تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رغبان

ملحق ثقافي
20/ 3 / 2012م
عقبة زيدان:من يسمع باسمه، يظن أنه شاعر يحفظ كبير الناس وصغيرهم شعره ويرددونه على الدوام، وأن كتبه الباقية عبارة عن مجلدات ضخمة،

تناسب شهرته التي طبقت الآفاق. مدينته ارتبطت باسمه، والعكس صحيح طبعاً.‏

هو شاعر حمص الأشهر عبد السلام بن رغبان الشهير بديك الجن الحمصي. ولد سنة 161 للهجرة في حمص. وسمي بديك الجن لأنه كان يصبغ حاجبيه بالزنجار ويطلي ذقنه بالحناء، فأطلق عليه الناس هذه التسمية، التي التصقت به، وأصبح يعرف بها، على حساب اسمه الأصلي الذي لا يعرفه الكثيرون.‏

كان غريباً في تصرفاته، فنسجت حوله الحكايات والقصص. ومع أنه لم يكن من المتزلفين وهواة البلاط، إلا أنه كان شهيراً في بلاد الشام والعراق ومصر، لدرجة أن كثيراً من شعراء عصره، أتوا إليه في مدينته حمص وتعرفوا به، وأعجبوا بشخصيته وبشعره معاً، وكان بينهم أبو النواس، ودعبل الخزامي، الذي قال عنه: «إنه أشعر الجن والأنس».‏

زاره أبو نواس في منزله، وأثنى على شعره، وأخبره بأنه فتن أهل العراق بشعره.‏

وهذا الشاعر المهدور حقه في تاريخ الشعر العربي، كان أستاذاً لأبي تمام، الذي تدرب على يديه، وأخذ من تجربته الكثير، حتى إنه سار على منوالها. وقد ذكر أن ديك الجن توسم خيراً بأبي تمام، وشاهد فيه شاعراً مستقبلياً كبيراً، بل فحلاً من فحول الشعر العربي. وقد سمع أبو تمام تعليمات أستاذه ديك الجن، فعمل على تطوير نفسه حسب ما أراد معلمه. وتذكر مصادر «وفيات الأعيان على سبيل المثال»، أن البحتري كذلك جاء إلى ديك الجن، وتتلمذ على يديه.‏

قتل ديك الجن زوجته وصديقه، بعد أن وجده عندها. وغرق في الحزن بعد أن عرف أنها مكيدة خطط لها أحد معارفه، وأن زوجته كانت تحبه ولا يمكن أن تخونه. وأمضى حياته الباقية منعزلاً وكئيباً. وتوفي عام 236 للهجرة وهو يرثي نفسه وزوجته وصديقه.‏

ويبقى ديك الجن أشهر شعراء حمص، وأشعرهم وأكثرهم غموضاً وغرابة وسحراً، رغم أن ما بقي من شعره يزيد عن الأربعمائة بيت بقليل، إذ إن شعره الباقي لم يبقَ له أثر.‏

okbazeidan@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية