تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ولاتزال أوروبا تبحث عن دروبها!

لوموند
ترجمة
الأربعاء 3-2-2010
ترجمة: سراب الأسمر

في الأول من أيار 2004 تغير وجه أوروبا، فبعد خمسة عشر عاماً من سقوط جدار برلين ضمت أوروبا إلى عضويتها دول الاتحاد السوفييتي السابق.

وأصبح مجموع أعضاء الجماعة الأوروبية خمسة وعشرين بعد أن كان خمسة عشر وظهرت خروقات واضحة بين مستويات تطور الدول الأعضاء الجديدة والقديمة وظهرت الكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية والمخاوف، فقد انتقلت مراكز المعامل إلى الدول الشرقية ودخل البولونيون الدول الغربية وحطموا الأسعار، كما فقدت الدول سيطرتها على الهجرة ودمرت السياسة الزراعية المشتركة..‏

وكانت فرنسا تبدي عدائيتها أمام كل طلب عضوية لدولة جديدة، فقد أعاق الرئيس ديغول انضمام المملكة المتحدة التي اضطرت أن تنتظر حتى عام 1973. كما فرض فاليري جيسكار دخول اليونان عام 1981 لتوطيد عودته إلى الديمقراطية لكنه أرجأ طلب اسبانيا والبرتغال لأنه كان يخشى المنافسة الزراعية. وفي عام 2004 وجدت ألمانيا أنه من الطبيعي أن تنضم جاراتها إلى الاتحاد الأوروبي وتوسيع دائرة سيطرتها، المملكة المتحدة مع أنها متحفظة في كشف أوراقها إلا أنها أبدت تأييدها لتوسيع الاتحاد بهدف معارضة أوروبا السياسية.‏

ومرة أخرى نجد الفرنسيين يكتفون بالنواة الأولى للاتحاد الفرنسي- الألماني والأكثر من ذلك الاكتفاء بأوروبا مصاغة كما كانت في بدايتها فقد كان جاك شيراك يخشى من أمرين: انبثاق أوروبا ألمانية، وظهور منطقة اقتصادية تتبنى أفكار الأنغلو- ساكسون.‏

وقد تأثر الرأي العام الفرنسي به، أما المتشككون من اليمين المحافظ واليسار التقليدي فوجدوا فيه مؤشراً أقوى للهيمنة الفرنسية، وسوقاً أقوى أمام أوروبا الاشتراكية.‏

هل استطاع الفرنسيون تبرير مخاوفهم تلك بعد خمس سنوات؟ لا لم يتمكنوا، فلقد أثبتت الدراسات نقيض ذلك.‏

اقتصادياً: حتى حدوث الأزمة العالمية لم يكن النمو قوياً إلا بين عامي (2004-2008) وذلك بفضل اللحاق بالاقتصادات الجديدة.‏

سياسياً: ساهم توسع الاتحاد في ارساء دولة الحق والديمقراطية في أوروبا الشرقية، وبالرغم من وجود بعض القادة الأوروبيين المتشككين فالدول التي انضمت عام 2004 مثل: التشيك وبولونيا لم تدخل في أي اصلاحات أو سياسات مشتركة (معاهدة لشبونة، الرؤية المالية، تبنّي السياسة الزراعية المشتركة، اجراءات محاربة الأزمة المالية وتسوية الأوراق، سياسات الهجرة)، وبدت أوروبا السياسية أنها بلغت أقصى مداها لكن هل التوسع هو السبب؟‏

لقد خرق البريطانيون التضامن السياسي في الاتحاد وكذلك أكثروا في خرق المعاهدات المؤسساتية.‏

كذلك الفرنسيون الذين رفضوا عام 1994 المشروع الألماني شوبل- لامير الذي أرادوا منه انشاء نواة صلبة عن طريق مفوضيات سلطة اضافية، ثم رفضهم عام الـ2000 للاقتراحات الفيدرالية التي تقدم بها جوشكا فيشر وزير الخارجية (من حزب الخضر)‏

أما ألمانيا التي كانت على وشك أن تصبح الدولة الصناعية الرابعة في العالم فقد ابتعدت عن أوروبا إذ أخذت تطور علاقاتها الثنائية مع روسيا والصين كما توقف مجلسها الدستوري عن الاندماج الأوروبي عام 2009، ولم يعد يعني لها شيئاً توسع الاتحاد، وكما يقول الاشتراكي الفرنسي جاك ديلور المتأثر برؤساء المفوضية الأوروبية (1985-1994): «أوروبا بدولها الاثنتي عشرة كانت تجتهد للاتفاق فيما بينها. يكفي أن تلقي نظرة على معاهدة ماستريخت حول الدفاع الأوروبي لنجد أنها غاية النفاق».‏

اقتصادياً: إن توسع الاتحاد الأوروبي على دول مستوى اقتصادها أضعف سهّل نقل الاقتصاد نحو الشرق والاستيراد منها على حساب المنتجات فهل آذى أم أفاد العمل في شروط الأجرة؟‏

تقول الاشتراكية الألمانية «ايفلين غيبهارد»: (هناك خطر كبير بتركهم يحطمون الأسعار». بفضل عمل هذه البرلمانية، تم نقل (اداريي بولك استين) التي أطلقت حرية السعر الجاري للاعلانات في الاتحاد الأوروبي لتتجنب منافسة الأنظمة الاشتراكية.‏

ويضيف ديلور بأن «مشكلة السوق الأوروبية ليست داخلية حصراً، انها بسبب العولمة» فهو ينتقد قضاء محكمة العدل في لوكسمبورغ لأنها سمحت لحرية الحركة بالسيطرة على الحريات الأساسية والحقوق المدنية مؤسساتياً، أضعف توسع الاتحاد من سيطرة المفوضية الأوروبية - التي تمثل المصلحة العامة- لتستعيدها الدول الأعضاء الكبرى في المجلس الأوروبي.‏

عدد الأعضاء يلزمنا بإعادة النظر في أساليب عملنا وتقليص ماراتونات المجلس الأوروبي التي لا تنتهي. هذا ما يقوله أحد الدبلوماسيين الذي يرى نتيجة ايجابية في توسع الاتحاد: فهو ينظر بواقعية إلى الأوضاع الاقتصادية المتباينة ويربط الجدل الأوروبي بمسائل العولمة، كما يرى بضرورة بناء استراتيجيات واقعية وأكثر تمثيلاً لحاجات العالم.‏

 بقلم: ماريون فان رونتير غيم‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية