تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سفير كوبا محاضراً عن الشاعر نيكولاس غيين:

شؤون ثقا فية
الجمعة 19/1/2007
هناء الدويري

ألقى /كلاوديو راموس بور ريغو/ سفير كوبا في سورية محاضرة بعنوان (الآثار الشعرية لنيكولاس غيين) في معهد ثربانتس ضمن نشاطات مشتركة مع سفارات دول أمريكا اللاتينية وبحضور الدكتورة (نجاح العطار) نائب رئيس الجمهورية وسفيرة فنزويلا بدمشق ورئيس جامعة دمشق ومجموعة من المثقفين والمهتمين.

بدأها بالتعريف بالشاعر الكوبي والممثل الأصلي للشعر الأسود في بلده الشاعر نيكولاس غيين الذي ولد في تموز من العام 1902 والمتوافق مع إعلان الجمهورية الكوبية وتتويجاً لطموحاتها بتأسيس دولة كاملة الاستقلال والسيادة. وهو الابن الأكبر لأسرة هجينة (خلاسية) من الطبقة المتوسطة في مدينة /بويرتو برنيسيبه/, /كما غويي/ اليوم والده كان استقلالياً وصحفياً وسياسياً ليبيرالياً عاش طفولته الأولى في مرحلة تاريخية تميزت بالاضطرابات والتهديد الدائم بحصول تدخل عسكري أمريكي ففي عام 1912 حصل تمرد حزب الملونين والذي كان عبارة عن حرب أهلية ناتجة عن انقسامات عرقية عميقة والتي امتدت لعدة محافظات, بعد ذلك في شباط من العام 1917 قام الليبراليون بتمرد مسلح في حركة مخادعة دعاها الكوبيون بدعابتهم المعهودة مع الأشياء الجادة باسم حرب الشامبيلونا (الخداع) هذه الظروف رسمت الملامح الشعرية لهذا الشاب الهجين (الخلاسي) وعكست الظاهرة الإثنية للهجين, ويقول المؤرخ الكوبي الياس انترالغو (الأبيض لا يعرف لماذا هو في كوبا, ويمكن القول إنه جاء بالصدفة, وأما الأسود فقد تم جلبه بالقوة وهكذا اختفى السكان الأصليون‏

وحمل المهجنون التمثيل الشرعي للشخصية الكوبية). وحتى أبناء الاسبان مثل كارلوس مانويل دي سيسبيديس وخوسيه مارتيه اللذين قادا النضال من أجل الاستقلال والقومية الكوبية وكذلك الزنوج المحررين من قبل أسيادهم انضموا الى صفوف جيش التحرير, فالهجناء (الخلاسيون) الذي ينتمي إليهم الشاعر كانوا وبلا شك الأكثر أصالة في عملية بلورة القومية الكوبية.‏

اصطدامه بالتمييز العرقي بدأ منذ خطواته الأولى عندما ذهب الى مدارس التقوى في (كما غويي) واصطدم مع الصبية الذين كانوا في غالبيتهم من البيض لكن ذلك لم يثن من عزيمته بل وضع نهاية لتلك المعاناة مع نهاية 1922 حاملاً في جعبته ثلاثة دواوين شعرية معنونة ب (على هامش الكتب) وهو مازال طالباً في كلية الحقوق بجامعة هافانا.‏

وإذا كان شعر القرن التاسع عشر الكوبي قد بدأ مع خوسيه ماريا ايريديا واختتم مع خوسيه مارتيه فإن القرن العشرين ينتهي بالسيادة وبلا منازع للشاعر /نيكولاس غيين/ الذي فتح حقبة جديدة في الشعر الكوبي ذي الأشكال المحددة والمعالم القومية التي لا لبس فيها شعر الصون (اللحن) الذي هو قطعة موسيقية كوبية.‏

التلاقح /الافرو كوبوبي/ المنظوم للغناء والرقص أفرز شاعراً يتمتع بشعبية كبيرة له الفضل في اكتشاف امكانات صوغ قصيدة كوبية ذات جذر عميق شعبي زنجية وهجينة مستوحاة من الحياة اليومية لأزقة وبيوت الحارات في هافانا ثلاثينيات القرن الماضي. لم تقتصر أشعاره على التعاطف مع المواضيع الاجتماعية بل تجاوزتها الى الخوض في الحب والأطفال ومواضيع متنوعة هذا الشاعر يرد على نقاده الذين وضوعوه ضمن إطار عرقي ضيق بقوله: (في كوبا لاتوجد قصيدة زنجية, ببساطة توجد مساهمة رائعة من الإنسان الزنجي في القصيدة الاسبانية, وهذا يوطد قصيدتنا الكوبية, حرة أخيراً, سيدة نفسها والتي ليس من السهل نكران مكوناتها). وفي عرض سريع لبعض أشعار نيكولاس غييّن يوضح السفر الكوبي أن الشاعر يبين أصل أسلافه في (أنشودة الجدين) ويطرح المواضيع الاجتماعية من منظور الدراما الانتيلية في ديوانه (جزر الهند الغربية ليمتد) والتي هي في النهاية واقع كوبا بتبعيتها السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية ثم يفضح في عام 1937 الظلم الاجتماعي والاستغلال الظالم لعمال قصب السكر والقمح الذي تتعرض له نضالاتهم المطلبية من خلال ديوانه (أغان للجنود وألحان للسياح)‏

وفي أيار من العام 1953 يسافر الشاعر الى تشيلي لحضور مؤتمر للكتاب, لم يفكر حينها أنه سيبدأ نفياً طويلاً سيمتد لخمس سنوات والذي حمله الى بلدان أمريكية وأوروبية عديدة يطرد من فرنسا بسبب رفض الدكتاتورية الحاكمة تجديد جواز سفره فيؤمن له صديقه /رافائيل ألبرتي/ لجوءاً الى الأرجنتين ولاحقاً يسافر الى دول شقيقة أخرى ليستقر أخيراً في المكسيك وفي هذه الفترة ينجز ديوان (الحمامة ذات الطيران الشعبي)‏

أما العودة الى الوطن عام 1964 شكلت عهداً جديداً بالنسبة للشاعر في تلك المرحلة طبع كتابه (املك) مبيناً فيه التزامه بالقضية الثورية التي تستمر رغم وفاته 1989 وعن الهدف من تناول شاعر كنيكولاس غيين يقول السفير الكوبي للثورة:‏

لقد قمنا بتقديم بعض القصائد المترجمة للشاعر غيين إضافة لمحاضرة معدة حوله لإعطاء فكرة عن أهم الشعراء الكبار في القرن الماضي متمنين أن تقوم هذه المحاضرة بإيقاظ الاهتمام لدى الأشخاص الذين يهتمون بالثقافة الاسبانية ويهتمون بالشاعر نيكولاس غيين كشاعر مهم لترجمته الى اللغة العربية وهذا يتطلب أشخاصاً ملمين جيداً بالشعر العربي بالدرجة الأولى ومتقنين للغة الاسبانية وذوي حس رفيع وربما خطوتنا القادمة ترجمة كتيب يحتوي /18/ قصيدة شعرية له سيتم توزيعها وإلقاء محاضرة حولها في عمان قريباً.‏

وعن اهتمام السفير الكوبي بالأدب العربي والشعراء الأدباء العرب يقول: لدي اهتمام شخصي واسع وكبير بالقصائد والشعراء العرب فقد قرأت بعض القصائد العربية المترجمة الى اللغة الاسبانية لشعراء من العصر العباسي كالشاعر أبي النواس وأبي الطيب المتنبي الذي على الرغم من ولادته في العراق عاش في سورية, ولا يقتصر الأمر على القصائد الشعرية العربية الكلاسيكية بل يتعداها الى القصائد الشعرية الحديثة فأنا معجب بشاعر فلسطيني ألقى بعضاً من قصائده في كوبا حديثاً ولديه الكثير من القصائد المترجمة الى الاسبانية وهي قصائد جميلة جداً.‏

كما أن هناك العديد من القصائد الكلاسيكية العربية التي تم نقلها من الأندلس الى كوبا مع المهاجرين الأوائل الذين اكتشفوا القارة الأمريكية حيث توجد الكثير من تلك القصائد المترجمة من ذلك العصر وهذا الارث العربي والوراثة للقصيدة العربية أيضاً نجدها في قصائد الشاعر /نيكولاس غييّن/ كما أننا نجد في اللغة الاسبانية حوالي 5 آلاف كلمة من أصل عربي ولدى سؤالنا له عن كونه سفيراً ودبلوماسياً فما سر هذا الاهتمام بالشعر والأدب يقول:‏

(أنا كاتب وشاعر محبط ودبلوماسي الهوى)‏

من ملامح تجربته‏

شارك غيين مع مجموعة مثقفين كوبيين في مؤتمر دولي للكتاب في اسبانيا دفاعاً عن الثقافة وزار مدريد وبرشلونة وبلنسية ومناطق أخرى في أوج الحرب الأهلية مقاسماً الشعب الاسباني مصيره ومدافعاً عن القضية الجمهورية هذه التجربة الدراماتيكية أوحت له بديوانه (اسبانيا ذات أربع غموم وأمل واحد) وفي طريق عودته الى كوبا انضم الى الحركة الثورية في أوج الحملة من أجل الدستور عام 1940 ومن أجل شرعية الحزب الشيوعي الذي أصبح فيما بعد مدير تحرير صحيفته (اوي) بمعنى (اليوم) أما ديوانه (الصون الكامل) والمقصود بالصون (اللحن) الذي نشر في بيونس ايريس عام 1947 كان نتيجة معايشاته الأمريكية في ترحاله الطويل الذي حمله عبر بلدان عديدة في أمريكا الجنوبية (فنزويلا-كولومبيا-البيرو-تشيلي-الأرجنتين-الاوروغواي-البرازيل).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية