|
كتب والإنسان كائن يلعب بقصدٍ, نجد جناساً لفظياً وصوتياً مع «الفاكهة». أو ليست أحدى أنواع الفاكهة كانت سبباً في هبوط الإنسان من جنته وفق قراءة كلاسية للأمر!؟ أ وليست التفاحة, هي مربط الفرس بقانون الجاذبية!؟. كان الخطاب الميثيولوجي قد أخبر الإنسان بأنّ الأرض هي ممر وليست مكان إقامة دائمة وعليه إلا يتضمن هذا الخطاب إنذاراً لإنسان باللاجدوى من وجوده على الأرض وهنا ألا نفهم مقولة بيكيت حيث البؤس هو منبت الفكاهة ولنقل السخرية والتهكم المتبادل بين الإنسان ومحيطه كنوع من المقارعة الدون كيشوطية أمام القدرية والعبثية التي يجد الإنسان فيها نفسه منذ ولادته على هذه الأرض إلى ولادته الثانية بالموت لكن ليس متيقناً أين؟. الواقعية بعيداً عن الأدلجة القارئ لقصص مجموعة « بقايا شتاء» يتأكد أنّه أمام واقعية «تتفكهن» على دلالات مصطلحها, فمن العنوان الذي يحيل وفق المعنى القريب إلى انتهاء الشتاء تتجلى تلك السخرية من حيث ماذا لو انتهى فصل الشتاء نهائياً ولم يعد موجوداً ضمن الفصول, فهل من ربيع يُرجى بعده, هذا التحذير العتبي للمجموعة عليه أنّ يلحظه القارئ وإلا سيفوته الكثير مما تحمله القصص. في قصة « أصوات من الوادي « يقدم القاص رمضان إبراهيم القرية بمعطياتها الكلاسيكية من الشيخ الماكر إلى الرجل الشّهم الذي يغدر به الشيخ والقدر إلى الواشي وكل تلك الشخصيات المعروفة, لكنّه يعمد إلى هذا الأسلوب لأنّ الزمن وإنْ تغيّر مازالت القصة ذاتها تتكرر وكأنّنا أمام مقولة: من لم يقرأ التاريخ يعيد التاريخ الدرس عليه مرّة ثانية وعاشرة! وهنا نسأل: هل حقاً قرأنا واقعنا جيداً وعرفنا قصصه كلها؟ فلو كان الأمر كذلك, فليس من داع للقصة أنْ تعاد, لكن الحقيقة والواقع يقول غير ذلك, فالقصة تنتهي بتسلط جديد على القرية وضياع الرجل الشّهم رغم أنّه قد أخذ بثأره لكنّه اختفى من القصة/ القرية وهذا بدوره يحيلنا إلى البؤس حيث يقتلع الإنسان من جذوره وحتى الغربة لا تعرفه لقد أسقطه القاص من نهاية القصة وبقت القرية كأنّها على زمن الشيخ, فلا شيء تغيّر أنّه العبث واللاجدوى. يستكمل القاص لعبته, ففي قصة « ربما .. لهذا ماتت جدتي باكراً» تطحن الحياة البطل, رغم محاولاته المستميتة لأنْ يقف أمامها بشرف وكرامة إلا أنّها تمعن بالسخرية منه, تقدم له أبواباً لا أقفالاً لتضع فيها المفاتيح التي صنعتها من عرق جبينك, فشخصية القصة بعد أنْ تفلسه سيارته القديمة من كثرة التصليحات, يقرر أنْ يبيع الفلافل قرب أحد المدارس, تجهز له زوجته عدداً من اللفافات لتكون بداية عمله الجديد وهكذا يذهب إلى قرب المدرسة منتظراً خروج الطلاب وقبل حدوث ذالك تمرّ به دورية وتكتشف أنّه لا يملك رخصة لبيع الفلافل, فتصادر ما بحوزته. من جديد نحن أمام ذات الحالة السابقة هناك عنصر ناقص يمنع الحياة من التفتح كلعبة البزل التي تنزع منها قطعة, فلا تعود تكتمل صورتها. بقايا شتاء مجموعة قصصية سلسلة البناء, لماحة بذكاء تقارب الحياة من منظور محايث, تقدم صور واقعية بكاريكاتورية مضمرة تهكمية, تخاتلك بسردها ورغم أنّها تعلي من شأن العبثية واللاجدوى إلا أنّها بموقفها من البؤس والتفكه عليه تخفف من وطأة السجن كالنافذة التي يتسرب منها ضجيج الحياة في الخارج. تتألف المجموعة من عدة قصص نذكر منها: على ذمة التخيلات - الغريب – أنوثة لا تنكسر وغيرها مع شذرات قصصية ضمنها تحت عتبة بعنوان : نتف من الذاكر نقدم منها: لستُ في عجلة من أمري.. أيتها العربة كأرنب جبان لا شيء يطاردك... لماذا تهربين بسرعة. لا أحمل في ذاكرتي إلا حرف الياء... لماذا يُصرون على مصادرته. بقايا شتاء للقاص رمضان إبراهيم صادرة عن دار عروة للطباعة – طرطوس 2013 |
|