تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكثر من امرأة .. في امرأة

آراء
الاربعاء 7/2/2007
بسام كوسا

ضمن هذا الخراب المدهش في أرواحنا , وهذا الاضطراب الصريح في مفردات حياتنا , يأتيك أحدٌ ما ويمد يده لك مقدماً المساعدة من

حيث لا تدري حتى لو كانت هذه المساعدة عبر قصيدة شعر , أو لوحة في إطار , أو منحوتة في فراغ بهيّ , أو عبر أغنية عذبة , أو رواية تفتح لك أبواب الاحتمالات ..‏

ريم حبيب في روايتها (أكثر من امرأة) قدمت صوتاً روائياً جديداً وجاداً عبر عملها الذي يتقاطع فيه الشخصي مع العام ضمن حالة من البوح الوجداني المرصوف بأناقة ومتانة .‏

امرأة استطاعت طرق أبواب المسكوت عنه , وكشف الغطاء عن المستور والموروث . هذا المؤلم الأنيق الذي تعانيه المرأة في حياتنا دون الارتكان إلى العويل والاستجداء والبكائية المجانية .‏

ألمٌ تختص به الفارسات حصراً .‏

إنه ألم المحاولة , والرغبة , والفشل .‏

ألم الحب ورغبة الإبداع .‏

ألم تكبيل الروح بأِنشوطة المفاهيم .‏

ألم من أحب قسراً , وتزوج قسراً , وأنجب قسراً , وحلم قسراً .‏

إنه ألم الحياة قسراً وجبراً .‏

لقد استطاعت الكاتبة (ريم حبيب) أن تروي مكنونات جيلها , المليئات توقاً للحياة , الفاعلات حتى الرمق الأخير . لقد استطاعت أن تذهب إلى معادلة أخرى وهي أن تهدم وتحطم , لا أن تتصالح .. وهذا شكل من أشكال البناء , إنسانياً وثقافياً وحضارياً . أن تحطم ما هو هزيل , ومتداع , وفخور , لإعادة البناء بشكل صحي .‏

عمل روائي متين من السرد واللغة مع بساطة عميقة لا إدعاء فيها واستعراض للملكات . إنه غوص لذيذ في جسم الألم .‏

( كانت تنبطح لساعاتٍ أمامي , وهي تلقمني مشاعرها , كل شيء كان مملاً إلى حد الضجر , كنت أريدها غامضة يلفها الضباب , فأحتاج إلى بوصلة لترشدني إلى متاهاتها , كنت أريدها أن تبتلعني دون سبب سوى أنها تريد ذلك , أن تداهمني فتغزوني حتى الاستسلام , كم تمنيت أن يأكل أحدنا الآخر فلا نترك إلا القليل من فتات أجسادنا لكي يعلم من سيبحث عنا بأن لأجسادنا مذاقاً طيباً , انظري إلينا كلينا , لم يتغير ولم ينقص منا شيء , وهذا دليل كافٍ على أن مذاقنا كان سيئاً ) .‏

ريم حبيب .. شكراً لأنك مددت لنا يداً صادقة ندية , عبر نتاجك هذا .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية