|
لوموند سيكون على جدول الأعمال مشكلات هامة مثل إصلاح الموازنات, وإدارة المنظمة وتركيبة اللجان. ولكن ستظل المشكلة الأساس بالنسبة لكثير من المشاركين هي تشكيلة مجلس الأمن. فهل ستقبل المؤسسة المسؤولة عن الأمن والسلام العالمي أعضاء دائمين جدداً. وإذا كانت الإجابة نعم, فمن هم?!. إصلاح مجلس الأمن إن إصلاح مجلس الأمن موضوع على جدول الأعمال منذ زمن طويل, ولكن نقطة التفاهم الوحيدة هي أن الوضع الراهن متأزم إلى درجة لا يقبل معها التأجيل أو التسويف. إذ إن كثيراً من الأميركيين يتساءلون لماذا يترتب على الشرعية الدولية القبول ببلدان لم تنهض بأي مسؤولية على الصعيد العالمي كالكاميرون, والمكسيك أو أنغولا ( وثلاثتهم أعضاء في مجلس الأمن خلال الحرب على العراق), بالمقابل تؤكد بلدان غنية وكبيرة من الناحية السكانية كاليابان وألمانيا أنها تستحق أكثر من بريطانيا وفرنسا اللتين حصلتا على المقعد الدائم كنتيجة للحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها منذ ستين عاماً. من جانب آخر, أعرب كثير من مواطني أفريقيا وأميركا اللاتينية عن استيائهم من أن قرار السلام والأمن العالمي يظل حكراً على الولايات المتحدة وأوروبا. أما بالنسبة للأمين العام كوفي عنان, فقد شدد على أن مجلس الأمن الذي يضم حالياً الولايات المتحدة, روسيا, بريطانيا, فرنسا والصين كأعضاء دائمين وعشرة أعضاء غير دائمين لن يحظى بالتقدير والاحترام وخصوصاً لدى العالم الثالث إلا إذ تغيرت التشكيلة الحالية, المشكلة هي في معرفة الكيفية التي سيتم بها التغيير, وهنا (مربط الفرس). ولحل هذه المعضلة يبرز اقتراحان متعارضان الأول: ترعاه مجموعة يطلق عليها مجموعة الأربعة ( اليابان , ألمانيا, الهند , البرازيل), وهي تأمل بوصول ستة أعضاء دائمين جدد إلى المجلس, أي ( مجموعة الأربعة نفسها بالإضافة إلى بلدين أفريقيين لم يتم تحديدهما بعد), بالإضافة إلى أربعة أعضاء جدد غير دائمين. وفي هذا السيناريو, سيقفز العدد الإجمالي لأعضاء المجلس من 15 إلى 25 عضواً وسيبقى حق ( الفيتو) محفوظاً للأعضاء الدائمين الحاليين. الاقتراح الثاني: أيضاً يدعم توسيع مجلس الأمن ليصبح 25 عضواً,وتطرحه مجموعة من البلدان تضم ايطاليا, الباكستان, كوريا الجنوبية, اسبانيا, ولكن فقط بمساهمة 10 أعضاء غير دائمين, تختارهم مجموعة مؤلفة من 30 عضواً. وبالنسبة لعرابيهم,هذا التقارب سيجنبهم ضرورة اختيار عضو دائم من بين متنافسين إقليميين فاسحة المجال أمام الأكثر أهمية لتكون ممثلة في المجلس. إن أي إصلاح لمجلس الأمن يحتاج إلى موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين وأكثر من ثلثي الجمعية العامة, أي 128 عضواً من أصل .198 والصعوبة تكمن في حشد هذا التأييد. عضوان دائمان يملكان حق النقض ( الفيتو) هما: الولايات المتحدة وفرنسا ستلعبان دوراً هاماً, بل وحاسماً في المناقشات. فقد أشارت إدارة بوش مؤخراً إلى أنها تريد تحديد المجلس ب¯20 عضواً, وأنها لن تدعم وصول أكثر من عضوين دائمين مرتقبين, وأحد هذين العضوين لا بد وأن يكون اليابان. وعلى الرغم من أن الرئيس بوش قد أكد للمستشار الألماني غير هارد شرودر أنه لن (يعترض) على أي طلب خاص, إلا أن المسؤولين الأميركيين يعلمون أن ألمانيا لن تكون على لائحتهم. فالبيت الأبيض مازال غاضباً من برلين بسبب معارضتها الحرب على العراق, ويخشى من أن يؤدي انضمام بلد أوروبي آخر إلى المجلس إلى الحيلولة دون وصول بلدان من مناطق أخرى, ما يضعف أيضاً من التأثير والنفوذ الأميركي داخل هذا المجلس. تقاطع المصالح من جانبها, تدعم فرنسا اقتراح مجموعة الأربعة , أي إضافة ستة أعضاء دائمين جدد بما فيها ألمانيا. وتصر باريس على أن زيادة عدد الأعضاء من شأنه إعطاء المجلس مشروعية أكبر, وتقدر خصوصاً أن الأعضاء الدائمين الجدد ( ألمانيا,الهند , البرازيل, والأفارقة) من الأرجح أن يقفوا إلى جانبها في المعركة التي ستدور رحاها داخل أروقة الأمم المتحدة في نيويورك. وتدرك فرنسا جيداً أن رفض ترشيح ألمانيا سيحدث شروخات واسعة في علاقتها مع شريكتها المميزة في أوروبا ويسبب في حركة قوية لمصلحة مقعد واحد للاتحاد الأوروبي على حساب موقفي فرنسا وبريطانيا. فما العمل إذاً?!. إن أفضل إصلاح لهذا المجلس هو الاصلاح المحدود أي: اليابان والهند كعضوين دائمين جديدين وثلاثة أعضاء غير دائمين إضافيين. فاليايان مع الولايات المتحدة هي أكبر مساهم في موازنات هيئة الأمم المتحدة (أكثر من 80 مليون دولار, أي حوالى 20% من الموازنات) وهي تتمتع بديمقراطية مسؤولة, ولاعب أساسي في آسيا الشرقية. ومن الواضح أن الهند مالياً أدنى مستوى, ولكنها ديمقراطية تتنامى بقوة, وهي تقدم آلاف الجنود لحفظ السلام, وتأتي في المرتبة الثانية من الناحية السكانية. إنه من الصعب دعم ترشيح ألمانيا, وذلك ببساطة لأن هناك عضوين دائمين من الاتحاد الأوروبي, وترشيح البرازيل التي مساهماتها ليست بذي أهمية مقارنة بالأعضاء غير الدائمين الآخرين( مقارنة على الأقل بالأرجنتين). ووصول اليابان والهند أيضاً سيكون بمثابة حل وسط بين شاغل التمثيل ( أفضل ممثل لآسيا وفي عالم التنمية) وبين شاغل الفاعلية ( مجلس محدود العدد لتوظيفه على أكمل وجه). خلاصة القول, سيكون من الخطأ الاعتقاد أن هذا الخيار لن يمنح ما يكفي من التأثير لمناطق كأفريقيا وأميركا اللاتينية أو الشرق الأوسط. هذا المجلس سيضم 13 عضواً غير دائم, أي حوالى 30% من الأعضاء الحاليين, ومعظمها سيذهب إلى ممثلي هذه المناطق الثلاث. وإذا كان هذا المجلس ( غير شرعي) على حد ما يزعمون, فهو يضم مجموعة من البلدان تمثل بما يكفي التنوع العالمي: الجزائر, الأرجنتين, بنين, البرازيل, الدانمارك, اليونان, اليابان, الفيلبين, رومانيا, تانزانيا. إن أي خيارات لإصلاح مجلس الأمن تظل ناقصة, حتى ذلك الخيار الذي يجري اعتماده حالياً والدفاع عنه. وكذلك الرغبة الفرنسية في توسيع المجلس ليعكس عالماً متعدد الأقطاب ولإظهار تضامنها مع ألمانيا يبدو مفهوماً إلى أقصى حد. ولكن يترتب على باريس أيضاً القبول بواقع أن اقتراح مجموعة الأربعة لن يحصل على الإجماع المطلوب, فالنتيجة هي وجود مجلس أمن ولكن أقل فاعلية وأدنى شرعية. ومن المؤكد, إذا ما قامت الولايات المتحدة بممارسة حقها في النقض ( الفيتو) على اقترح مجموعة الأربعة , فإن المجلس الحالي سيستمر بالوجود, ولكن شرعيته ستذهب أدراج الرياح. ولنأمل ألا يتحول النقاش الذي سيدور حول هذه المشكلة الحساسة إلى مواجهة حادة جديدة بين باريس وواشنطن حول الشرعية والنظام العالمي. وإذا لم يكن هناك اتفاق حول إصلاح ناجز, فمن الأجدى والأفضل ترك المنظمة الحالية على وضعها الراهن. |
|