تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العرب ومواجهة العدوان الإسرائيلي

شؤون سياسية
الخميس 28-1-2010م
أسامة عبد الحق

بعد أن شهد شاهد من أهلها وهو أمين عام جامعة الدول العربية بأن عام 2009 كان الأسوأ على المستوى العربي، وإن كان العام الجديد قد شهد انفراجة كبيرة في تحسين العلاقات العربية

ما يعد فاتحة خير للأمة العربية، ومنطلقاً للتضامن والتفاهم العربي، في مواجهة التطورات الدولية والإقليمية التي لا تخفي حساسيتها ومخاطرها على العرب دون استثناء، فالتحديات لم تعد تقتصر على مشكلات سياسية أو أمنية فقط وإنما مشكلات المال والاقتصاد وتأثيرات الأزمة العالمية المتعلقة بهما، والتي تدق بشدة أبواب الجميع وما أنتجته من أزمة غير مسبوقة في العلاقات الغربية العربية وهو ما يتطلب ضرورة التصدي القوي للأصابع الأجنبية لتوقف عبثها غير المسؤول في المنطقة العربية، وتجاهلها للمصالح والحقوق العربية المشروعة كل ذلك يجعل المسؤولية الملقاة على مؤتمر القمة العربية الذي سينعقد في العاصمة الليبية طرابلس كبيرة من أجل سرعة التوصل للمصالحة والتوافق العربي الحقيقيين وأن تظل قضية التقارب والوحدة العربية أهم القضايا التي يجب أن ينشغل بها التفكير العربي، وأن يتم التركيز على هذه الفكرة كهدف كبير يسعى إليه العرب في كل تحركاتهم، بحيث يجري التأكيد فيها باستمرار على أن التقارب والوحدة بين العرب ضرورة في هذا التوقيت تحديداً، خاصة في ظل تزايد حجم التحديات الخارجية التي يتعرض لها العرب، ما يستلزم سرعة لم شملهم في مواجهتها فالمسألة الكبرى التي عجزنا حتى الآن عن فهمها هي أنه لا يمكن تحقيق أي هدف نرغب فيه دون إنجاز وبناء شروطه ومتطلباته الرئيسية ولبناته الأساسية الداخلية في كل بلد من البلدان العربية, حيث إن لكل بلد مشكلاته والتزاماته وعلاقاته وتعقيداته وأزماته الخاصة والعامة.‏

إن نقاط الضعف في الوضع العربي الرسمي قد تكشفت تماماً، حيث بدأت موازين القوى توفر إمكانية تعاظم الدور العربي إلى جانب الدورين التركي والإيراني، اللذين راحا يسعيان لملء الفراغ ومعهما سورية، فيما يقف الوضع العربي عموماً في حالة شلل، باستثناء التقدم الأخير نحو عودة مثلث القوة العربي.‏

إن نقطة الخلل الأساسية في الوضع العربي الرسمي عبرت عن المواقف التي تحكمت في سياسات الدول العربية إزاء العدوان على قطاع غزة وقبلها على لبنان، كما عبر عن ذلك مثلا الموقف من عقد القمة العربية الطارئة، والمؤسف أننا لا نمتلك أسساً واضحة، يمكن تمثلها، والسير عليها للوصول إلى تحقيق أي هدف من أهدافنا، ومن بينها هدف الوحدة.‏

إن الفكر السياسي العربي مازال غير واع حتى الآن بحقيقة التداخل الوظيفي في المجتمع العربي، بل إن حالات التفتت والتشرذم التي تميز النظام العربي، تجعل كل دولة تنكمش داخل حدودها ومن هنا يمكن القول: إذا كانت هناك من أسباب لتعثر الوحدة السياسية بين العرب فإن أهمها غياب التكامل الاقتصادي لكن لم يتصد الكثيرون لمعرفة سبب فشل هذا التكامل الاقتصادي وعدم تحققه بين الأقطار العربية رغم مرور كل هذه السنوات، ومازال البعض يحلم بخطوات للتكامل الاقتصادي تصل بالعرب إلى الوحدة الاقتصادية على غرار الوحدة الأوروبية، وخاصة بعد أن أدى التأخير في تحقيق ذلك لتعميق تبعية الاقتصاديات العربية للمؤسسات المالية الدولية، وفي نفس الوقت قيام مؤسسات الإقراض الدولية باستغلال حاجة النظام الإقليمي العربي إلى القروض الجديدة لفرض شروط اقتصادية وسياسية واجتماعية مجحفة، وغير متناسبة مع ظروف هذه الدول, ما أدى إلى حدوث كثير من الهزات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة.‏

 كاتب وصحفي مصري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية