|
دراسات مطلع شهر آب الماضي فقد غادر نتنياهو وزارة ارئيل شارون منافسه يوم السابع من آب في مناورة تهدف الى ارباك شارون عدوه اللدود وللتعبير عن معارضته الانسحاب المذكور وفي محاولة لكسب تأييد أصوات هؤلاء المناهضين للانسحاب من غزة الى صفوفه وكان له ما أراد رغم الدهشة التي اعترت الأوساط السياسية داخل الليكود وخارجه على حد سواء. وتندرج تلك المناورة تحت عنوان السباق لزعامة حزب الليكود لتكشف عملية لي الأذرع بين قطبين من أكثر أقطاب أحزاب اليمين الإسرائيلي بشراسة. المعروف أن الليكود أكبر قوى اليمين الإسرائيلي قاعدة وأوسعهما نفوذاً وأشدهما تمسكاً بسياسة الاستيطان وتوسيعه وترسيخه داخل الأراضي العربية المحتلة وها هو الليكود يكثف منذ مطلع صيف العام الحالي من جهوده استعداداً للانتخابات التشريعية القادمة في تشرين الثاني 2006- كما حدد موعدها سابقاً- مع احتمال تقديم هذا الموعد نظراً للتطورات التي تشهدها إسرائيل في الآونة الأخيرة. وقد أطلق نتنياهو قنبلة بين قدمي شارون حين أعلن غداة استقالته من حكومة هذا الأخير لقد وصلنا الى منعطف حقيقي فمناورة الانسحاب من غزة تشكل خطوة أولى لدفعنا الى حدود عام 1967 (في اشارة الى الانسحاب من الضفة الغربية), وبالتالي لإعادة تقسيم القدس مجدداً. ونظراً لتمتع بنيامين نتنياهو خلال وجوده في وزارة المالية بتأييد الشركات التجارية لسياسته الليبرالية وبخاصةالخصخصة التي طالبت العديد من المؤسسات الحكوميةتزايدت شعبيتة. ألم تمنح استقالة نتنياهو من وزارة المالية الدفع اللازم لمواجهة عدوه شارون وجهاً لوجه خلال معركة انتخابية تمهيدية تشكل حسبما اجمع المراقبون ظاهرة خطيرة في الكنيست الإسرائيلي? فمن أصل أربعين مقعداً في هذا البرلمان تابعاً لحزب الليكود بإمكان نتنياهو الحصول على تأييد قرابة 19 نائباً ليكودياً يعارض الانسحاب من غزة أو الضفة الغربية أو أي بقعة أخرى, هذا الى جانب انتظار هؤلاء المعارضين للخطة الحاسمة لتصفية حساباتهم القديمة مع شارون عشية انطلاق حملة الانتخابات التشريعية المدججة بالمزايدات والمساومات وتمهد تلك الحملة لما يسمى مرحلة ما بعد الانسحاب من غزة حين سيتشدد شارون في مواقفه السياسية سواء أكان على صعيد المستوطنات التي يزداد عددها في الضفة الغربية أم على صعيد جدار الفصل العنصري, وبالفعل جاء قصف الطيران الإسرائيلي ل غزة ليترجم سياسة شارون المتطرفة على أرض الواقع من جديد هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن المعارضين من خارج إسرائيل لسياسات ارئيل شارون جملة وتفصيلاً يزدادون ولعل أبرز تلك الأصوات المستنكرة للعدوان الإسرائيلي صوت أشهر وزراء دفاع الولايات المتحدة على الإطلاق روبرت ماكنمارا وكان يشغل هذا المنصب خلال حرب فيتنام وقد نشر مذكراته تحت عنوان ( المأساة والدروس المستقاة من حرب فيتنام) وذلك عام 1986 وقد صرح مؤخراً: أصابتني الدهشة بعيد إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة وما رافقها من انسحاب للقوات المسلحة الإسرائيلية وتوقعت الأسوأ إذ لم يمض يوم واحد على تلك الخطوة حتى أعلن شمعون بيريز أن احتلال إسرائيل لقطاع غزة لمدة تزيد على 38 عاماً كان خطأً فادحاً. فقد أدى هذا الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة على مدى 38 عاماً الى إزهاق أرواح عدد كبير من الفلسطينيين ناهيك عن الخسائر المادية ويتساءل (مكنمارا) قائلاً : كم من الأموال انفقت لبناء تلك المستوطنات التي حولها الإسرائيليون الى ركام من الحجارة بعد إخلائها? وكم سيكلف إعادة ايجاد مساكن جديدة لأولئك المستوطنين? ليجيب اعتقد مليارات الدولارات .فبعد أن راح ضحية احتلال قطاع غزة آلاف الفلسطينيين, تنامت مشاعر الكراهية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ننهض ذات صباح لنسمع شمعون بيريز يقول آسف أيها الجماعة إن هذا الاحتلال كان خطأ,يعني احتلال قطاع غزة لقرابة أربعة عقود. يذكر( مكنمارا) بيريز وهو اليوم نائب رئيس الحكومة بعد أن شغل مناصب في الحكومة الإسرائيلية لأكثر من أربعة عقود,كانت إسرائيل تحتل فيها غزة, شغل مرتين منصب رئيس الحكومة , يذكر أنه يمكنه فعل أي شيء حيال هذا الاحتلال. الأهم من ذلك كله أن تتعلم إسرائيل من الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي لكي تتفادى ارتكاب مزيد من الأخطاء المؤلمة في المستقبل. ويضيف (مكنمارا) مهندس حرب فيتنام: إن انسحاب إسرائيل من قطاع غزة يعنى أنها تخلت عن مليون فلسطيني كان يخضع لسيطرتها فماذا بالنسبة لمليوني فلسطيني يقطنون الضفة الغربية ويخضعون للسيطرة الإسرائيلية? وكان شارون في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة قد صرح قائلاً نحن لا نرغب في حكم الفلسطينيين و لكنه عندما عاد الى إسرائيل عاد فأكد أنه سيعمد الى تعزيز وتدعيم المستوطنات الموجودة في قطاع غزة..!1 هذا التناقض في أقوال وأفعال الإسرائيليين يسيء للإسرائيليين فيتابع روبرت ماكنمار: فحسب الاحصائيات الديمغرافية سيزداد عدد السكان العرب مقارنة باليهود ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. فإذا رغبت إسرائيل في البقاء كدولة ديمقراطية يهودية عليها أن تعمل لترسم حدودها حسب وقائع ديمغرافية بمعنى آخر أن تسحب حدودها بعيداً عن الأراضي التي يقطنها الفلسطينيون. أما انسحاب إسرائيل من قطاع غزة يعني بداية هذا الانسحاب. ألم يرم شارون في خطابه أمام الأمم المتحدة الكرة في ملعب الفلسطينيين بقوله هل سيتمكن الفلسطينيون من حكم أنفسهم وبناء مجتمع ديمقراطي هكذا بخبث وسوء نية مبطنة? فإذا ما فشل الفلسطينيون في ذلك هل عليهم الانتظار عقداً آخر من الزمن حتى يقرر الإسرائيليون الانسحاب من الضفة الغربية لتتكرر المأساة? أما آن الأوان ليتعلم الإسرائيليون من أخطائهم السابقة? فكما انسحب الإسرائيليون من قطاع غزة عليهم الانسحاب من الضفة الغربية والقدس. |
|