|
الصفحة الأولى
لتعود الحياة من جديد إلى تلك المدينة، وتعزف كل أحيائها وشوارعها المحررة لحن الانتصار. فقبل ثلاثة أعوام وفي الـ 22 من كانون الأول 2016 تم الإعلان عن تحرير كامل مدينة حلب مع اندحار آخر إرهابي عن أحيائها الشرقية إثر معارك البطولة التي خاضها الجيش العربي السوري وعلى مدى أربع سنوات ضد أشرس التنظيمات الإرهابية المدعومة من الغرب الاستعماري، ومن قبل نظام المجرم واللص أردوغان الذي لم يتوان عن سرقة مصانع المدينة وآلاتها. وشكل تحرير المدينة نقطة مفصلية في الحرب ضد الإرهاب وداعميه، ومرحلة انطلاق جديدة لاستكمال الحرب على التنظيمات الإرهابية، وبداية لتهاوي المشروع الصهيو-أميركي المخطط لسورية والمنطقة برمتها، حيث التسارع في انهيار التنظيمات الإرهابية شكل صفعة مدوية لرعاة الإرهاب في أميركا والكيان الصهيوني وبعض الأنظمة المستعربة ولدى النظام التركي، بعد أن كانت منظومة العدوان قد جندت مئات آلاف المرتزقة الإرهابيين لمحاولة استهداف سورية وإضعافها، ضاربين عرض الحائط بجميع القرارات الدولية التي تجرم الإرهاب ومن يدعمه وتدعو إلى محاربته وتجفيف منابع تمويله. معركة حلب لم تكن كغيرها من المعارك ضد الإرهاب نظراً لتحصن التنظيمات الإرهابية في مناطق عمرانية وسكنية وفي أحياء المدينة القديمة الأمر الذي زاد من صعوبة العمل العسكري الواسع من جهة، وكذلك انفتاح خطوط الإمداد على الداعم التركي في الشمال الذي شارك التنظيمات الإرهابية في معظم المعارك لوجستياً وتسليحياً من جهة أخرى. ومع بداية عام 2012 حشدت التنظيمات الإرهابية كل قوتها العسكرية واستخدمت السيارات المفخخة ذات القدرة التدميرية الهائلة للاستيلاء على كامل المدينة.. وفي آب من العام ذاته اجتمع أكثر من 18 فصيلاً إرهابياً تحت قيادة موحدة وسيطروا على الأحياء الشرقية من المدينة قادمين من الريف الشمالي من مارع وعندان والباب وتل رفعت وإعزاز، واستطاعت وحدات الجيش امتصاص الهجوم وأوقفته رغم عشرات المفخخات باتجاه ساحة سعد الله الجابري والصواريخ على الجامعة وعلى الجامع الأموي. ومع الدعم الكبير الذي كانت تتلقاه تلك التنظيمات الإرهابية عبر الحدود التركية من الاستخبارات التركية والقطرية وغيرهما من الدول المعادية لسورية استطاعت التنظيمات الإرهابية في شهري آب وأيلول 2013 من محاصرة الأحياء الغربية للمدينة وبلدتي نبل والزهراء من خلال سيطرتها على أغلب أرياف المدينة وعلى الطريق الدولية التي تربطها بحماة. في تلك المرحلة عمدت وحدات الجيش إلى فتح شريان نقل بري يصل المدينة بالمحافظات الأخرى عبر تأمين طريق سلمية-أثريا-خناصر-السفيرة-مدينة حلب وتم إنجازه في 2 آذار 2013 بطول نحو 200 كم، وظل مفتوحاً ومحمياً من الجيش رغم تعرضه لعشرات الهجمات الإرهابية بهدف قطعه وخنق مدينة حلب. ومع فتح شريان التواصل مع حلب بدأت وحدات الجيش العربي السوري توسيع عملياتها واستعادت المدينة الصناعية بالتوازي مع عمليات كانت تخوضها وحدات أخرى في ريف حلب باتجاه سجن حلب المركزي ومحور مطار كويرس وريف حلب الجنوبي، وتم فك الحصار عن سجن حلب في أيار 2014 بعد أكثر من عام ونصف العام من الحصار الذي فرضه الإرهابيون الذين حاولوا اقتحام أسواره التي دافعت عنها حاميته على قلة عددها وعدتها. وفي تشرين الأول 2015 بدأت مرحلة جديدة مع بدء الجيش العربي السوري وحلفائه عملية عسكرية على الاتجاه الجنوبي استمرت شهرين وأسفرت عن تحرير 84 قرية ومزرعة بمساحة بلغت 600 كم مربع أي ما يعادل 90 بالمئة من ريف المدينة الجنوبي، بالتزامن مع فتح الطريق إلى مطار كويرس العسكري شمال شرق حلب بعد 3 سنوات من الحصار، وتحرير 300 كم مربع من مناطق الريف الشرقي التي كانت تسيطر عليها المجموعات الإرهابية وفي طليعتها «داعش». خطة الجيش كانت تقوم على حصار «الحصار» وفعلاً مع بداية عام 2016 استعاد الجيش وحلفاؤه المحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي، وفي حزيران من العام ذاته تم فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الذي دام 3 سنوات، وفي تموز من العام نفسه تم إحكام الطوق على الإرهابيين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب والسيطرة على طريق الكاستيلو وبني زيد وحندرات. بعدها حاولت التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ريف إدلب الجنوبي إطلاق معارك لفك الطوق عن المجموعات الإرهابية المحاصرة في أحياء حلب الشرقية لكنها باءت بالفشل.. وفي أيلول 2016 نفذ الجيش عملية عسكرية سريعة توجت باستعادة حندرات ومخيم حندرات والمنطقة المحيطة شمال حلب. في العشرين من تشرين الأول 2016 تم تنفيذ هدنة إنسانية وتم فتح ممرات إنسانية تحت حماية الجيش وبإشرافه لخروج المدنيين من الأحياء الشرقية الذين كانت تستخدمهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية، وإجلاء المرضى والمصابين وكذلك إخراج الإرهابيين.. لكن الإرهابيين منعوا المدنيين من الخروج. وتلت تلك الهدنة هدنتان في أقل من عشرة أيام من دون فائدة.. فواصلت وحدات الجيش عملياتها على بؤر الإرهابيين وتم تحرير مشروع 1070 شقة ومدرسة الحكمة بعد القضاء على آخر تجمعات الإرهابيين فيها. وأطلق الجيش عملية عسكرية واسعة لتحرير الأحياء الشرقية للمدينة في العشرين من تشرين الثاني حيث بسط سيطرته على مساكن هنانو الأكثر تحصيناً والمشرفة على الأحياء الشمالية، وهاجم مواقع الإرهابيين في أحياء الحيدرية والصاخور وجبل بدرو والهلك وبستان الباشا من عدة محاور، وتلاقت القوات عند دوار الصاخور وتم تأمين خروج آلاف المدنيين المحتجزين. واصلت وحدات الجيش تكتيكاتها العسكرية الميدانية المتناسبة مع طبيعة المنطقة واستكملت عزل القسم الشمالي في الأحياء الشرقية للمدينة واستعادت أكثر من 13 منها بمدة زمنية قصيرة.. وفي الرابع من كانون الأول 2016 أمنت الوحدات مطار حلب الدولي بالسيطرة على مناطق السكن الشبابي ومساكن البحوث وحي كرم الطراب وكرم الميسر وجورة عواد وكرم الجزماتي وغيرها من الأحياء وسط انهيارات كبيرة في صفوف الإرهابيين.. وخلال أيام اندحر الإرهابيون من حي الصالحين وباب المقام وتم إخراج آلاف المدنيين والتقدم باتجاه حي الدعدع ثم السيطرة على حي الشيخ سعيد معقل «جبهة النصرة» الإرهابية في القسم الجنوبي وخطها الأول، ما مهد لسقوط وانهيار باقي الإرهابيين واستعادة أحياء كرم الدعدع والفردوس والحلوم وبستان القصر والكلاسة وحصار الإرهابيين في مساحة صغيرة. وفي الـ 22 من كانون الأول تم إعلان تحرير كامل مدينة حلب بعد إخراج ما تبقى من الإرهابيين من تلك المساحة الضيقة. ومع خروج آخر إرهابي من المدينة بدأ الأهالي يستعيدون حياتهم وبدأت عاصمة الصناعة السورية تنهض وتحركت الآلات في المعامل، وما هي إلا أشهر قليلة حتى عادت مئات المنشآت إلى الإنتاج في مدينة الشيخ نجار الصناعية والقطاعات الخدمية والاقتصادية كالاتصالات والتعليم والسياحة والنقل وغيرها الكثير. شكلت عملية تحرير مدينة حلب فاتحة لعمليات عسكرية كبرى ضد التنظيمات الإرهابية وتحرير مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والجنوبي وفي دير الزور وأرياف حمص وحماة وغوطتي دمشق ومحافظتي درعا والقنيطرة والبادية السورية.واليوم تتابع وحدات الجيش عملياتها لدحر الإرهاب مما تبقى من إدلب وريف اللاذقية الشمالي وصولاً إلى تطهير بعض ثغور الإرهاب في محيط مدينة حلب. الشهباء التي تنعم بالأمان اليوم تستعيد الحياة تدريجياً إلى طبيعتها في ظل الجهود الحكومية والأهلية لإصلاح ما خربه ودمره الإرهاب تحت رايات الحقد والتكفير والإجرام، ولم تنفع التنظيمات الإرهابية ورعاتها وحشيتهم ولا سياراتهم المفخخة بالحقد المتفجر، فاندحروا جميعاً أمام رجال الجيش العربي السوري في الـ 22 من كانون الأول 2016 لتبدأ بعدها ملاحم الانتصارات المتتالية على الإرهاب في معظم أرياف المحافظة ومناطق واسعة في مختلف المحافظات. |
|