تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صباحك زعترٌ ودم

ملحق ثقافي
20/ 3 / 2012م
محمود حامد:... صباحك زعترٌ، وقصيدةٌ خضراء وارفةٌ

وخبز ساخنٌ... ودمُ‏

وملح الأرض هذا العاشق الهرمُ‏

هنا أفنى سنيّ العمر،‏

يحلم باسمها وطناً‏

ويحلم لو يكون على ثراها:‏

عشبةً خضراء، لو يغدو‏

نسيم اللّوز... تحضن خفقه القمم‏

يمرّ بها فيخفق شالها فرحاً، وتبتسم‏

يمرّ، ورعشة في العين دامعةٌ،‏

ويبتسمُ!!!‏

وحين يضيق من طوق الحصارِ،‏

يفرّ من طوق الحصار لظلّ عينيها،‏

وينهض!! كلّما قتلوه... يبعثُ‏

من رماد الموتِ،‏

يكبر في الطريق إلى الحبيبةِ‏

ذلك الأمل العنيدُ،‏

ويكبر الحلمُ!!!‏

•‏

تذوب الأرض وجداً بالغناء:‏

فكلّ ضربة منجلٍ نغمُ‏

وفي كلّ ارتعاشة جدولٍ نغمُ‏

وكلّ قصيدةٍ لاذت بدفء ترابها.... نغمُ!!!‏

ونحن نشيد هذي الأرضِ،‏

نحن جذورها، وضميرها، وشفيف مغناها‏

يكاد الجرح ينطق من أساهُ،‏

كأنّ ما يعنيه بحّة ذلك النّاي الحزينِ،‏

يمرّ... تنكسر الهضاب صبابةً،‏

والبرتقال، وزيزفون الأرضِ،‏

والكلمات توشك أن تصير صدى‏

جراح الأغنيات... لكلّ جرحٍ‏

غاب في وجع التّراب فمُ!!!‏

•‏

... صباحك زعترٌ...،‏

ومساؤك المهموم أغنيةٌ،‏

طواها.. تحت خفق جناحه.. الوطنُ‏

يمرّ العابرون، ونحن منشغلين:‏

بالأيدي تلوّحُ...،‏

والمناديل التي تعبت من التّلويحِ،‏

والرّايات تخفق: بعضها وطنٌ‏

يلوح من البعيد، وبعضها كفنُ‏

هنا... يتبادل الغرباء، بسمتهم ودمعتهم،‏

ونهراً من عناقٍ،‏

واشتعال الآه في كفّين تحترقانِ،‏

والعشق الذي يدمي،‏

وآخر نظرةٍ خضراء بين اثنينِ،‏

أوشك عندها يتوقّف الزّمنُ‏

يضيق الكون عنّا، إنّما عيناكِ:‏

ملفى كلّ طيرٍ شاردٍ، والصّدر حين لقائنا سكنُ‏

يميل الدّرب من شجن، ويبرئ ميله الشجن!!‏

وأسماء الّذين نحبهم في البال،‏

ها هم يعبرون القلبَ:‏

أمنيةً فأمنيةً...،‏

وشاهدةً فشاهدةً...،‏

تضيق على الخطى الساحاتُ،‏

ضاق الدّرب... ضاق الأفقُ،‏

واتّسع الفؤاد، وما...‏

تضيق على الأحبّةِ...،‏

عابرين إلى الغد المقلُ!!!‏

لهم أحلامهم، ولنا بضحكتهم،‏

إذا ما أشرقت.. أملُ!!!‏

ولحظة يعبرونَ:‏

فكلّ رعشة خافقٍ وطنٌ،‏

وكلّ يدٍ تلوّح... مدّها أزلُ‏

•‏

يطول الدّرب، أو يقصرْ‏

وهذا الشّيء... لا يعني لنا شيئاً،‏

لأنّ يداً بوردتها... على طول السّياج الآنَ:‏

تمسك باليد الأخرى‏

وتدنيها إلى الوطن البعيد الآن أكثرَ،‏

لم يعد ينأى بنا طول الطّريقِ،‏

لأنّ من نزع الحجاب عن النّهارِ،‏

غدا لنا فجراً‏

يداه تلوّحان: دماً، وبشرى،‏

آه... من غير الصّغار يلوّحون ببسمةٍ بشرى!!؟‏

•‏

رسمتك في سواد العين،‏

قلت: نسيم ريحانٍ سواد العينِ،‏

والحزن النّديّ بياضها،‏

وتجيء... من بعد التّفاصيلُ‏

•‏

تمرّ الآه موجعةً:‏

كأنّ الآه تسكن في حناجرنا،‏

وتسكن في ملامحنا...،‏

وفي نظرات أعيننا،‏

وفي الأبواب موصدةً على وجع التّذكّر،‏

والشّبابيك التي ستظلّ تخفق فوقها...‏

تلك المناديلُ!!!‏

•‏

صباحك زعترٌ، ومساؤك المهمومُ:‏

طيرٌ... شاردٌ في الظنّ... مغلولُ‏

لماذا... هكذا... يتأخّر الأحبابُ!!؟،‏

مرّ العابرون بنا.. وما من عابرٍ إلا:‏

ويعرفه الطّريقُ، ويشتهيه القلبُ،‏

كم قلت: النّسيمُ دليلهم،‏

والدّرب يحمل نكهة الأولاد، لكنّي‏

أكاد على جنون الصّبر في صدري،‏

أضيق: بلستُ لا أدري!!؟‏

وأهمس: أيّ تعليل يبرّر غيبة الأحبابِ،‏

واللّيل الذي عبروه مجهول!!؟‏

ودرب الحلم مجهول‏

وأسئلةٌ تظلّ تثيرني... لكنّها:‏

ظنٌّ، وتأويل‏

•‏

إلى أن حام طيرٌ شارد في الظّنّ،‏

وارتعش الجناح بخفق أهدابي‏

هتفت: أليس كلّ العابرين الدّرب نحو الصّبح أحبابي!!؟‏

وكلّ الماثلين أمام عيني في الطريق إليك أحبابي!!؟‏

ومن رجعوا!!؟، ومن غصّت بهم:‏

في الشّاهدات قوائم الأسماءِ!!،‏

كلّ يدٍ تلوّحُ..،‏

سوف تنهض عشبةً خضراء في البابِ‏

وكلّ دمٍ على الأسلاك... قنديلُ!!!‏

•‏

أنا وطن الّذين أحبّهم،‏

وغد الّذين أحبهم...،‏

والوعد فيما بيننا:‏

أيدٍ تلوّح، وارتعاشة دمعةٍ في البابِ،‏

شالٌ في البعيد يرفّ...،‏

ترتعش الأصابع نشوةً، وتكادُ‏

يشعلها على جمر العناق الحلو منديلُ!!!‏

•‏

صباح الخير يا أمّي...‏

صباحك: ركعتان، وقبلتان، ودمعتانِ،‏

وركنٌ دافئٌ في الصّدر يكفيني‏

وظلّ عريشةٍ يا أمّ يكفيني‏

وضحكتك النّديّة لحظة اشتعلت يداكِ‏

على عناق العائدين إليك يا أمّ الملايينِ‏

خذيني... لحظةٌ في العمر فوق ترابكِ‏

الميمون تكفيني...‏

وإني حين أبعث فيك جذع صنوبرٍ، قولي:‏

لتنهض أكثر الأشجار... تكتب روعة العشق الفلسطيني!!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية