تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أي إصلاح تحتاجه لجنة حقوق الإنسان الدولية..?

لو فيغارو
دراسات
الاحد 28/8/2005
بقلم أوليفيه دو تروفيل - ترجمة:سهيلة حمامة

في تقريره بعنوان:(حرية أوسع,التنمية,الأمن,واحترام حقوق الإنسان للجميع) أعد كوفي أنان,الأمين العام للأمم المتحدة حصيلة معتدلة للجنة حقوق الإنسان الحالية,وهي هيئة تتكون من 53 دولة,مكلفة بنشر ومراعاة حقوق الإنسان على الصعيد العالمي.

ويذكر كوفي أنان بأن اللجنة تشكل منبراً فريداً على المستوى الدولي لوضع السياسات ومعايير الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان,وكذلك للبحث في الوضع السائد في العديد من البلدان بفضل الشهادة القيمة للمنظمات غير الحكومية.‏

تعتبر اللجنة أيضاً كنظام حماية فعال بفضل (مقرريها الخاصين) و(مجموعات العمل).وفي الوقت نفسه,يستنتج الأمين العام,بأن اللجنة (تعاني مزيداً من تداعي مصداقيتها) لا سيما وأن دولاً حاولت أن تنتخب في اللجنة ليس للدفاع عن حقوق الإنسان,إنما للتملص من الانتقادات,أو لنقد الآخرين.‏

منذ ذلك الحين,اقترح الأمين العام استبدال اللجنة (بمجلس لحقوق الإنسان) يكون أعضاؤه أقل عدداً,وتعقد جلساته باستمرار ويتوجب عليهم (احترام المعايير التي تراعي حقوق الإنسان) وسبب إخفاقاتها المتتابعة بدت اللجنة كمسرح للتهكم لأنها وظفت في خدمة مصلحة الولايات المتحدة. حيث بقيت صماء عام ,1994عن سماع نداءات المنظمات غير الحكومية,و(مقرريها) الذين كانوا يحذرون من مجزرة ستقع في رواندا.واليوم أيضاً,تستمر في تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في العديد من البلدان.‏

لذا فالإصلاح ضروري,ولا أحد ينكر ذلك,علماً أن إحداث هيئة جديدة هو اقتراح غير مناسب وغير كاف.غير مناسب لأن (تسييس) اللجنة التي يشكو منها الجميع يكمن في طابعها البين حكومي,فقضية احترام حقوق الإنسان,ولأنها تمس جوهر السيادة بعينه,هي مسألة حساسة جداً لكي تبحث بهدوء مع الدول,وإن تخفيض اللجنة من 53 دولة إلى مجلس مكون من 15 دولة لن يغير شيئاً في هذه المشكلة,وعلاوة على ذلك,يجب توكيل قضية حقوق الإنسان مجدداً إلى هيئة (بين حكومية) متخصصة,بحيث تهدف كل الجهود المبذولة حديثاً إلى أن يضع مجلس الأمن والجمعية العمومية اليد مباشرة على هذه القضية.‏

كما أن المقترح غير كاف كونه لا يتحدث البتة بشأن الحفاظ على مكتسبات لجنة حقوق الإنسان.مثال:هل بإمكان المنظمات غير الحكومية الدخول إلى المجلس الجديد وما شروط مشاركتها?‏

يجب عدم القيام بشطب أكثر من 25 عاماً من الجهود بذريعة إصلاح النظام.وفي حال رغبت الدول حقاً في وضع نظام فعال لحماية حقوق الإنسان على الصعيد الدولي,يجب المضي قدماً بقبول أنها ليست دائماً الأفضل موقعاً للاهتمام بهذه الشؤون.‏

يبدو أن تشكيل لجنة جديدة مؤلفة من خبراء مستقلين هو الحل المرغوب,ويستحسن أن تتمتع بصلاحية عامة في نشر وحماية وتطوير القانون الدولي في هذا المجال,وبعدد من السلطات,لا سيما في إجراء تحقيقات على أرض الواقع,بدعم من مجلس الأمن,وتضم عدداً كافياً من الخبراء لتتمكن على الأقل من القيام بجميع الإجراءات الخاصة الموجودة في إطار اللجنة الحالية.نجد أيضاً (مجموعة عمل حول الاعتقال العشوائي).‏

على اللجنة أن تعقد جلساتها بشكل دائم مع القدرة على الالتئام معاً من قبل الهيئات السياسية للمنظمة.كمجلس الأمن,الجمعية العمومية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي,لكن أىضاً من المفوضية العليا لحقوق الإنسان.‏

الاحتمال الأخير لتسلم التركة يتيح الحفاظ على أحد المكتسبات الأساسية لهذه السنوات الأخيرة,أي قدرة المفوضية العليا على تشكيل لجان خبراء مستقلين,كما كان الوضع في ساحل العاج أو دارفور (تقرير اللجنة الأخيرة الذي أحاله مجلس الأمن إلى محكمة الجزاء الدولية).ولعل جمع طريقتي تسلم التركة يتيح لنا عدم تجاهل أي وضع خطير لانتهاك حقوق الإنسان مستقبلاً.‏

لقد أشار الأمين العام في تقريره بأنه لن يكون هناك أمن ولا تنمية دون احترام لحقوق الإنسان.هنا كما في مجالات أخرى,يجب على الأمم المتحدة توفير الإمكانات المؤسساتية المختصة لتحقيق طموحاتها,الاستقلالية والنزاهة عاملا توازن للبناء,تبرهن عليهما جميع التجارب الإقليمية.‏

* أستاذ محاضر في جامعة باريس العاشرة‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية