|
مجتمع
ماسه بارودي , مواطنة سورية عاشت في الولايات المتحدة الامريكية ثلاثين عاما و تزوجت امريكيا لكنها حين رأت ما يحدث على ساحة الوطن , حزمت حقائبها و عادت اليه ومازالت على ارضه منذ ثلاث سنوات , وفي تفاصيل هذه العودة و اسبابها مما تقول : انتقلت الى امريكا و عملت هناك الى جانب الدراسة لكن ما احسست به عند وصولي الى الولايات المتحدة اولا الشعور بخيبة الامل تجاه الامريكان , و ان امريكا التي تمثل الحلم و هذه الهالة التي تحيط بها ما هي إلا وهم , فالامريكان معظمهم متخلفون فغالبيتهم غير مثقفين و غير دارسين , و ان الجالية غير الامريكية هي الفئة المثقفة وعلى اكتافهم تطورت البلاد ونهضت , اما الانسان الامريكي فهو انسان اقل من العادي لجهة امكاناته و قدراته اما شعوري بالاكتئاب فكان مصدره تحطم هذا الحلم بالوصول الى امريكا , و خصوصا انني أحمل اجازه في اللغة الانكليزية والجميع هنا يتكلم الانكليزيةو , فماذا ستفيدني هذه الشهادة ؟ اذا حياتي باتت دون هدف . لكن و خلال الاسبوعين التي مرت على وجودي في امريكا صادف ان كنت اتابع برنامجا حمل عنوان ( ابني شخصية ذاتية ايجابية ناجحة )لفت نظري ما يدور حول هذا الموضوع فاشتريت البرنامج ب 600 دولار و كان ذلك في العام 1986 كنت استمع اليه و اطبق الافكار المطروحه و بعد اسبوعين تغيرت نظرتي للحياة و زال الاكتئاب و استعدت نشاطي و سجلت في الجامعه و درست علوم الكمبيوتر و انتقلت بعدها الى دراسة ادارة الاعمال و اخترت مجال ( المبيعات في الالكترونيات ) لانه المجال الوحيد الذي يدر علي دخلا كما اطمح و كنت اتطلع دائما للتقدم الى الامام و ليس الرجوع الى الوراء هناك مثل في امريكا يقول ( مثُل حتى تستطيع ان تعمل ) وهذا ما حدث . و عملت بجد و حققت النجاح و كنت اسأل نفسي دائما ما الفرق بيني و بين انسان ولد و عاش في امريكا و انا اجد ان الفرص متاحة امامه و لا يستثمرها لكن عيني كانت دائما على هذه الفرص و اسعى للحصول عليها و فعلا بدأت احقق احلامي خطوة خطوة اما السؤال الثاني الذي كان يؤرقني و كان هاجسي هو ما الفرق بين الانسان الناجح و الانسان غير الناجح و انا لم اسمع يوما اطراء يقول لي ( بأنك بنت ذكية و مميزة) في الوقت الذي قال لي شخص امريكي ( النجاح مكتوب عللى جبينك ) ثمة عبارة اخرى اذكرها ( الانسان هو كل ما يفكر فيه طيلة النهار ) هاتان العبارتان ترسختا في ذاكرتي و تمسكت بهما و جعلتهما شعارا لحياتي . منعطف و عندما اصبح عمري 35 سنة اكتشفت انني كنت تحت تاثير املاءات والديٌ رغم ان حياتي تخصني وحدي تابعت دراستي و تحصيلي العلمي الى ان مرض والدي في العام 2004 فعدت الى سورية لزيارته و ما ان التقيت ارض الوطن حتى هالني ذاك التطور و التغيير الذي حدث في بلادي , حقا سورية هي جنة الارض و كم حرمت منها في بلاد المغترب و اكتشفت ان سورية لا تزال تعيش في عروقي و دمي , فمهما غبنا عنها و مهما كانت حياتنا رائعة فثمة احساس غريب ينتابنا عندما نطأ ارض الوطن فركعت و قبلت الارض و قلت لابي و هو في انتظاري في المطار ( لسورية دين كبير في عنقي فلها الفضل في كل ما وصلت اليه و فضلها هذا على كل انسان سوري , يا ربي تحمي هذا البلد ) . عدت الى امريكا احمل في قلبي و عقلي كل شيء و كل ذكرى عن بلدي و حدث ان رأيت ما يجري على ارض مصر في محطة سي ان ان و استغرب زوجي هذا الاهتمام بالاحداث فقال , لا تستبعدي ان يحدث هذا في سورية , فقلت ليس من المعقول , فقال اذا سأريكي هذا الفيديو الذي حصل عليه من صديق له يعمل والده بالمخابرات الامريكيه قال ستفاجئين و ربما سيزعجك ما سترينه شاهدت الفيديو , يقول ( بعد اسبوعين من احداث 11 سبتمبر كنت ذاهبا الى البنتاغون لمقابلة رامسفيلد فقال لي سوف نغزو العراق فقلت لماذا سنغزوها فقال له ربما لاننا لم نجد ما نفعله) و كنت اقول في نفسي و انا اشاهد الفيلم الهذا الحد بلغت وقاحة الحكومة الامريكية و تايع الفيلم ( قررنا ان نسقط سبع دول واحده منها سورية ) فقلت اذا هم ينفذون البرنامج فقال زوجي و احداث سورية قادمة و مع ذلك لم اصدق ما يقوله لكن الاحداث بدأت فعلا في سورية و كنت اشعر ان قلبي يتحطم كل يوم و كم كنت اتنمى ان يصحو الناس و يتنبهوا لما يحدث لان المؤامرة السعودية و الامريكية هي التي وراء ما يحدث , عندها قررت ان اعود الى سورية لايماني ان لكل انسان رسالة في الحياة , فطوبى للإنسان الذي يكتشف رسالته في الحياة باكرا و فعلا عدت الى سورية لارد جزءا من الجميل الذي قدمته لي , لكن اخي القاطن في السعودية لم يطب له عودتي الى سورية و قال ماذا ستفعلين في سورية , فقلت له اسأل نفسك لماذا ما زلت تقطن في السعودية اليس الاجدر ان تقف الى جانبها خلال هذه الازمة و كان موقف زوجي مماثلا لكنني خيرته اما الطلاق او العودة الى سورية ربحت الرهان الاول هو الوقوف الى جانب البلد و من ثم اوجه رسالة الى كل من يغادر بلاده للعودة اليها فانا من عاش ثلاثين سنة في امريكا و احمل الجنسية الامريكية لكني سورية و حصلت على الجنسية الامريكية فقط لانها تخدم مصالحي لا اكثرو لا اقل لكنني لا زلت املك جواز سفر سوري سأجدده و سورية لن تتخلى عني فالدم الذي يسري في عروقي هو دم سوري وليس دم امريكي و لولا أنني انتاج سوري لما نجحت في امريكا و انا اليوم اعمل لمساعدة الناس للخروج من الازمة و اسجل بعض البرامج لاقدم الفائدة بشكل اوسع لكل الناس و رغم ان الكثيرين راهنو اني لن اتحمل العيش هنا , لكنني ربحت الرهان و لا افكر بالعودة الى امريكا بل اسعى الى ان يكون زوجي معنا هنا في سورية حتى ابني وجد في هذه البلاد الحياة التي يهنأ بها و انا على يقين بأن بعد الليل لا بد سيأتي نهار و لا مشكلة الا ولها حل , حرب الا و بعدها سلام , فربما يموت الاخ و الاب و الام ولكن الوطن لا يموت بل يعيش الوطن لانه غريزة كما قال عمر الفرا و حب الوطن لا يعادله اي شيء , ولا يعرف قيمته الا من عاش خارج حدوده. لذا علينا ان نعيد مفهوم المواطنة الى علاقتنا مع ارضنا فالارض ارضنا و العرض عرضنا و على الانسان ان يضع نصب عينيه هدفا لتغيير الواقع الذي يعيشه و ان يغير نفسه و يطورها لان في ذلك تطوير للمجتمع واللافت في هذه الازمة ان الناس تجنبوا الصراعات و بات الوطن هو ما يجب ان نحافظ عليه, المهم الا نفقد ايماننا بوطننا وقيادتنا و بالجيش السوري و لنعلم ان كلمة كل انسان منا مهمة ويجب ان نبدأ من انفسنا دون انتظار الغير حتى يبدأ فلنعيد صياغة انفسنا من الداخل و نضع الهدف امامنا و لا نتعجل الامورلاننا في حرب كونية . المهم (انا ماذا استطيع ان اقدم حتى احسن علاقتي مع نفسي و من ثم مع الاخرين ) فنحن لا نملك المستقبل و لا نملك الماضي فالماضي ذكرى و المستقبل حلم و الحاضر هو ما نملكه , فلنؤكد على الحاضر و نعمل من اجل المستقبل |
|