|
إضاءات إن ما يؤيد وجهة النظر تلك هو ما يشهده العالم هذه الأيام من صراعات وأزمات ترخي بظلالها على دول العالم ويحاول البعض إدخالها في أطر ايديولوجية أو اخلاقية أو ربطها بما يرتبه القانون الدولي والمنظمات الدولية وما يسمى حقوق الانسان من التزامات على دول العالم، فلو كان الأمر كذلك لكان الحراك الدولي بكل آلياته يتمحور في دائرة خريطة الفقر الدولية الممتدة من وسط إفريقيا عبر قوسين يمتدان غربا وشرقاً لا حيث آبار النفط وحقول الغاز وخطوط نقله وتسويقه، فها هي تقارير المنظمات الدولية المعنية بالتنمية البشرية تحذر صباح مساء من المجاعة التي تجتاح الكثير من دول العالم وتودي بحياة مئات الآلاف من الأطفال الذين يتضورون جوعاً، ناهيك عن الملايين الذين لا تتوفر لهم الحدود الدنيا من متطلبات الحياة الإنسانية. إن العولمة المتوحشة التي أصابت شرورها أكثر سكان المعمورة بما فيها دول المركز الرأسمالي بدأت تكشر عن أنيابها وتشن الحروب والفتن في أكثر من مكان من العالم لأنها تجد في الحروب البيئة المثالية للاستثمار، حيث تنتعش تجارة السلاح ومافيات تهريبه وتسويقه وهنا تصبح الحروب ضرورة وحاجة لها وخمود نيرانها موت بطيء وإفلاس للرأسمالية المتوحشة. لقد كانت أكثر شعوب العالم فقراً وما زالت ضحية خداع عالمي قادته ومهدت له نخب فكرية وسياسية ترتبط عضوياً مع مراكز رأس المال استثمرت في الأفكار والمفاهيم التي أطلقت العنان للنهضة الأوروبية الحديثة، مستغلة الفروق الحضارية بين الشعوب وممعنة في نهب ثروات دول العالم الثالث تاركة إياها تتخبط في مربع الفقر والجهل والمرض والاستبداد، وها هي اليوم تريد إعادة الكرة بعد أن استنفدت وقودها الحضاري متخذة من مقولاتها الكاذبة من حرية وديمقراطية وحقوق الإنسان وسيلة لنهب الشعوب ذاتها ولكن عبر حروب بينية وفتن طائفية توفر لتلك القوى الاستعمارية فرصة أخرى لإعادة السيطرة عليها عبر استبداد ثالث تقوده قوى تتسلل إلى مواقع السلطة بديمقراطية زائفة تدفع للواجهة السياسية قوى كانت تاريخياً الحليف والرديف لها. إن آلة النهب وامتصاص خيرات الشعوب ومصادرة مستقبل أبنائها لن تتوانى في كل لحظة تاريخية عن ممارسة ما اعتادته من سلوك وجدت فيه الوسيلة لبقائها في الرتل المتقدم في المسار الحضاري، وهي في سعيها المحموم هذا لن تتوانى عن استخدام كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتحقيق ذلك الهدف سواء كان شن الحروب المباشرة وغير المباشرة أم إثارة النزاعات والتوترات في أكثر من مكان في العالم وخاصة منطقتنا التي كانت دائماً في دائرة الاستهداف الغربي لما تمتلكه من ثروات وما تختزنه من طاقات واعدة ومخزون حضاري رائع، وهذا يرتب على أبنائها جميعاً استشعار ذلك الخطر وعدم الوقوع في شراك العدو وما يحوكه من مؤامرات أو يركبه من موجات محاولاً خداعها مرة أخرى وبنفس العناوين السابقة مستهتراً بذاكرتها الجمعية، وضارباً عرض الحائط بإرادة أبنائها ورغبتهم العيش بحرية وكرامة. |
|