|
رؤية من نوع آخر، عالم يتقاطع في مفاهيمه مع مايمكن أن نطلق عليه «المدينة الفاضلة» في دعوة إلى نبذ العنف والكراهية والضغائن، والتوجه إلى المحبة والتسامح وقبول الآخر. هو حديث النفس عندما كنت أتجول في بعض شوارع دمشق التي ازدانت بأنوارها المشكّلة بطريقة رائعة وسط مرح الناس وفرحهم وازدحامهم في الأسواق يمضي كل واحد إلى غايته، يتعالى على كل لحظات الحزن ليشكل الفرح بوصلته من جديد، يلبون في ذلك دعوة إلى الحياة ونبضها الذي يأبى أن يتوقف لشعب هم أبناء هذه الحياة، ويلبون ربما عن غير قصد منهم رغبة كامنة في الصدور، كرستها مقولة جبران: إذا المحبة أومت إليكم.. فاتبعوها إذا ضمتكم بجناحيها.. فأطيعوها إذا المحبة خاطبتكم.. فصدقوها فأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية على الأبواب والجميع على اختلاف شرائح المجتمع ومذاهبهم يشاركون أبناء جلدتهم في أفراحهم وأعيادهم، فلم نعتد في بلادنا إلا أننا نسيج واحد متماسك، ونشكل أنموذجا للعيش المشترك والتسامح الديني والتآخي الروحي، ولاشك أن هذا الارتباط الكبير بين أفراد مجتمعنا كان السلاح الأمضى في مواجهة التحديات جميعها. ولايختلف اثنان أننا اليوم والبلاد تعيد من جديد بناء البشر والحجر، نحتاج تلك المعاني النبيلة التي تكرسها الأعياد في نشر الفرح والمحبة والتعاون والتعاضد في وجه كل من تسول له نفسه أن يعيث فسادا أو تخريبا في بلادنا، وماأحوجنا أيضا إلى إعادة تكريس مفاهيم الخير والحب والجمال، والعمل بإخلاص من أجل بناء الوطن وعزته. وتتحالف السماء مع الأرض في نشر الفرح، فالسماء لاتزال تغدق بعطائها من الأمطار لينبت الحب والخير في كل مكان، كما تحيي القلوب التي آلمها الحزن لتبدأ مع الحياة عهدا جديدا ممهورا بالأمل والحب وبأن القادم هو الأجمل. |
|