تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان التركي مصطفى أقصاي: المعمار سنان.. عبقرية لم تنل حظها من الشهرة

ثقافة
الخميس 28-1-2010
أمل سليمان معروف

من خلال الجذور الممتدة لعلاقات حسن الجوار بين سورية وتركيا وفي اطار الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين الشقيقين افتتح خلال زيارة السيد رجا طيب أردوغان الأخيرة إلى سورية الشهر الماضي،

معرض صور لمنجزات المعمار سنان الذي يؤكد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الموغلة في القدم. وتتوزع أعمال المعمار سنان في ثماني دول حاليا منها تركيا، سورية، فلسطين، السعودية ، البوسنة و الهرسك، وأوكرانيا. وكانت سورية البلد الثاني بعد تركيا الذي قدم كافة التسهيلات و الدعم خلال التحضير لهذا المعرض. و تتميز أعمال سنان أساسا بأنها حية و قائمة في كل أنحاء العالم علما أنه توفي في نهاية القرن السادس عشر . والملفت للنظر أنه رغم عبقرية هذا الرجل و ذكائه الحاد إلا أنه لم يتمتع بالشهرة التي يستحقها.‏

خلال افتتاحه معرض صور الفنان التركي مصطفى أقصاي لأعمال المعمار سنان للمرة الثانية في دمشق، كشف السيد رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري سر حميمية العلاقات السورية -التركية من خلال التاريخ المشترك والثقافة المشتركة لكلا الشعبين السوري و التركي حيث لا تخفى على الناظر فرحة الشعبين بتوطيد هذه العلاقات. فقد بدأت العلاقة بين العرب و الأتراك منذ قرون عديدة وهذا التاريخ المشترك و العلاقات الثقافية و الاجتماعية بين البلدين هو أساس قوة العلاقات الثنائية في مختلف مناحيها بين البلدين.‏

ويضم المعرض الذي افتتح في التاسع عشر من الشهر الحالي والذي يستمر أسبوعاً، أكثر من أربعين صورة ضوئية تتسم بحرفية فنية عالية وبساطة تمتعت بها تصميمات المعمار سنان من خلال وضعه تصورات مختلفة وحلولاً مبتكرة لهندسة العمارة. و تبرز هذه الصور تأثر المعمار سنان بجميع المدارس الإسلامية التي سبقته. فقد تأثر بالبناء الأموي العظيم الذي رآه في المسجد الأموي و المسجد الأقصى و كذلك بالمدارس الإيرانية الإسلامية ولاسيما في شيراز و أصفهان و تأثر بجامع أيا صوفيا من التراث البيزنطي. و لكونه رجلا عبقريا، فقد تمكن من إشادة أكثر من ثلاثمئة و أربعة وستين مبنى امتدت على رقعة جغرافية شاسعة ضمت ثماني دول عربية و أجنبية.‏

و يجد السيد عمر أونهون سفير الجمهورية التركية في دمشق أهمية هذا المعرض في إظهاره السمات التاريخية المشتركة بين سورية وتركيا و إبرازه أعمال أهم المعماريين الأتراك في سورية متمثلة في التكية السليمانية و خان أسعد باشا. و يثلج قلب السيد أونهون أن النشاطات السورية تجذب الجمهور التركي و كذلك تلقى النشاطات التركية ترحيبا من الجمهور السوري. و يعطي أهمية كبرى إلى العيش المشترك لألف عام بين الشعبين و التي تشكلت فيها قيم متبادلة ثقافية و اجتماعية مشتركة، ناهيك بالتقارب و التعايش الطبيعي بين البلدين و الذي يفرضه الوضع الجغرافي.‏

أما السيد حياتي يازجي وزير الدولة التركي لشؤون الجمارك فقد أثنى على ما تقوم به سورية من اهتمام واسع بالآثار التي بنيت في الفترة العثمانية والحقب الأخرى من حيث الترميم والصيانة والمحافظة عليها لتكون في أبهى حلة. و يجد يازجي أن أهمية المعرض تأتي من أهمية الأبنية التي شيدها المعمار سنان، ومن أهمية المكان الذي يحتضن هذا المعرض وهو خان أسعد باشا حاليا و التكية السليمانية سابقا و اللذان تم تشييدهما في الفترة العثمانية في مدينة دمشق التاريخية العريقة مضيفاً أن أبنية سنان تتميز بعمقها الإنساني وبالراحة النفسية التي تمد من يكون فيها إذ إنها وككل الآثار العثمانية تربط الإنسان بالمكان وهذا واضح في اللوحات المعروضة.‏

أما عن سبب التفكير بإقامة معرض لأعمال المعمار سنان، يقول الفنان مصطفى أقصاي إن الفكرة ولدت عام 2005 عندما شعرت بأن المعمار سنان هذا المعماري العظيم لا يتمتع بالشهرة التي يستحقها. فقد انعقد مؤتمر دولي للمعماريين في استانبول حينها و شارك فيه 10.000 مهندس عمارة من جميع أنحاء العالم و خلال ذلك المؤتمر، توجه أحد الصحفيين بسؤال للمجتمعين عن المعمار سنان و لم يتجاوز العارفون به نسبة 10%. هذه النسبة جعلت أقصاي يبدأ العمل على تصوير فيلم وثائقي مدته أربع ساعات و نصف الساعة يترافق مع معرض صور لتراث معمار سنان في العمارة. وقد لقي من أجل ذلك دعما شعبيا إلى جانب ما قدمه مكتب الدعم في رئاسة مجلس الوزراء برئاسة السيد حياتي يازجي وزير الدولة التركي لشؤون الجمارك. علما أن السيد الوزير يازجي كتب مقالة حول معمار سنان في مجلة ستصدر قريبا.‏

و من هنا انطلق العمل في الدول التي تتوزع فيها أعمال المعماري العبقري حيث تلقوا التسهيلات و المساعدة القصوى في كل من سورية و تركيا حسب حديث السيد مصطفى أقصاي و الذي قال إن الدعم الذي قدمته سورية يوازي الدعم الذي قدمه بلده تركيا. وقد استغرق إنجاز المعرض أكثر من ثلاث سنوات تنقل خلالها أقصاي بين الدول الثماني التي شيد فيها المعمار سنان أبنيته مستخدما كاميرا متطورة جداً لالتقاط 7 آلاف صورة لهذه الأبنية انتقى منها الصور الأربعين التي يعرضها في معرضه. تم عرض هذا المعرض أولا في القصر الجمهوري التركي برعاية سيادة الرئيس عبد الله غل ثم جاء إلى دمشق و حلب في سورية ومن ثم سيتوجه إلى صوفيا، برلين، وروما خلال الثلاثة أشهر القادمة. و فيما بعد، لديهم دعوات لمدن أخرى في العالم.‏

و تحدث أقصاي عن تصوير فيلم وثائقي جديد حول العلاقات بين سورية وتركيا من خلال علاقة تجمع بين شاب تركي و شابة سورية.‏

وقد قضى الفنان التركي مصطفى أقصاي، الذي يصف نفسه بأنه إنسان بسيط، أكثر من خمسة و عشرين عاما يعمل في مجال التصوير الضوئي والسينمائي الوثائقي ومن أعماله السابقة أول فيلم وثائقي عن خط الحجاز الحديدي حيث زار سورية و صور ذلك الفيلم فيها منذ اثني عشر عاما و مازال يجري عرضه على عدد من القنوات التلفزيونية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية