تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ندوة .. هـــل يتمتــع أطفالنـــا بالصحــــة النفســـية ؟ د. الحاج ..القلق أكثر الاضطرابات شيوعاً

مجتمع
الخميس 28-1-2010
متابعة : منال السماك

مامعنى الصحةالنفسية بالنسبة للطفل ، وهل عدم وجودها يعني مرضاً نفسياً أوعقلياً ، وإلى أي مدى تتوافر لدى الطفل العربي عموماً والسوري خصوصاًَ ؟

هذه التساؤلات طرحتها ندوة (الصحة النفسية عند الطفل) التي أقامتها الجمعية الوطنية للتوعية الاجتماعية مؤخراً في ثقافي كفرسوسة ، وقد شارك فيها كل من رئيسة قسم علم النفس بكلية التربية الدكتورة أمينة رزق ، وأستاذ الصحة النفسية والارشاد النفسي بجامعة دمشق الدكتور فايز الحاج.‏

من هو الصحيح نفسياً ؟‏

لتحديد من هو الصحيح نفسياً لابد من وضع تعريف للصحة النفسية ، وقد طرحت د. رزق تعاريف كثيرة بالقول: لوقلنا إنها البريء من أعراض المرض العقلي أوالنفسي فهناك عدد كبير من الأشخاص ليس لديهم هذه الأمراض، ولكن لديهم اضطرابات أوتقلبات في حياتهم المهنية أوالمدرسية أو الاجتماعية، واذا قلنا انها تعني قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومع الآخرين سنجد أفراداً لايتقبلون أنفسهم فكيف يتقبلون الآخرين ، لذلك جاء تعريف منظمة الصحة العالمية الذي عرفها بأنها حالة من المعافاة الدائمة أوالكاملة بشكل عام من الناحية البدنية والعقلية والاجتماعية والنفسية.‏

وقد أجمعت الدراسات العلمية في مختلف المناطق الجغرافية على وضع معايير للصحة النفسية ، وهي المحافظة على الثبات في المواقف المتعددة والتكيف مع شروط الواقع المتغير والنمو مع مراحل العمر كافة حيث لكل مرحلة متطلباتها وحاجاتها وخصائصها والتوافق مع المتطلبات الاجتماعية والتكيف مع العادات والقيم وأن يساهم الانسان في الحياة الاجتماعية وحتى تنطبق هذه المعايير لابد من اضافة معيارين آخرين هما الشدة والتكرار، فعندما يمرالانسان بظروف وضغوط فيخرج عن طوره ويتصرف كالأطفال فهنا الاضطراب الذي يمربه هو رهين هذا الموقف والمعيار الآخر التكرار فهل يتكرر هذا العرض أم أنه لمرة واحدة فقط؟‏

ولفتت د. رز ق إلى أهمية الصحة النفسية سواء للراشد أوالطفل لأن من سيربي الطفل هوالراشد ، الذي يعد القدوة والأسوة الحسنة و بقدر مايكون الراشد والقائم على التربية في المدرسة والأسرة صحيحاً نفسياً ، سيكون الأطفال بصحة نفسية جيدة ، والمعيار أن يستطيع الانسان القيام بعدة أدوار وبالطريقة المطلوبة دون تعارض بين هذه الأدوار .‏

والصحيح نفسياً هو الانسان العادي البسيط الذي يعيش بفطرته ويتحمل الشدة والمعاناة ويتعلم من تجاربه ، فنحن اعتدنا أن نربي أطفالنا على أنهم مطالبون دائماً بالنجاح والتميز في حين هناك الكثير من العقبات والمشكلات نحن من نحلها لهم ،وبالتالي نحرمهم من جرعة تحصين ضد الضغوط ومن فرصة تعلم حل المشكلات فينبغي تعريض الطفل لبعض المشكلات البسيطة حسب عمره، فالتربية الايجابية ليست حمايتهم ووضعهم في غرف من البلور.‏

وعلى الأهل فهم كل مرحلة نمائية يمر بها الطفل حيث لكل مرحلة مشكلاتها واحتواء الطفل حتى لاتتحول المشكلة النمائية إلى مشكلة سلوكية تحتاج إلى علاج .‏

الطفولة أرض خصبة للاضطرابات‏

وقد يتساءل البعض لماذا هذا التركيز على الطفل ؟ يجيب د. الحاج:‏

عندما نتكلم عن مرحلة الرشد والشباب ومافيها من سواء أو مرض واضطراب فإننا نلاحظ أن الطفولة هي القاعدة والأرض الخصبة التي نبتت فيها هذه الاضطرابات المختلفة التي يعاني منها عندما كان طفلاً .‏

وقبل الحديث عن صحة الطفل النفسية لابد من التفريق بين الاضطراب النفسي والمرض النفسي، وبرأي د.الحاج أن الفرق بينهما بالدرجة وليس في النوع وقد يتوهم كثير من الناس من الأمراض النفسية، ولكن عندما جاء التصنيف الدولي للأمراض النفسية للفرق بين الاضطراب والمرض النفسي ومامن انسان يستطيع القول إنه لم يمر بمرحلة اضطراب نفسي فالانسان أحاسيس ومشاعر ووجدان يتأثر بمايحيط به وبذلك عملية التأثر التي تتبدى بمايسمى القلق هي أبسط درجات الاضطراب النفسي ودرجة التأثير ينبغي ألا تتجاوز حدوداً معينة لاتزيد ولاتنقص.‏

اضطرابات وليست أمراضاً‏

وحسب رأي د. الحاج فإن الاضطرابات النفسية التي عاني منها الأطفال كثيرة ولكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الاضطرابات ليست أمراضاً نفسية .‏

لذلك عندما نقول اضطرابات التبول اللاارادي واضطرابات التكيف والتواصل كالحبسة الكلامية والتأتأة والقلق والحزن فهذه لايمكن تصنيفها في مرتبة الأمراض إلا إذا بلغت درجة معينة من الشدة.‏

والدراسات المتعلقة بالصحة النفسية عندالأطفال تعتبر قليلة نسبياً إذا ماقورنت بالدراسات الأخرى والسبب أنها تعتمد على وسائل وأدوات هي عبارة عن مجموعة من الاختبارات والمقاييس وتطبيقها على الأطفال صعب لأن بعضهم لايحسن الاجابة وبالتالي قد يبدو من الصعوبة بمكان تحديد مستوى الصحة النفسية عند الأطفال .‏

أرقام واحصائيات‏

ومن نتائج الدراسة التي قام بها د. الحاج وهي دراسة مسحية ميدانية يتبين إلى أي حد يتمتع الطفل السوري بالصحة النفسية ؟ وماهي مظاهر الاضطراب النفسي ؟ وقد بلغت درجة السواء في الاضطرابات النفسية الحركية مع اضطرابات خفيفة 73٪ عند البنات و71٪ عند البنين والاضطرابات الحركية الشديدة 26٪ عند البنات و 28٪ عند البنين وبالنسبة للمشكلات الصحية فقد بلغت درجة السواء مع مشكلات خفيفة 68٪ عند البنات و 70 ٪ عند البنين والاضطرابات الشديدة والحادة 31٪ بنات و 29٪ بنين وانخفاض تقدير الذات فئة السواء مع اضطرابات خفيفة 62٪ بنات و 74٪ بنين ، وانخفاض حاد 37٪ بنات و 35٪ بنين وبالنسبة لاضطرابات المزاج السواء النفسي مع المزاج الخفيف 51٪ بنات و 51٪ بنين واضطراب شديد وحاد 48٪ بنات و 44٪ بنين والانسحاب الاجتماعي فئة السواء مع الانسحاب العادي 54٪ بنات و55٪ بنين وانسحاب شديد وحاد 45٪ بنات و 44٪ بنين .‏

ومن خلال دراسة مقارنة بين هذه الدراسة ودراسة أخرى قام بها د. الحاج في السعودية وجد أن النسب متقاربة وأن أكثر الاضطرابات شيوعاً بالنسبة للأطفال يأتي القلق في المرتبة الأولى ثم يليه ضعف التركيز وتشتت الانتباه وفرط النشاط الزائد ثم صعوبات التعلم حيث يلاحظ ارتفاعاً في نسبته .‏

أهمية المرشد النفسي‏

وأمام هذه الأرقام تبدو الحاجة الماسة إلى وجود المرشد النفسي في مدارسنا وهذا مالفت إليه د. الحاج والذي ذكر أنه :‏

خلال المؤتمر الدولي الأول للصحة المدرسية الذي جرى في الامارات العربية المتحدة كان أبرز توصياته أنه ينبغي أن يكون لكل مدرسة مرشد نفسي وإذا تجاوز عدد طلاب المدرسة 400 طالب ينبغي تواجد مرشدين وقد كانت سورية من الدول السباقة لتطبيق هذه التوصية .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية