تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التدخلات الخارجية بذريعة الإرهاب وحماية أميركا

شؤون سياسية
الأربعاء 3-2-2010
غالب محمد

تعليقاً على تطورات الوضع والوجود العسكري الأميركي في أفغانستان أصبح لسان حال المحللين العسكريين الأميركيين ينطق بالعبارات التالية:

ندخل..نتورط..نزيد القوات استعداداً للانسحاب..وفي النهاية تبقى كلمات صريحة وواضحة تسمع في الشارع الأميركي، هذه العبارات تفرض نفسها عندما نتابع مسلسل الأحداث الدامية سواء ما يجري منها داخل اليمن أم ما يجري حوله.‏

هناك العديد من الشهادات الإعلامية والسياسية التي تكشف عن دور كبير تقوم به الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية الأميركية في مناطق جنوب اليمن والعاصمة صنعاء ومناطق جنوب اليمن والعاصمة صنعاء ومناطق أخرى نائية في كل أنحاء اليمن بغية معرفة الحجم الحقيقي لتنظيم القاعدة وقواعده في اليمن وعلاقاته بتنظيمات أخرى في المنطقة، وخاصة في الصومال.‏

هذا الوضع وهذه التطورات الأخيرة من جانب الأميركيين بالكشف عن نماذج من التدخل العسكري الأميركي لقصف مواقع في اليمن لم يكن مفاجئاً.‏

هذا التدخل بشكله وأبعاده الراهنة ليس أكثر من مقدمة لعمليات غزو واحتلال لا تختلف كثيراً عن عمليات غزو أميركا واحتلالها لأفغانستان والعراق وأخيراً محاولات قصف وزير ستان بباكستان.‏

لا شك أن هناك ظروف كانت وما زالت جاءت متدرجة ثم متسارعة وتراكمت دافعة في طريقها أطرافاً غير قليلة العدد للاستعداد لمرحلة وشيكة من حرب أميركية ضد اليمن ومن هذه الأطراف الكتائب الإعلامية.‏

إن كل المؤشرات تدل على أن الولايات المتحدة سوف تقدم على التدخل باليمن أسوة بما فعلته في أفغانستان والعراق، وما تفعله الآن في الباكستان بل سبقته خطوات وتطورات جعلت واشنطن أكثر استعداداً لتنفيذ هذا الاحتلال لو توفر الظرف المناسب.‏

لقد جاء الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض محمولاً على وعود التغيير الداخلي وحل المشكلات الدولية بوسائل غير عسكرية قائلاً إنه سيضطر إلى الانحناء أمام المؤسسة العسكرية الأميركية لا لشيء إلا لأنه تولى المنصب وأميركا في حالة حرب، بل حربين وهنا بالطبع في مثل تلك الظروف يكون صوت العسكر أعلى من أي صوت.‏

الأمر الذي جعله يستجيب لضغوطات بزيادة ضخمة في ميزانية الدفاع للعام القادم بلغت 600 مليار دولار، كذلك اقتنع بوجهة نظر العسكريين في ضرورة زيادة عدد القوات في أفغانستان وإن كان وضع شرطاً ملازماً وهو أن تكون الزيادة بهدف تسريع الانسحاب وبالطبع يعلم أوباما كما غيره من العسكريين أن الانسحاب الذي يقصده أوباما لا يعني الانسحاب الكامل، ففي العراق سيبقى آلاف الجنود الأميركيين في قواعد عسكرية جار تشييدها وكذلك في أفغانستان باعتبار أن المهمة التي حددها العسكريون لا تنتهي إلا بإعادة بناء مؤسسات الدولة التي دمرها الغزو والاحتلال.‏

لو حاولنا أن نسقط الأسباب التي من أجلها دخلت أميركا الحرب في أفغانستان كما يدعون على الحالة الراهنة في اليمن، وهي حماية أميركا من الإرهاب وحماية منطقة الخليج وحماية مصداقية الولايات المتحدة بين حلفائها وهزيمة طالبان، لرأينا أنه عندما يتغلب مزاج الحرب على مزاج السلم يصعب تصور امكانية عودة أوباما إلى خطه السياسي الأساسي ووعوده، كما يصعب الاستمرار في دغدغة المشاعر هنا في الشرق الأوسط أو في أميركا باستخدام حجة أنه قادر لا محالة ذات يوم على فرض إرادته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية