تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ســــورية.. أمنـــا

من داخل الهامش
الأربعاء 21-3-2012
ديب علي حسن

لحضن هو الدنيا، لعينين منهما لون الربيع، ليدين منهما عطر الحضارات، الأرجوحة المهد تهزها يدان من عبق ومن ألق.. لنور أضاء الدروب، لسرّ لاتبوح به إلا القلوب.. لك أيتها المغزولة من قدس الأقداس وسرّ الكينونة.. لكِ أنتِ وحدك لأنك المبتدأ والخبر، لأنك أمي، أمنا، أمهم، أمهن، لأنك المشغوفة بصنع الغد، القابضة على جمر الحياة، لكِ اليوم وكل يوم، لك يوم فاضت عيناك وطاف الدمع حزناً، فرحاً، شوقاً، لهفة، ربيعك المنذور لنا لهم، لهنّ.

أيتها الأم القديسة لايحزنك عقوق الأبناء، لايقهرك أنهم خارج السرب عابرون، لاتقلقي لاتجزعي، فلست من فرش الدروب شوكاً، أنتِ من عطرها من ورد خديها، أنت من بذل الروح والجسد، أنت الجرح أكبر من الجسد..‏

أنتِ.. أم البطل، أم الشهيد، أم القديس، أم رجال الأمس واليوم والغد، أنت حدائق الحبق، ومساكب النعنع، أنت هي وهي سيدة اليوم والغد..‏

أرضك سندس أخضر، ضفائرك حقول قمح، شفتاك أول لغوٍ هو أجمل سمفونية وأعذب لحنٍ.‏

لأم ودّعت أبناءها وزرعتهم أشجار سنديان يسيجون الوطن وقالت احتسبهم فداء أبناء أمنا سورية..‏

لأمِ لم تلد بعد طفلها وتتلهف أن يأتي ربيعها لتقدم للوطن أبناء يشمخون به، لها لعطرها، ليديها لضفائرها، لوعدها لحنانها، كل ورود الربيع..‏

أيتها الأمهات.. اليوم لاملاذ لنا إلا أنتن، وطناً، وعداً، غداً أماناً، حناناً..‏

ينابيع الشوق لاتنبت ناراً ولاشوكاً، مهلاً فقد أدماكن الحزن ولكنه سيعمدنا، يطهرنا، يبلسمنا.. عذراً كل حبر العالم لايعادل عطر دمعة تحجرت في عين إحداكن..‏

ما أحوجنا إليكن.. آه ما أعمق جراحنا، وما أرحم قلوبكن.. أنتن سورية، لكن اليوم الشهيد وربما كان لكثيرات يوم الشُهُد.. لكن دم الشهيد من عطر الجنة.. سورية، أيتها الأم التي اتسعت للكون، يامن شعت حضارتك على العالم كلّه.. لاتحزني.. إنهم عابرون، عابرون، عابرون.. ياأماً كانت وأماً ستكون.. حروفنا قاصرة، هاماتنا تنحني أنتن الوعد والغد.‏

dhasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية