|
طلبة وجامعات . وقد تتعدى ما كان يسمى /بالشلة/ العشرين صديقاً في بعض الأحيان وغالباً ما كانت تستمر هذا الصداقات إلى ما بعد انتهاء الدراسة الجامعية...
أما اليوم فقد تغير المشهد إلى حد بعيد وبات المشهد المألوف أكثر في ساحات الجامعات طلاب مع حواسبهم المحمولة يجلسون في الغالب وحيدين أو ربما صديق لا أكثر يجالسهم بينما هم منشغلون بذلك الجهاز العجيب.. حتى أن البعض منهم وفي غمرة انشغاله قد تفوته المحاضرة. في استطلاع أجريناه للتوقف عند حيثيات هذا الموضوع تبين لنا أن مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت كالفيس بوك وتويتر وغيرها مسؤولة بشكل مباشر عن شد انتباه الطالب وعزله عن محيطه وبدل التواصل الاجتماعي يصبح الانعزال وضعف الروابط مع الزملاء ومحيط الجامعة هو السائد في العلاقات بين الطلاب. في كلية الآداب بجامعة دمشق كانت لنا الوقفة الأولى أمام كلية الإعلام حيث التقينا الطالب وائل الذي اتخذ ركناً بعيداً عن أعين الفضوليين من زملائه ليمارس هوايته في الدردشة على الفيس بوك يقول وائل: بصراحة أنا أؤكد أن وجود الحاسوب المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي قد ساهمت إلى حد بعيد في عدم وجود أصدقاء كثر لي هنا فأنا هنا منذ سنتين في الجامعة وليس لدي سوى صديقين كوني أقضي معظم وقتي على الانترنت
إلا أنني أحب أجواء الجامعة لكن للأسف لكل شيء ضريبة وأصارحك القول بأنه لدي أصدقاء على الفيس بوك أكثر من أصدقائي في الواقع وجميع هؤلاء الأصدقاء لم ألتقيهم حتى الآن ومعظمهم من طلاب الجامعات في الدول العربية والأجنبية... نتناقش في الكثير من الأمور ونقارن في كثير من الأحيان بين نقاط تتعلق بجامعاتنا ومناهجنا وطرق التدريس لدينا.. كما أن هذا الحاسوب المحمول يوفر علي الكثير من الأمور فيما يتعلق بالحصول على معلومات أحتاجها في دراستي وحياتي اليومية وأعتقد أن تأثيره الإيجابي أكبر بكثير من تأثيره السلبي.. انعزال عن المحيط أما زهير من كلية طب الأسنان فيقول: ربما كان للحاسب المحمول تأثيرات سلبية في انعزال الطالب وابتعاده قليلاً عن محيطه إلا أنه في الوقت نفسه يوفر علينا كثيراً من الجهد والوقت في الحصول على معلومات نحتاجها في الكثير من أمورنا الدراسية والحياتية.. وبصراحة أحياناً لا أجد في حديثي مع الأصدقاء في الجامعة ما أريده فغالباً ما تتركز أحاديث أصدقاء الجامعة على الدراسة وانتقاد أساليب وطرق الدراسة أو التدريس باختصار في معظم الأحيان أجد أنها أحاديث سطحية لا تشبع رغبتي في معرفة أو استطلاع أشياء جديدة كما هو الحال على مواقع الانترنت حيث يتيح لي التواصل مع أصدقاء من مناطق ودول أخرى التعرف على عادات ومفاهيم جديدة قد لا يتيحها لي التواصل مع أصدقاء الجامعة لذلك فإنني أخصص الوقت الأكبر للتواصل عبر الانترنت فيما الوقت الأقل لأصدقائي في الجامعة. أما ريم وعلا من قسم اللغة الفرنسية فقد اعتبرتا أن الحاسب المحمول بات ضرورياً لكل طالب فهو وسيلتنا للتعرف على العالم وما يحدث حولنا وعلى العكس من وائل وزهير فقد اعتبرا أن الانشغال على مواقع الانترنت قد يفتح باب النقاش بين الأصدقاء في أمور كثيرة ويوطد العلاقات أكثر بين زملاء الدراسة وتضيف ريم أنها تعرفت على صديقات جدد في الجامعة من خلال الانترنت وبتن يلتقين يومياً للدردشة والحديث والتسوق.. فيما تقول علا: إنه ربما لم تعد تلك المجموعات ظاهرة بشكل حقيقي في أنحاء الجامعة لكن هذا لا يعني أن العلاقات بين الطلاب ضعفت بل على العكس إلا أن وسائل الاتصال من موبايل وانترنت سهلت الاتصال بشكل أكبر وأقول لك أن أختي درست منذ حوالي 13 سنة أو أكثر هنا إلا أنها لم تعد تجد زملاء الجامعة القدامى كلهم نتيجة عدم توفر اتصالات آنذاك كالموبايل أو الانترنت ويبقى لقاؤها بهم رهين المصادفة.. ولكن لو كان هناك وسائل اتصالات متطورة كالتي هي الآن لكان الوضع أفضل. واللقاء أسهل.. ربيع من قسم الفلسفة كان له رأي آخر: أرى صراحة أن الأمر بات موضة فكثير من طلاب الجامعة بدؤوا باقتناء هذا المحمول تقليداً لآخرين فقط لمجاراة الآخرين والإيحاء لهم بأنه ليس بعيداً عن هذا التطور التكنولوجي وأعرف كثيراً من الزملاء الذين يستخدمون هذا الجهاز لأغراض سخيفة وسطحية.. ولكنني أؤكد أن تأثيراته السلبية في عزل الطالب عن محيطه بلغت حداً كبيراً ونجد أن الكثير من الطلاب لا يملكون هنا في الجامعة أكثر من صديق أو صديقين فيما كانت الصورة مغايرة في الماضي حيث كانت الشلل والمجموعات تتعدى في بعض الأحيان العشرين صديقاً... وما يدعونه عن مواقع التواصل الاجتماعي من إيجابياتها في العثور على صداقات جديدة مختلفة غير صحيح بالمطلق.. فمعظم تلك الصداقات هشة سطحية تفتقر إلى المشاعر الإنسانية الحقيقية التي نحسها عندما يكون اللقاء على الأرض وكما يقول المثل الشهير« بعيد عن العين بعيد عن القلب».. تقليعات غريبة وبعد استطلاعنا آراء عدد من الطلبة توجهنا إلى الاختصاصي النفسي والاجتماعي رابح مروة: لا أحد ينكر أن الروابط الاجتماعية في الجامعات لم تعد قوية ومتينة كما كانت قبل وجود الموبايل والانترنت ولعل مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت المختلفة كان لها الدور الأبرز في انعزال الطالب عن محيطه.. وهذا أثر بشكل واضح عن شخصية الطالب فمن المعروف في علم النفس والاجتماع أن الاحتكاك المباشر مع المحيط يساهم إلى حد كبير في صقل شخصية الإنسان وتوسيع مداركه إلا أن ما نشهده حالياً من انكباب الطالب لساعات طويلة فوق حاسوبه يغير كثيراً من ملامح الشخصية وللأسف نجد أن الكثير من هؤلاء الطلاب لا يمتلكون شخصية اجتماعية حقيقية حتى أن بعضهم قد لا يحسن التصرف في مواقف عديدة ولا سيما منهم المدمنون بشكل كبير على الانترنت واستخدام الحاسب والمشكلة أكبر بالنسبة للفتاة فنجد أن الكثير من طالبات الجامعة يبدأن تقليد ومحاكاة ما يلامس تواصلهن مع مواقع الانترنت ولاسيما فيما يتعلق بموضة الأزياء واللباس ويمكن رؤية الكثير من التقليعات الغريبة والعجيبة التي لم نعهدها في مجتمعاتنا.. الأمر الذي قد يؤدي أحياناً إلى ابتعاد زملائهن عنهن نتيجة لتلك التقليعات والأشياء الغريبة التي يمارسنها.. ما يساهم في عزلهن وابتعادهن عن محيطهن.. ويضيف الاختصاصي النفسي أن وجود الحاسب المحمول مع طلاب الجامعة كان له بالغ الأثر في ضعف الروابط الاجتماعية بين الطلاب واقتصار الطالب على صديق أو اثنين لا أكثر واختفاء تلك المجموعات الكبيرة من الطلاب التي كانت تجمعها الصداقة حتى أن العلاقات الاجتماعية في الجامعة فقدت ذلك الزخم الحميمي الدافئ الذي كان فيما مضى.. |
|