|
ملاذ للمواد الاستهلاكية اليومية من الخضار والفواكه وغيرها حيث تراجعت أسعار تلك المواد فعلياً بعد أن انفلتت من عقالها وهاجت وماجت, وخلال فترة زمنية وجيزة من التصعيد الحكومي في هجوم أدبي عنيف على السوق وأربابه الذين أطالوا من أصابعهم لتمتد إلى مواد استهلاكية وغذائية كثيرة فوضعوها على راحة كفهم قبل أن تبدأ تلك الأصابع باللعب في نار الأسعار حتى أوقدتها شرّ اتقاد بينما وجدت تلك الأسر السورية المستورة نفسها أنها قد استقرت على كف عفريت وصارت عرضة للتهتك والعري, ولأشباح الفقر والفاقة والعوز أكثر مما هي عليه أصلاً. الحكومة انتفضت فعلاً وأعلنتها صراحة أنها تقف إلى جانب تلك الأسر محدودة الدخل ولابد إلا وأن تتدخل لصالحها حتى وإن أودى هذا التدخل بمفاهيم اقتصاد السوق الاجتماعي التي دأبت من أجل تحقيقه وترجمته على الأرض معلنة أنها مستعدة للتراجع في هذا المضمار واتباع الأساليب القديمة. غير أن الحكومة قالت في الوقت ذاته إنها سوف تحاول تطويق هذه الأزمة تطويقاً اقتصادياً في البداية قبل أن تعتزم التطويق القمعي وبلاهوادة. (الإخوة) التجار فهموا الرسالة على ما يبدو واكتفوا إلى هذا الحد لأنهم يدركون جيداً ما الذي يعنيه عدم اقتناع الحكومة بجدوى وفاعلية التطويق الاقتصادي ولجوئها إلى التطويق الآخر, ويبدو أن مجرد التلويح بالتطويق أو الحل الاقتصادي وإن كان ولابد تنفيذ رمزي له, استطاع وإلى حد كبير أن يرخي بظلاله, ويحفر بصماته على السوق سريعاً, وهذا أمر من الطبيعي أن يكون من سمات الحكومات القوية والواقع دعونا نعترف بأن حكومتنا ليست قوية فحسب وإنما هي أكثر من قوية وهي أيضاً حاسمة وصارمة, ولا تعتقدوا أن هذا الأمر يغيب عن أذهاننا عندما نتوجه إليها بالنقد أو حتى بالتهجم, فنحن ندرك أن قوتها تؤهلها لأن تسكت ولأن يكون صدرها رحباً متقبلاً للنقد وللرأي الآخر ولا تسكت من قبيل الضعف إطلاقاً. بكل الأحوال فإن مجرد إعلان الحكومة عن نواياها استطاع هذا الإعلان أن يعيد السوق إلى هداه وتوازنه وهذا يضعنا أمام تساؤلات وأمام اتهامات لهذه الحكومة دون أن يغيب أي شيء عن أذهاننا تجاه إبطائها في مبادراتها المأمولة نحو تحسين الواقع المعيشي للأسرة السورية, فالذي لم نعد قادرين على مجرد الشك فيه هو أنها قادرة على حل معضلات البطالة وزيادة الرواتب غير الممولة للتضخم إن أرادت ذلك ولكننا نحتار لماذا لا تريد ونحتار أيضاً لماذا نحبها أحياناً رغم امتعاضنا الشديد من بعض تصرفاتها ومن إبطائها في اتخاذ قرارات منتظرة ?!. |
|