|
صفحة اولى وظنت الولايات المتحدة الأميركية مع فرحتها بانهيار الاتحاد السوفييتي -أنها سوف تدير العالم كما يحلو لها ويخدم مصالحها ومآربها، ربما نجحت بذلك لحين من الوقت وعاثت فساداً أينما حلت، أضرمت النار بكل منطقة كانت هادئة ومسالمة، وزرعت بؤراً متفجرة إلى حين الحاجة إليها. ولاينكر أحد أنها طورت أدواتها، وجندت عملاء لها قدموا ما استطاعوا، وحصدوا نتائح زعموا أنها سوف تكون نقطة التحول الكبرى للوصول إلى هيمنة القطب الواحد، ولم تكن المؤسسات والمنابر الأممية خارج الترويض والاستخدام الأميركي السيء لها وتحويلها إلى نقطة ارتكاز في شن العدوان على الدول التي لا تمضي في ركبها، ولاينسى المتابع ما تم إصداره بضغط أميركي من قرارات أممية لا تخدم إلا قوى العدوان. هذا المشهد على الرغم من أن عمره ما يقارب الثلاثين عاماً، لكنه بدأ يتصدع وينهار ولم يكن بحسبان من أسس له أن هذه النتيجة ستكون من الميدان السوري، فسورية التي غيّرت العالم وأعادت صياغة المحاور بفعل صمودها وقوتها بمواجهة الإرهاب وقدرتها على تفكيك منظومته الصعبة التركيب، سورية هي واسطة العقد في طريق الحرير الذي امتد يوماً من بكين إلى الغرب وكانت سورية القلب الذي تصب فيه شرايين هذا الدرب الذي يمتد آلاف الأميال، وهي اليوم من جديد تعيد تعبيده مع الحلفاء الذين يعملون على صون القانون الدولي، ويؤمنون بالندية في العلاقات بين الشعوب والدول، ولاينظرون من موقع المتغطرس ويفرضون العقوبات على الأمم التي لاتسير في ركبها. محور التحولات هذا أخذ مساره العميق والقادر على اجتذاب الدول التي لا تخضع للإملاءات الغربية، وهي تمثل الأكثرية في المشهد العالمي، وما تم إنجازه في محور التحولات الكبرى، ليس بالقليل أبداً، وقد بدأ يؤتي ثماره على صعيد العلاقات الدولية التي يجب أن تعود إلى طبيعتها وإنسانيتها، لابقوة البطش وفرض العقوبات ومحاصرة الشعوب، وإن دل أسلوب العقوبات على شيء فإنما يدل على عجز من يستعمله وعدم قدرته على أن يكون فاعلاً بالمشهد الدولي إلا من خلال الترهيب والترغيب، وهذا لن يبقى طويلاً، فمصيره الزوال مهما كان موغلاً في بطشه. |
|