|
دمشق
فالفاتورة الطاقوية أكثر من مرتفعة والخبراء يتحدثون عن حلول ممكنة لعل أبرزها أن يستفيد السوريون ومعهم الخزينة من 3 آلاف ساعة شمس/ السنة بصورة تساعدهم على توفير 40٪ من هذه الفاتورة. الحكومة أيضاً تحاول في الوقت ذاته مقاربة هذا الواقع من خلال هدف ثقيل فهي تقول إنها تريد أن ترفع حصة الطاقة البديلة عن اجمالي التقليدية المستخدمة في البلاد. فاتورة العجز تعتمد سورية بشكل اساسي على المحروقات المستوردة لتلبية حاجة السوق للاستهلاك المحلي حيث تعد من الدول ذات الاحتياطات الضعيفة في مشتقات الطاقة االحفورية غير أن اللافت أن نسبة 95٪ من مجمل الاستثمارات هي أيضاً مصادر مستوردة من الخارج وحتى المشتقات النفطية المتاحة ستحتاج في المستقبل القريب الى استيرادها لأن النسب المحلية لن تكفي لمواجهة الزيادة على مدار السنوات المقبلة! خصوصاً اذا علمنا أن استهلاك حوامل الطاقة بلغ العام الماضي نحو 24 مليون طن نفط مكافئ ومن المتوقع أن يصل الاستهلاك الى 65 مليون طن نفط مكافئ عام 2030 اذا استمر الطلب بالوتائر الحالية والمتوفر حالياً في ظل الواقع الحالي لا يتجاوز 25 مليون طن نفط مكافئ أي سنضطر الى استيراد نحو 45 مليون طن نفط مكافئ لتغطية العجز. وتكمن مشكلة الاقتصاد الوطني اليوم في حقيقة أن نمو أوزيادة استهلاك الطاقة السنوي أكبر من نمو الناتج المحلي ويعبر عن ذلك بالمرونة الداخلية للطلب على الطاقة والتي تعادل نسبة نمو استهلاك الطاقة على نمو الناتج المحلي الاجمالي وتبلغ هذه النسبة في البلدان الصناعية المتقدمة حوالي 0.6-0.7 وتصل الى واحد في دول أوروبا الشرقية. أما في سورية فهي تبلغ الثلاثة في المئة تقريباً.. للوهلة الأولى قد يبدو الوضع طبيعياً من حيث إن النمو الاقتصادي يتطلب استهلاكاً كبيراً من الطاقة وخصوصاً الطاقة الكهربائية الا أن هيكلية استهلاك الطاقة الكهربائية في سورية تدل على أن القطاع المنزلي يستهلك أكثر من نصف الطاقة الكهربائية المعدة للاستهلاك علماً أن 10 في المئة من حوامل الطاقة الكهربائية تذهب لتسخين المياه وهو رقم لا يستهان به! ثقافة استهلاكية لماذا لا ندخل أكثر في غمار الطاقة الشمسية ونستغل مقوماتنا في هذا السياق يتساءل خبير الطاقة والنفط الدكتور زياد عربش الذي يشير الى معضلات كثيرة بشأن أفق تطوير قطاع الطاقة ليكون المجتمع السوري مجتمعاً بيئياً فمن المعروف أن هذه عملية صعبة جداً نظراً لانتشار ثقافة الاستهلاك في مقابل ثقافة الترشيد. ويطرح عربش مثالاً عن امكان التطوير: سيفتح سوق الخزانات الشمسية بعدما وضعت المواصفات والمعايير المناسبة والهدف النهائي هو ايصال سورية الى الطاقة المستدامة وتحتاج سورية جدياً الى اعادة التفكير في سياستها الطاقوية نظراً الى النقص الذي تعانيه فعلى صعيد الكهرباء يتجاوز النقص في الامداد 25٪ من اجمالي الطلب ما يعني بصورة مبسطة أن سوريين كثيرين يكونون في نقطة زمنية معينة من دون كهرباء وهذا الامر يحتم استثمارات ذكية تكون استراتيجية ومستدامة في الوقت نفسه. تلك الاستثمارات تنبع من توجه عام تحاول الحكومة تبنيه وان كانت تضع على عاتقها عبئاً لا يستهان به. ويوضح مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة محمد الشيخي أن سورية تستطيع الاستفادة على مدار العام من موردين طبيعين مستدامين للطاقة الشمسية والرياح اذ تنعم بحكم موقعها الجغرافي على البحر الابيض المتوسط بـ 300 يوم /شمسي في السنة، ويبلغ معدل الطاقة الشمسية السنوي 1900 كيلوات/سا/م2 وعلى الرغم من هذه النعمة التي تشكل مورداً حقيقياً- يقول الشيخي: بقيت الطاقة الشمسية لتسخين المياه غير متوفرة بشكل اقتصادي ولا يمكن للمواطن استخدامها بشكل اساسي لتسخين المياه وبالتالي التوفير في فاتورته الشهرية من الكهرباء أو المازوت . ويتم حالياً استهلاك أكثر من 0.5 مليون طن نفط مكافئ سنوياً من حوامل الطاقة كهرباء ومشتقات نفطية لتسخين المياه فيما يمكن تأمين القسم الأعظم من هذه المياه بالسخان الشمسي. والمرجح أن يرتفع العدد الى 5.5 ملايين عائلة عام 2030 علماً أنه في حال تم تأمين الماء الساخن لـ 30 مليون عائلة عن طريق السخان الشمسي فسيتم توفير ثلاثة أرباع مليون طن نفط مكافئ من المشتقات النفطية عام 2030. خسائر لا تنفك ترتفع في مسيرة اصلاح الوضع الطاقوي والبيئي تتجه الحكومة الى تأسيس صندوق لدعم أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية للمواطنين بحيث تتحمل الدولة 50٪ من قيمة الجهاز ويتم تقسيط القيمة الباقية لمدة 4 سنوات ودون فوائد ومن المتوقع أن يتم تركيب نحو مليون و200 ألف سخان شمسي جراء تطبيق هذا المرسوم خلال السنوات العشر المقبلة مما سيحقق القفزة المطلوبة في استثمار الطاقة الشمسية في القطر وقد يصل العدد عام 2020 الى أكثر من 3 ملايين سخان في سورية . كذلك تهتم الاخيرة باطلاق اطلس الرياح لتحديد الاماكن الأكثر مناسبة لاستغلال طاقة الرياح والاطلس الشمسي للتخفيف من استيراد المحروقات وخفض ارقام الفاتورة النفطية وأرقام العجز. وعموماً فإن مردود الاستثمار في الطاقة البديلة أكبر مادياً وبيئياً فهناك خسائر بيئية سنوياً من وراء الفيول لا تنفك ترتفع في الوقت الذي ستشهد فيه السنوات المقبلة ارتفاع استهلاكنا الى معدلات أعلى. |
|