تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القدس في مشاريع التسوية الإسرائيلية

شؤون سياسية
الأربعاء 3-2-2010
بقلم: نبيل محمود السهلي

يمكن الاستدلال على الرؤى الاسرائيلية لحل قضية القدس من خلال الأفكار التي طرحها بعض القادة الاسرائيليين، أو الأكاديميين فضلا عن افكار الأكاديميين المطروحة في ندوات جامعية أو خاصة ،

وفي هذا السياق عبر بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي في 24 حزيران 1948 بوضوح عن النوايا الإسرائيلية في القدس. وفي نقاش دار في مجلس الشعب المؤقت ( الكنيست لاحقا) ، قال بأن المسألة لم تكن إلحاق القدس بإسرائيل، بل كيفية تحقيق هذا الهدف في ضوء العقبات والظروف العسكرية والاقتصادية التي تواجه تحقيقه، ومنذ عام 1948، اتسم موقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه قضية القدس بالتصلب شأنها في ذلك شأن قضية اللاجئين وحق عودتهم حسب القرار 194 لعام 1948 ومع احتلال إسرائيل للضفة بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس وقطاع غزة في حزيران من عام 1967، بدأت تظهر عدة مشاريع وأفكار إسرائيلية حول الأراضي المحتلة، وتركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، باعتبارها حسب الخطاب السياسي الإسرائيلي العاصمة الأبدية لاسرائيل.‏

ومن أهم المشاريع المطروحة التي تضمنت إبقاء السيطرة الكاملة على القدس:‏

أولا: مشروع بن غوريون 1967: وقد كان أول من طرح أفكارا حول منح السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حكما ذاتيا يديرون شؤون حياتهم في إطاره هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، دايفيد بن غوريون، ذلك بمجرد أن وضعت حرب حزيران أوزارها بأسبوعين تقريبا. فقد وزع بن غوريون على الصحف مشروعا يتضمن بعض الأفكار ميز فيها بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والفلسطينيين في الخارج وفي الوقت نفسه ميز أيضا بين السكان في قطاع غزة وإخوانهم في الضفة الفلسطينية، إضافة إلى إخراجه القدس من المشروع مقترحا ضمها إلى حدود دولة إسرائيل.‏

ثانيا: مشروع آلون في تموز 1967 أي بعد شهر من عدوان حزيران ، طرح وزير الخارجية آنذاك، ييغال آلون على حكومته مشروعا يتعلق بسيناء والجولان، استند فيه إلى أفكار بن غوريون، غير أن مشروع آلون كان أكثر تفصيلا وتحديدا ووضوحا . وقد حظي المشروع بشهرة كبيرة رغم أنه لم يناقش في إطار حكومي أو حزبي. وكان آلون أحد أبرز شخصيات حزب العمل وزعيم كتلة أحروت همغو في الحزب وأحد قادة البالماخ البارزين سابقا وقد صمم مشروعه على أساس التخلص من المناطق الكثيفة بالسكان الفلسطينيين، وضم المناطق الأخرى التي تتسم بقلة ومحدودية السكان أي التخلص من المدن والمراكز الحضرية- السكانية، وإعادتها إلى الأردن والتمسك ومواصلة السيطرة على الأراضي الواسعة الخصبة في الأغوار وشمال الضفة الفلسطينية ومناطق واسعة من ريف المدن الفلسطينية وتمهيدا لضمها إلى إسرائيل وتطرق آلون في مشروعه إلى القدس من جانب الاحتواء الكامل والقسري لهذه المدينة وهذا ما نلمسه في البند الوارد في المشروع والمتعلق بالمدينة:« العمل على إقامة ضواح بلدية ، مأهولة بالسكان اليهود شرق القدس، علاوة على إعادة تعمير وإسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس، وهذا الأمر ترجم عمليا في السنوات الماضية حيث أصبحت المستوطنات اليهودية تحيط بمدينة القدس من كافة الاتجاهات عبر اطواق استيطانية محكمة.‏

ثالثا: مشروع أبا إييان 1968 طرح المشروع في 9/10/1968 وقد تضمن البند الخاص بالقدس أن إسرائيل مستعدة لمناقشة التوصل إلى اتفاقيات مناسبة مع هؤلاء الذين يعنيهم الأمر بشأن القدس وقد عارض أبا إييان فكرة إيجاد حل تعرضه الدول الكبرى ووصفها بأنها أبعد الأفكار عن الواقعية على الإطلاق.‏

رابعا: مشروع غولدا مائير 1971 جاء في 9/2/1971 جاء في المشروع وفي بند خاص بالقدس تبقى القدس موحدة وجزءاً من إسرائيل.‏

خامسا: مشروع مابام للسلام 1972 وتضمن مشروع حزب مابام في 27 كانون الأول 1972 بندا خاصا عالج فيه وضع القدس على النحو التالي: إن القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل وتضمن في تسوية السلام الخاصة بالإدارة الذاتية للأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين ويعترف في كل مفاوضات حول السلام مع الدول العربية المجاورة بحقوق السكان العرب كأقلية قومية، ويتم ضمان أوضاع بلدية خاصة بالسكان العرب في القدس في إطار المدينة الموحدة.‏

سادسا: مشروع بن غوريون 1972 ذكر بن غوريون في 8/9/1972 أن هناك احتمالا نظريا لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل والدول العربية في غضون خمس السنوات القادمة ويعتقد أنه في حال توقيع الدول العربية معاهدة سلام فإنه من الصواب أن تعيد لهم إسرائيل جميع الأراضي، عدا القدس والجولان والمناطق التي نشأت فيها مستوطنات بما في ذلك المستوطنات في الضفة الفلسطينية.‏

سابعا: مشروع دايان 1972 في 6/10/1972 ذكرت إسرائيل أن موشي دايان وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك يفضل ألا يحل السلام بين مصر وإسرائيل، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود السابقة وقد أدلى دايان بهذه الأقوال في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الباريسية، وختم حديثه مؤكدا أن الحدود مع هضبة الجولان ستبقى كما هي عليه اليوم تقريبا، على بعد 45 كيلو متراً من الحدود القديمة، وذكر دايان أن في الإمكان الوصول إلى تسوية حول مدينة القدس تمنح معها الأماكن المقدسة ما أسماه بالوضع الخاص ولكن المدينة يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية والقانونية، على حد زعمه، وأردف أن لا مجال لاقامة دولة جديدة في الضفة الفلسطينية.‏

وبعد اتفاقات اوسلو وبالتحديد في عام 1996 أكد حزبا العمل والليكود في وثيقة مشتركة وجهة نظريهما من قضايا الوضع النهائي بما فيها قضية القدس، حيث أكدا ان القدس الموحدة بشقيها الشرقي والغربي يجب أن تبقى العاصمة الابدية اسرائيل.‏

ويلاحظ المتتبع للشأن الإسرائيلي الداخلي والخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية أنه منذ عام 1967 وحتى عام 2009 بأن كافة المشاريع التي طرحت إزاء القدس من قبل سياسيين كبار أو أحزاب أو أكاديميين إسرائيليين في ندوات عقدت في الجامعات الاسرائيلية أو مؤتمرات هرتسيليا تمحورت حول إبقاء القدس الموحدة بشقيها الغربي المحتل عام 1948 والشرقي المحتل عام 1967 عاصمة أبدية لاسرائيل، من خلال إبقاء السيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس وفق حجج قانونية وسياسية وأمنية في غالب الاحيان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية