تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التعاون العربي مع الجوار الإقليمي.. مصلحة استراتيجية مشتركة

شؤون سياسية
الأربعاء 3-2-2010
حسين صقر

لما كان العامل الاقتصادي هو المعيار الحقيقي الذي تتحدد على أساسه قوة الدول ويشكل البناء الراسخ لعلاقاتها الخارجية

ولما كانت هذه الدول تمتلك بعض الثروات وتفتقد للبعض الآخر كان لابد من البحث عن طريقة تستطيع من خلالها تحقيق التكامل لاقتصادها وثرواتها حتى تجد لنفسها مكاناً بين القوى العالمية الكبرى، وحتى يكون هذا التكامل على قدر من الأهمية ويحقق الغاية المنشودة منه لابد أن تساهم في تكوينه واستمراريته عوامل أخرى أبسطها العامل الجغرافي، لما يوفره من القدرة على سهولة التفاهم المشترك والقدرة على إيجاد أرضية واحدة تستطيع بموجبه الدول الساعية للتكامل التنقل والتسويق وإنجاز المشاريع التنموية.‏

وبعودة سريعة إلى هذه العوامل مجتمعة سنجدها متحققة بين دول المنطقة وعلى رأسها تركيا وإيران والعراق وسورية ولبنان، لنجد أن إقامة مجلس تعاون استراتيجي عربي اقليمي بات ضرورة ملحة لمصلحة هذه المنطقة وشعوبها وقضاياهها المصيرية، لم يستطع هذا المجلس إدخال تغيير استراتيجي على واقعها وإحداث توازن مهم بين الشرق والغرب وبالتالي مواجهة أي تدخل خارجي من الدول الطامعة التي تسعى إلى إقامة صيغ تفاعلية مع تركيا أو مع العرب أو إيران من جهة أخرى وذلك على حساب أي من الطرفين وبالتالي تعزيز أحد الأطراف مقابل تهميش الآخر، ليجد الطرف البعيد نفسه مضطراً للدخول في اتفاقيات غير متكافئة، تضيع فيها إمكاناته وموارده دون حساب أو نتيجة مرجوة.‏

ومن هذا المنطلق إن ما يميز الأسس الأولية لإقامة التكامل بين الدول المذكورة عدم وجود اختلاف من الناحية السياسية والاقتصادية والمصلحية، نظراً لوجود رؤية مشتركة من شأنها الإسهام في تحقيق التعاون الذي يصب في روافد التكامل الاقتصادي الذي يجعل من عمليات التنمية الموجودة والجديدة نقطة تقاطع وأساس متين تستند إليها الشراكة الجيدة الهادفة إلى بناء عالم إقليمي تتوفر فيه عوامل القوة والمنعة ولاسيما إذا علمنا أن المجلس سيمهد الطريق أمام إبرام الكثير من الاتفاقيات التجارية والصناعية والزراعية والمائية والعلمية وغيرها.‏

فمن جهة تركيا وإيران ورغبتهما في الشراكة الاستراتيجية، هاتان الدولتان لديهما هاجس النهوض بعلاقاتهما الإقليمية وتعزيز أواصر الثقة الموجودة لديهما مع العرب وهذا سيضعهما في صدارة القوى في المنطقة ويعيد الحيوية لمكانتهما في العالم العربي والإسلامي من أجل إيجاد بدائل ومجالات أخرى بعيدة عن التأثير العربي والأوروبي الذي يعرقل يوماً بعد يوم مشاريعهما التي ينشدون من خلالها مصلحة شعبيهما، إضافة إلى ذلك يميل البلدان إلى العرب في مواقفهما لجهة القضايا المصيرية ويسيران في خطا ثابتة لتعزيز هذه المواقف ومن ثم بناء منظومة قادرة على التأثير في العالم الخارجي ومواجهة التحديات.‏

العرب من ناحيتهم بحاجة ماسة أيضاً لهذا النوع من التكامل وهذا إن دل على شيء إنما يدل على سياسة الانفتاح والرغبة في التعاون مع دول الجوار و التأثير في العمق الاستراتيجي ويساعدهم على ذلك موقع بلادهم المميز عن باقي الدول كونهم صلة الوصل بين الشرق والغرب ولديهم إمكانات بشرية واقتصادية ضخمة، فضلاً عن أن لديهم الرغبة في تحقيق الأمن الغذائي والمائي وبناء صرح إنمائي منفتح على كل الراغبين في تبني لغة الحوار كحل للمشاكل والنزاعات لتبديد أية مشكلة بعيداً عن كل الوساطات التي تهدف لإنجاح مصالحها أولاً.‏

إضافة إلى ماسبق هنالك دوافع أخرى لتحقيق التكامل الاقتصادي وبناء مجلس التعاون الاستراتيجي الاقليمي وهو الزيادة السكانية السريعة وحاجة القوى البشرية الناتجة عن هذه الزيادة وحاجتها إلى الدخول في أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي والطاقة والموارد الطبيعية وما هنالك من حاجات أخرى وعادة مايكون هناك تعاون بين الدول المتكتلة سواء من حيث القدرة على تلبية هذه الحاجات أم تأمين فرص العمل ولابد من البحث عن آلية صحيحة لإيجاد مظلة حماية لهؤلاء السكان من خلال إتاحة فرص الاستثمار والتسويق وتنفيذ المشاريع لفسح المجال أمامهم ومساعدتهم على تحقيق غاياتهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية