تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل كانت توطئة للحوار.. و لو درامياً..؟؟

فضائيات
الأربعاء 31-7-2013
لميس علي

بعيداً عن ال(شزراً ).. لنلحظ بعضنا.. و لو من طرف عين.

رائحة دعوة نكاد نشمها.. تنبعث من جوهر بعض المسلسلات السورية للموسم الرمضاني الحالي..‏

فهل يجوز التساؤل عن إمكانية فرز أو تصنيف الأنواع الدرامية إلى نوع درامي ناشئ بحكم الظرف العام الذي تحياه البلاد.. لنجد أنفسنا أمام مسمّى (دراما الأزمة ).‏

تلقائياً.. تظهر التسمية بمجرد متابعتنا لمسلسلات تلامس واقع الحال المعاش.. و تقارب الأزمة مهما اختلفت زوايا الرؤية لدى كل منها على حدة.‏

مؤخراً.. ظهر المخرج نجدة إسماعيل أنزور على إحدى المحطات (nbn )التي تعرض مسلسله (تحت سما الوطن ).. و كان وُجّه إليه سؤالٌ: « هل من الممكن أن يتوجّه المسلسل للمعارضة «.. فكان جوابه: «ما فائدته إن لم يتوجّه إليها «.. و بالطبع لم يقصد حصر التوجه إليها وحدها إنما إلى كل الانتماءات السياسية.. دون أن ينسى توضيح قصده: « المعارضة الوطنية سواء أكانت في الخارج أم في الداخل «.‏

من هنا يستشف المتلقي رمزية عنوان عمله (تحت سما الوطن ).. سماؤه وحده لا غير .‏

و كأنما كانت هذه قاعدة لا ظاهرية اشتغل عليها فنانون سوريون.. كتاباً، مخرجين، و ممثلين.. فلحظ كلٌ منهم (الواقع )ليس حسب قناعته و رؤيته فقط.. إنما حسب قناعات ٍ و رؤى. هكذا حاول مسلسلا (تحت سما الوطن )و (سنعود بعد قليل )بعيداً عن اقتفاء أثر النهايات و مأثرة الخواتيم.. حاولا توسيع زوايا الرؤية.. حاولا لحظ معظم الآراء و أصحابها.‏

و فيما يسعى الأول عبر ثلاثياته مثل (مرام، صمت، اليقين، نزوح، الحميدية... )لرصد ما يحصل على الأرض السورية.. مقاربة الداخل ميدانياً.. من خلال (عين كاميرا )تبدو أكثر التصاقاً و توثيقاً لمجريات الأحداث.. ينشغل الآخر بنقل أحوال السوريين الذين خرجوا من بلدهم، و مثلهم في (سنعود بعد قليل )عائلة (نجيب، دريد لحام )يقصد أفرادها لبنان وجهةً لمحاولة بداية جديدة و للتغلب على سوء حالٍ ألمّ بهم جراء «الأزمة «.‏

يلتقي العملان بنقطة أساسية تبدو الرافعة التي يتعكّزها الاثنان و مكمن القوة الذي ينوس معه أي تفصيل آخر مهما كثرت تفرعات الحكاية في كل منهما.. نقطة رافعة.. تمثّلت (بحوار ).. تبدّت ببنية حوارية تجمع السوريين من حولها.. و لئن كانت أكثر اتساعاً و شموليةً في (تحت سما الوطن ).. إلا أن ميزتها في العملين أنها تحاول إظهار كافة تدرجات اللون السوري.. عبر حوار ينساب بمنطقٍ و عقلانية و ينبذ أي قمع أو عنف أو ترهيب.‏

وفق ذلك نرى شخصية مرام الصحفية في ثلاثية (مرام ) من (تحت سما الوطن )تؤمن بحق الاختلاف لكن ضمن ضوابط وطنية و أخلاقية.. فلا إقصاء أو إبعاد للآخر شرط أن لا ينتمي لمنطقة العنف. و بذات المنطق نرى (نجيب- دريد لحام )، بأكثر من حوار، يختلف مع الآخرين سياسياً لكن دون أن يسقطهم إنسانياً.‏

مع (نجيب )سيبقى المشترك الإنساني مع جاره (أبو عبدو- عمر حجو ).. و مع عامل البناء (جمال العلي )أكثر رسوخاً من اختلافاتهم بوجهات نظرهم تجاه الحاصل.. مهما تباينوا بتحديد ماهيته أو تسميته.‏

لا يغرق المسلسل في بؤرة الإمعان وراء التشدد انتماءً لرأيٍ سياسيٍ بمقدار ما يحاول استظهار آراء مختلفة و متنوعة.. يتنافر أصحابها سياسياً لكنهم يتجاذبون و ينجذبون إلى بعضهم إنسانياً. رافعة (الحوار السياسي )، إن جاز لنا استخدام هكذا توصيف، تبقى أقل حضوراً في (سنعود بعد قليل )من (تحت سما الوطن ).. فهذا الأخير و لربما و بسبب اعتماده أسلوبية (الثلاثيات )يستخدم هذا النمط من الحوار بطريقة أكثر كثافةً و اتساعاً.. دون غفلان أنه عبارة عن مقاربات للأزمة من وجهة نظر عشرة كتّاب.. و بالتالي من الممكن لحظ بعض التكرار لبعض النماذج الإنسانية.. بينما في (سنعود بعد قليل )هناك تتبّع لتفاصيل حكاية.. و في تضاعيفها لا بد من رصد بعض الأفكار و الحوارات المواكبة للأزمة و مواقف الشخصيات منها.‏

بكل الأحوال.. يسجّل للعملين إيجابية المسعى و الغاية التي أرادا بثّها بفنية عالية.. إذ لم تبقَ الأزمة مجرد خلفية زمانية مكانية كما في بعض الأعمال، مثل (حائرات )و الذي، بمعظم حلقاته، تبقى تأثيرات الأزمة فيه محصورة بأحاديث عادية للشخصيات.. باستنكارها.. و بتمرير مشاهد عن حواجز و تفجيرات..‏

بمعنى: لا يحمّل العمل شخصياته مواقف و آراء سياسية بمقدار ما يجعلها متأثّرة و مستنكرة.. فلا حوار سياسياً يبدو (رافعةً ).. إنما الانشغال بهموم معيشية.‏

فسيفساء الدراما السورية حاولت مقاربة المشهد السوري بمجمل أطيافه.. لعلّها بداية لنلحظ بعضنا.. و لو من طرف عين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية