|
دراسات هذا في الوقت الذي يتزامن فيه مع تلويح البعض بإجراءات «دولية» عقابية جديدة ضد السودان من جهة ومع انشغال السودانيين رئيساً وقوى سياسية على اختلافها بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في نيسان القادم من جهة ثانية. ينص قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر في الرابع من آذار الماضي عام 2009 على إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور دعا إلى إصدارها المدعي العام الأرجنتيني لويس أوكابو الذي طالب أيضاً في تموز الماضي بضم تهمة الإبادة الجماعية إلى مذكرة التوقيف. وجاء قرار قضاة المحكمة الابتدائية في محكمة الجنايات الدولية القاضي بعدم توجيه تهمة الإبادة الجماعية للرئيس البشير معاكساً لرؤية أوكامبو وغيره من قضاة الاسئتناف الذين طالبوا زملاءهم في المحكمة الابتدائية بإعادة النظر في قرارهم حول سحب قضية الإبادة الجماعية من ملف الاتهام، إذ أعلن قاضي الاستئناف في محكمة الجنايات الدولية الفنلندي أركي كورولا: «إن غرفة الاستئناف تأمر باتخاذ قرار جديد بالاعتماد على «مبدأ» حسن سير العدالة بالنسبة إلى معيار الإثبات أن قرار المحكمة الابتدائية تضمن خطأ قانونياً». ورغم أهمية الخلاف بين دائرة الاستئناف وقضاة المحكمة الابتدائية الذي يؤكد التباينات والتناقضات في أروقة محكمة الجنايات الدولية حول إسقاط تهمة الإبادة الجماعية وتأثرها بالمواقف الدولية وبأهدافها من هذه المذكرة وتداعياتها أيضاً فإنه لابد من الإشارة إلى أن قرار محكمة الاستئناف يظهر حقيقة موقفها من المذكرة أولاً ويتزامن مع توجهات أمريكية ثانياً، ويأتي في وقت يستعد فيه السودانيون للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في شهر نيسان القادم ثالثاً، وبالتالي محاولة التدخل في حيثياتها والتأثير في طبيعة نتائجها أيضاً. إذ هدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه السنوي عن حال الاتحاد قبل أيام قليلة ثم في مقابلات مع مجلات أمريكية مهمة (لاحظ قبل قرار محكمة الاستئناف بيومين) السودان بعقوبات جديدة «دولية» مالم يلتزم بقرارات محكمة الجنايات الدولية ويتوصل إلى حلول لأزمة دارفور وتطبيق القانون والديمقراطية في تعاطيها مع الملف الدارفوري، ويتعاطى إيجاباً مع التوجهات «الدولية». (نود التذكير بأن الرئيس أوباما تجاهل تماماً في خطابه الشرق الأوسط والصراع العربي- الإسرائيلي)، ولذا ينظر بكثير من التساؤل والقلق تجاه خطاب أوباما وتصريحاته من جهة وتزامنه مع قرار محكمة الاستئناف لمحكمة الجنايات الدولية من جهة أخرى. هذا في الوقت الذي ينشغل فيه السودانيون من الحزب الحاكم إلى أحزاب المعارضة على اختلاف توجهاتها، فضلاً عن الرموز والقوى المناطقية بالانتخابات القادمة التي ستتأثر من دون شك بهذه الإجراءات والتصريحات الأجنبية الخارجية «المنشغلة» بالهم السوداني. كما تأتي هذه التهديدات وهذه الإجراءات «القانونية» في الوقت الذي تواصلت فيه لقاءات الدوحة بين وفدي الحكومة وقوى التمرد الدارفوري والحوارات بين الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الوطني) والحركة الشعبية لتحرير السودان حول الانتخابات والهم الوطني السوداني عموماً والعلاقات بين شمال السودان وجنوبه. الرد السوداني جاء سريعاً على لسان الخارجية السودانية: «إن ما صدر عن دائرة الاستئناف في ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية لا يعني الحكومة السودانية كثيراً، ولا يؤثر في موقفها الذي لا يعترف بهذه المحكمة، ولا يرى لها ولاية على السودان ومواطنيه». كذلك قرار الجامعة العربية عقد اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة أمين عام الجامعة عمرو موسى في مدينة الغاشر عاصمة دارفور في 14 شباط الجاري بوصفه موقفاً تضامنياً مع السودان وأهل دارفور وقرار الاتحاد الإفريقي الذي أكد أن قرار المحكمة الجنائية الدولية يضر بعملية السلام في السودان. تستوجب الإشارة هنا إلى ترحيب بعض القوى السودانية المتمردة بقرار قضاة محكمة الاستئناف وإلى إصرار الحكومة السودانية على المضي قدماً في التحضير لانتخابات نيسان. كما تستوجب الإشارة إلى الحصانة الرئاسية وضرورة مراجعة قرار محكمة الاستئناف قانونياً وأن هذه التهم والتهديدات والاجراءات الجنائية «تشوش» على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي انتظرها السودانيون طويلاً. باحث في الشؤون batal-m@scs-net.org">الدولية batal-m@scs-net.org |
|