تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حب اليافعين عاطفة موقوتة .. أم مجرد تدريب عاطفي؟

مجتمع
الخميس 28-1-2010
محمد عكروش

عمر اليافعين يستأثر اهتمام الكثيرين في المجتمع لما لهذه المرحلة من العمرية من تبدلات جسمية ونفسية وحيوية بالغة الأهمية بلا شك ما يجعل التساؤلات تكثر, فيهرب الآباء والأمهات من الإجابة عليها وينشدون بهذه المرحلة على أنها اضطرابات عاطفية تصاحب التطورات الجسدية لا تلبث أن تزول لتحل محلها أخرى وبدورها تتلاشى..

فهل مقبول أن يقال للفتاة أو الفتى انها أصغر من أن تحب؟‏

وهل ينكرون أحاسيسهم وعواطفهم وذواتهم؟‏

وهل عاطفتهم غير مستقرة لا تلبث أن تزول لتحل محلها أخرى ؟‏

لماذا كل هذه الاضطرابات التي يعاني منها شبابنا وشاباتنا حين تشعر بأعراض الحب الأول؟.‏

قصورمن أحلام‏

تحدثنا مع الاختصاصية النفسية غادة شحود لتقول: حقيقة هذه الاضطرابات هي نتيجة مرحلة انتقالية تمر بها ما بين الطفولة ومرحلة النضج العاطفي والجسدي فهي تتسم بالثورة والقلق والصراعات والصعاب وهي بحاجة إلى رعاية وتوجيه لأن هذا الحب اكتشاف مفاجىء فقبله كانت الفتاة تعرف الحب كما تراه في الأفلام والقصص الغرامية، وفجأة يصبح حقيقة تحسها وتعاني منها ، حقيقة رائعة لكنها غامضة خلف الستار فيتناسى الأهل أنهم عاشوا نفس التجربة في زمنهم وأقل من ذلك، فهذا الحب الذي نظنه أبدياً لا نهائياً له منذ البداية حدود تحتويه وتكتنفه شكوك تجعله عاطفة موقوتة ، فهو مجرد تدريب عاطفي (والتمييز بين جوهره غير يسير على العين المدربة الخبيرة أما التمييز بين عاطفة وعاطفة يكاد يكون حالة خاصة وقد أصبحت كلمة الحب تعني كل شيء .. ولا شيء).‏

 حين تؤكد حبها فهل هي مخطئة بهذا السن أم تحب فعلاً؟‏

  بنت الـ 18 لها مكانة كباقي أفراد المجتمع فهي تحب ولكنها تحب كما يستطيع كل إنسان أن يحب في هذه السن المبكرة فالحب تدريب طويل، تمر به فترات نمو وتقدم تعقبها فترات خمول وتقهقر شأنها شأن الحياة ذاتها، فحياتنا العاطفية والعقلية في تغير وتطور فنحن اليوم غير ما سنكون غداً المشكلة أن الحب الأول في بدائيته وعنفه لا يعترف بهذه الحقيقة فهو بنفسه معجب ومختال.. ويعتبرها الأهل ردة فعل عكسية فتحدث تغيرات لدى الفتاة وحاجات واضطرابات لذلك المراهق لا يفهمها هو ولا يستطيع التحكم بها ويشعر بسطوة الكبار عليه.‏

وكما قال روجز(( فهذه المرحلة تعتبر مرحلة تغير شديد وتبلور لكثير من الوظائف البيولوجية والجنسية لذا فهي ذات شقين احدهما يتمثل بالنضوج الجنسي والآخر يتمثل في ردود الفعل التي يثيرها هذا النضوج في البيئة الاجتماعية .‏

 هل يقال ان الفتاة أو الفتى أصغر من أن تحب أو يحب‏

  كما هو معروف المراهقة تبحث عن الراحة والأمان انها تبحث عن نظام أو شخصية لم تستطع الأسرة والمجتمع منحها لها لذلك تميل الصراعات الداخلية إلى زيادة حدة الصراعات الأسروية .‏

فالنضوج العاطفي سمة مميزة في فترة الشباب فالتطور لايتم عند الثامنة عشرة المهم أن يعرف الشباب ذلك، ويأخذه بعين الاعتبار في سلوكه اليومي ويبحث عن النضج ويتجه إليه ابان سعيه نحو النضوج يتغير الحب ويتطور هو أيضاً.‏

 كيف يتطور الحب ؟‏

  للحب جانب حسي وجانب عاطفي والجانب الحسي مشترك بين الناس وبين سائر الحيوانات أم الجانب العاطفي فيختص به الإنسان وحده ومهما يكون الحب عاطفياً فإننا نعبر عنه بوسائل حسية بالكلمة باللمسة بالنظرة لأن الألوان والأشكال تجذب الرجال بينما المرأة تجذبها الكلمة الحلوة والمشاعر الطيبة وعلماء النفس يعتبرون ان الحب هو ((كل القيم الإنسانية مجتمعة يتجسد فيه المعنى الحقيقي لكلمة إنسان)).‏

 من نصدق الفتاة أم الأهل ؟‏

  ان المثالية تحتم علينا أن نبحث عن وسائل تسمح بإقامة فترة انتقال أقل وحشية من مرحلة الطفولة إلى البلوغ فترة انتقال ينظر خلالها إلى حاجات المراهقة بعين العطف ومحاولة اشعارهن اننا دائماً معهن وفي صفهن ومع أفكارهن الاجتماعية التحررية ونخص بالذكرالآباء والأمهات (لا تلوموا أبناءكم عندما يخطئون ولا تتخلوا عنهم في فشلهم بل قفوا إلى جوارهم وساعدوهم على أن يحولوا فشلهم إلى نجاح فإن الظلام يحتاج إلى ضوء شمعة).‏

الآمال الوردية‏

 ماذا تقول لشبابنا في هذا المرحلة؟‏

  أريد أن أقول لهم انني اصدقهم حين يقولون إنهم يحبون ففي مرحلة أولى يريد المرء أن يأخذ ويأخذ دون أن يعطي ويغلب على خياله أفكار الحب فالحب ليس عائقاً يحول دون خوض تجربته والاستمتاع بأجوائه ثم تدرك ان الحب الصحيح هبة وعطاء قبل كل شيء كالأمومة وهو تجاوب بين شخصين عطاء واحد فهي لاتنتصر لمبدأ معين.‏

( ليس الموت أسوأ الأشياء ان الحياة بغير حب أسوأ من الموت).‏

ولكن أود في ذات الوقت لو اتفقت معي أن هذه العاطفة قابلة للتغيير والتطور قد تنمو ولكنها أيضاً قد تخبو وتتلاشى.‏

لذلك أنا مع الأهل في هذه المرحلة لأنها أي الفتاة ترغب وكذلك الفتى في هذه السن في التخلص من القيود والسلطات التي تحيط بهم ، وبعد هذه السن يتعودون على ضبط أنفسهم تحت لواء المجتمع وعاداته حيث يعيش الجميع فيه .‏

وغير ناضجة من لا تدرك هذا حتى ولو بلغت الستين او تجاوزتها فالأنانية شيء والحب شيء آخر.‏

وتؤكد شحوذ أن هذه المرحلة ليست خطيرة على الإطلاق انها أحلى السنوات لو تعلمنا ان نثق بهؤلاء المراهقين ولا نحاصرهم بأسئلتنا الشكوكة، انهم في حاجة لصديق أكثرمن أي وقت آخر والتأني والصبر هما أول خطوة على طريق النجاح.‏

 ما هو الأسلوب الأمثل لنجعلهم يعبرون الشط بسلام.؟‏

  صراحة أبدأ من الاعتراف بحق الشباب في الاختلاف معنا في تقييم واقعهم والأساليب المختلفة للتفاعل والتكيف معهم هذا ما عبرت عنه جمانة عجلوني المرشدة الاجتماعية وهذا الاعتراف يقتضي منا الاستماع إليهم والتحاور معهم واقناعهم بعقلية ومنطقية لطيفة أو الاقتناع منهم في حالات فيستدعي ان نتجه إلى الأزمة ونحاول حلها والنزول إلى سنهم بدلاً من أن نركز على التمرد لقمعهم، كما يجب علينا نحن الكبار الاعتراف بحاجاتهم لأنها مطلب أساسي للسلوك ، ومن الطبيعي ان يغلب على خيالاتهم وأفكارهم الحب دون الزواج، فهم من ناحية السن والظروف وحالة النضج يكونون غير مستعدين للتعايش مع فكرة الزواج ولكنهم في نفس الوقت متلهفون ومتعطشون إلى الحب وأحلامه. بدليل ان الفتاة قد تقنع الآخر أو تأمل فيه فكل مايعنيها ان تكون في حالة حب أن يعيش الرجل وفارس الأحلام في خيالها.‏

وتضيف عجلوني: والحب لم يعد عائقاً يحول دون خوض تجربته والاستمتاع بأجوائه لذا يجب التوجه التربوي إلى الاهتمام بأوقات الفراغ لهؤلاء الطلاب لأنها مفسدة للروح والخلق فلا بد من استغلالها بمناشط تربوية هادفة كالأفلام الهادفة والنافعة وادخال البرامج الحاسوبية لكي نلحق بركب التطور الحضاري والانخراط في سلك الأندية والمعارض، ولا بد من القول آخراً هذه المرحلة بأنها اضطرابات عاطفية تصاحب التطورات الجسدية اضطرابات لا تلبث أن تزول لتحل محلها أخرى، وبدورها تتلاشى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية