تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زوربا الروسي.... الأنيق

ثقافة
الأحد 9/10/2005م
خزامى رشيد

العرض الروسي الراقص (كجل) في دمشق على خشبة مسرح الأوبرا مكان يليق بمتحف الرقص الروسي,

والمتحف هنا لا يعني المتحفية بقدر ما يعني التحفة الفنية النادرة خصوصاً إذا ما عرفنا أن تسمية كجل جاءت من مصدرها بلدة كجل في ضواحي موسكو. اشتهرت بعشق الغناء والرقص وبصناعة دمى تحمل اسمها وملامح الطبيعة الروسية الزاهية الألوان وأنواع الفنون التطبيقية المتعلقة بالرسم على السيراميك, التحف الروسية التي طالما زينت معظم بيوت الشرق المرتبط بصداقة عميقة مع روسيا, اهتماماً واحتراماً لهذا الفن التقليدي العريق المزخرف بأيدي الصناعيين والفنانين المهرة, انطلقت فرقة كجل والتي حازت على لقب شرف الأكاديمية الراقصة في رحلة واسعة امتدت من مهد الرقص الكلاسيكي والباليه والفنون التراثية موسكو الى العلم برحلة تفاعلية تلاقت مع الجمهور العالمي ليكون لهم نصيب بتذوق تحفة الفن الروسي الراقص, في مسرح الأوبرا بدمشق ومسرح المعرض كان للجمهور السوري فرصة نادرة لتذوق متعة حضور عرض عالمي راقص لفرقة كجل التي يزيد عدد راقصيها على .100‏

حضرت كجل بأمتعتها الفلكلورية بمطرزاتها وأزيائها الفاتنة أنيقة الألوان والزخرفات لتعتلي الجسد الراقص فتضيف روحية وجمالية فنية لأربعين راقصاً روسياً قدموا وغادروا بعاصفة من تصفيق الجمهور وثرثرات الخارجين من المسرح بأجمل عرض راقص قد شاهدوه أو ربما سيشاهدوه. لوحة من الألوان والجمال المعد بإتقان تعزفه نوتة الخيوط الفضية لأزياء الراقصين المندفعين بأداء راقص ماكر مرن, كان باستطاعته انتزاع ساعة ونصف من الألق والحيوية والخروج من الحداثة وضوضاء العالم المعبأ بالدخان والأزمات والتناقضات, الى العالم الخاص بالجمال, جمال الرقص, جمال اللوحات المتشكلة بالرقصات, جمال الموسيقا والغناء وجمال الألوان المنعكسة على الشاشة الخلفية للمسرح, إضاءة تنثر زرقة البحر.‏

أهزوجة بحاري البلطيق والبحر الأسود وبياض ثلج روسيا ليشكلا معاً ثنائياً لونياً يريح العين والروح فتتسابق الغيوم الى الشاشة الخلفية بتصميم الاضاءة المميز, الى ثياب الراقصات المتعددة الألوان حيث يتسابق الأزرق مع ثياب الراقصات التي تشبه نجمة الليل فتغني الموسيقا أغنية ممتزجة بغناء فولكلوري وحديث عن الصداقة والحب وملاحم القرى والبلدات المتوزعة على طول البلاد, لم يكتفِ العرض الروسي الراقص بتراث الموسيقا وفلكلور الشعب الروسي بل هام بعيداً الى مخامل التراث العالمي, فكان للغجر نصيب برقصة مفعمة بالحيوية والديناميكية بألوان تبوح بالتمرد وانطلاقة الحياة الأثيرة, الى رقصة زوربا على أنغام موسيقا زوربا بلوحة راقصة عنوانها (نحنا بنرقص زوربا) تحية ربما كانت تعبيراً عن انطلاقة الحياة وإنسانية زوربا اليوناني بأناقة روسية راقصة لا مثيل لها.‏

اختيار وانتقاء معد بتعاون وإشراف مصمم الرقص الكيو غراف فلادمير زاغاروف ومعاونيه المصممين والمدربين فلانتينا سليخانوفا وإيرينا سيكانوفا ومدير العرض سيرغي إريا بتشكوف وأزياء تاتانيا فولكفا ومارينا داليكيا ومهندس الصوت أليك كوتشيتوف والمؤلفين الموسيقيين فيكتور تيمنوف وفلادمير كورنوف وغيرهم من التقنيين والمبدعين, رغبة للعودة الى الماضي والحاضر معاً, المهمة ليست سهلة أن يمتزج تراثان, التراث الروسي والتراث العالمي بسياق الحاضر, إنها مهمة صعبة ولكنها تحققت حين أسدل ستار من الراقصين بدوي تصفيق وابتسامة شكر لتلك الرحلة الفنية التي اعتنت بإحياء مخزون من الملاحم بأبطاله الشبان والشابات, رجال شجعان تواقون للفرح, أزياء مفعمة بالجمال مضاءة بالذهب والفضة وصور لحياة تدب بأقدام الراقصين الأربعين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية