكاتب هي تميز الذات الثقافية والحضارية العربية الإسلامية متجاوزة بذلك هذا الموقف إلى الجدل السياسي والتزامها بالمجتمع الأهلي, هذا المجتمع المغُيب في ساحة القرار السياسي والثقافي والاجتماعي عربياً والذي تلجأ إليه دائماً القوى والتكتلات والأحزاب السياسية للدفاع عنها وما أن تنال مرادها حتى تدوس عليه وتعبر.‏

الكتاب: نحو ثقافة تأصيلية‏

المؤلف: محمد محمود شاويش‏

القطع المتوسط: 272 صفحة‏

الناشر: دار نينوى دمشق‏

الدار العربية للعلوم بيروت‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية