تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التعامل مع طالبان بعد مؤتمر لندن.. تناقض الاستراتيجيات

شؤون سياسية
الأربعاء 3-2-2010
حكمت العلي

لم تكن الدعوات الصادرة عن مؤتمر لندن حول مستقبل أفغانستان ودمج حركة طالبان في المجتمع الافغاني عفو الخاطر شأنها في ذلك شأن الدعوة لتسليم مهام الأمن الى القوات المحلية وتبني استراتيجية مدنية بدلا من سابقاتها العسكرية

حيث سعت الدول السبعون المشاركة الى وضع اطار سياسي شامل للدولة التي مزقتها الحرب وآخر زمني لتسليم المهمات العسكرية من القوات الاطلسية الى القوات الافغانية وهو الامر الذي أملته الضرورات الميدانية وتصاعد قوة المسلحين وليس رغبة بمجرد التغيير لدى دول حلف الناتو المعنية بالموضوع بالدرجة الأولى.‏

اللافت أن الولايات المتحدة الاميركية وقيبل انعقاد المؤتمر قد ألمحت إلى تغيير جديد في سياستها تجاه هذا البلد بعد أن أرهقتها الحرب هناك وباتت تدفع فاتورة مرتفعة سواء في الارواح أو التكاليف، هذا التوجه نحو اتباع استراتيجية واقعية واكثر مرونة ظهرت على لسان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس حين اكد ان طالبان جزء لا يتجزء من النسيج الافغاني، ويأتي هذا الموقف بعد دعوة قائد قوات الحلف الاطلسي الجنرال ستانلي ماكريستال إلى تسوية سلمية مع حركة طالبان واعترافه بالحاجة الماسة إلى ايجاد حل سياسي للازمة الافغانية..‏

والى جانب مسألة نقل عدد من الاقاليم إلى السلطة الامنية الافغانية فإن مؤتمر لندن تزامن مع وصول 30 ألف جندي اميركي إلى افغانستان ليصل عدد القوات الدولية إلى 130 ألف جندي وانسحب ذلك إلى بريطانيا باعلان رئيس وزرائها غولدن براون ارسال 7000 جندي اضافي إلى افغانستان محاولة قد لا تنجح في ظل اعلان دول الاطلسي عدم نيتها زيادة عدد قواتها على اعتبار ان ذلك سيؤجج الوضع المتازم اصلا في افغانستان.‏

استراتيجيات بالجملة ولكن مآلها جميعا هو الفشل الاميركي المتواصل في أفغانستان والذي أصبح ميزة تقترن بالغزو الاميركي لهذا البلد فالمشهد السياسي والامني المتصاعد لايبدو أنه سيحل بمجرد قتل مسلح هنا أو هناك أو العثور على مخبأ للاسلحة وهو ما أنبأت عليه قرار اللجنة الانتخابية الافغانية تأجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 من شهر أيار إلى 18 من أيلول القادم.‏

هذه الاستراتيجيات كانت بدأت مع إعلان الرئيس الاميركي باراك أوباما إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية والجنود إلى أفغانستان وشملت أيضا فتح قنوات حوار مع مسؤولين محليين وقادة من طالبان مع الطلب من بعض الدول القيام بدور الوسيط وكان من ضمن هذه الخطط إعلان رئيس الوزراء البريطاني غولدن براون من هلمند عن تسريع عملية تدريب القوات المسلحة الأفغانية لتشمل خمسين ألف جندي إضافي خلال السنة المقبلة رغم أن قواته تواجه أوقاتا اعتبرت الأكثر دموية لها منذ احتلال ذلك البلد، ما أدى إلى تزايد الضغوط الشعبية على حكومته وانخفاض نسبة التأييد لهذه الحرب.‏

وكان بيان للجنرال ماكريستال وصف الوضع بالخطير وأشار إلى أن الأخير بعث بتقييم استراتيجي إلى القائد الإقليمي للقوات الأميركية ديفيد بترايوس للتعليق عليه قبل رفعه إلى وزارة الدفاع وقيادة حلف الأطلسي .. كانت هذه مقدمات للدعوات لفتح قنوات جديدة للتحاور مع المسلحين وتبني استراتيجية أكثر واقعية تجاه تفاقم الوضع في هذا البلد.‏

ولكن هذا التضارب في الاستراتيجيات والتصريحات بين قادة الغرب العسكريين والسياسيين إنما هو مؤشر يدل على عمق أزمة الناتو واتساعها وقرب خروجها عن سيطرته، وأمام فشلها في تحقيق الاستقرار يبقى خيار الانسحاب الأبرز حاليا بين الخيارات الأخرى والقادر بحسب المراقبين على تقليص خسائر قوات الاحتلال في ذلك البلد.‏

وما يراه المراقبون بعد انتهاء مؤتمر لندن انه كان فرصة لتبادل الاوجاع.. ليس إلا!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية