|
خارج السرب ومنها على سبيل المثال لا الحصر ثقافة النميمة,وثقافة النفاق وثقافة الخلاص الفردي وثقافة الفساد وغيرها ... فإن تحدثنا عن الفساد وانعكاساته نسمع من يقول لنا إنه ظاهرة عالمية. وإن أشرنا إلى النميمة وآثارها السيئة على العمل وعلاقاته,ويقال لنا إنها ظاهرة إنسانية. وإن كتبنا عن النفاق وكيف انتشر في مؤسساتنا العامة خصوصا,نجد من يبرر لنا ذلك بالقول إنه موجود منذ أن كان البشر!. وإن تحاورنا عن عادة الطعن بالظهر سنجد من يفلسف لنا الأمر ويبرره بشكل ما. كذلك فإن ظاهرة سعي الآخرين للتملص من مسؤولياتهم والإيقاع بغيرهم في محاولة لخلاصهم الفردي باتت إحدى الظواهر السلبية المتفشية في الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة معا,والتي قد نجد من يجد لها المبررات الانسانية أو الوظيفية. ومجمل هذه الظواهر وغيرها لم يعد محصورا بقطاع أو شريحة أو جهة,بل تكاد تكون عامة ولا نعتقد أنه بالإمكان القول إن إحداها أقل أو أكثر خطورة على مجتمعاتنا من غيرها,بل هي تتلاقى وتتعاضد وتخدم كل منها الأخرى بشكل أو بآخر,وربما تؤسس الواحدة منها للأخرى عند ذات الشخص فمن انغرست في نفسه ثقافة النميمة يمارس النفاق والطعن بالآخر وهو بشكل ما يمارس نوعا من أنواع الفساد!. لذلك وإن كنت أنوي الحديث في هذه الزاوية عن ثقافة الخلاص الفردي,لكنني لا أستطيع فصلها عما أشرت إليه من ثقافات سلبية تقود الواحدة منها إلى الأخرى أو تتفرع عنها أو تتلاقى معها! إن من يتهرب من تحمل مسؤولية خلل أو تقصير فردا كان أم فريقا لم يعد يكتفي اليوم بالقول إنه غير مسؤول عن الخطأ بل يبحث عن آخر أو آخرين يحملهم المسؤولية كأنما دائما في كل خطأ أو خلل مطلوب كبش فداء يعملون سكاكينهم فيه ليس للنجاة من العقاب فقط بل ليشار إليهم بأنهم أبطال إصلاح ومحاسبة,ويساعدون في وضع حد للإهمال والتسيب والفساد بتحميل المسؤولية لآخرين!! أي آخرين قد لا يكون لهم حول ولا قوة فتتم محاسبتهم أو محاسبته ومعاقبته وربما إنهاؤه وظيفيا دون أن يرف لهم جفن,طالما أنهم نجوا بأنفسهم من المشكلة,أو الورطة,أو المأزق,وأظهروا أنفسهم أمام أصحاب القرار على أنهم أبطال إصلاح وهذا يستدعي منهم بالطبع قدرة على الكذب والنفاق والمزايدة,وادعاءات غير مقنعة بالحرص على المصلحة العامة,وإضافة أو اختراع صفحات سود في حياة وعمل وعلاقات الضحية أو الضحايا واتهامات ليست موجودة إلا في خيالاتهم الخصبة التي لا هم لها سوى خلاصها الفردي ولو على حساب الآخرين. وهنا لا يهم السؤال عن نشر مثل هذه الثقافات ولا عن الأثر السلبي لهذه الثقافات على حياتنا وعملنا وعلاقاتنا ومستقبلنا بل المهم برأينا هو كيف نبني أجيالا تتحمل المسؤلية وتعترف بالخطأ إن أخطأت,وتملك القدرة على الاعتذار إن أساءت,بل وتترك موقعها إن فشلت,ولا يكون همها التملق والتسلق ولو على جثث الابرياء والمزايدة من أجل الظهور. كيف نبني أجيالا قادرة على المواجهة والحوار وتقبل الاختلاف ?وكيف نتخلص من الكثير من الثقافات السائدة في مجتمعنا ? أسئلة تطرح نفسها بقوة ونحن نرى ما نرى,ونسمع ما نسمع,ولا حول لنا ولا قوة!!. |
|