|
تشرين التحرير الانتصارات التي كانت ردّاً حاسماً لا بدّ منه ، على نكسة حزيران 1967 ؛ الانتصارات التي أثبتت الكفاءة العالية للمقاتل العربي السوري، وقدرته على التعامل مع أحدث الأسلحة المتطوّرة في مواجهة العدوان وانتزاع النصر ، اعترف بها العدّو قبل الصديق . وهذا ما أظهرته بطولاته على قمم جبل الشيخ ، وعلى بطاح الجولان ، وفي سماء الوطن الغالي ، سواء في المواجهة المباشرة أم في حرب الاستنزاف ، شواهد حيّة أذهلت العالم وأحدثت صدمة قاسية لقوات العدو الصهيوني. فكسرت إرادته وحطّمت عنفوانه وأسطورة جيشه التي صوّرها أمام العالم بهالة لا نظير لها ، بما سمي « الجيش الذي لا يقهر «، ولكنه قُهِر واندحر أمام بسالة قواتنا المسلّحة وتضحياتها الكبيرة ، في البرّ والبحر والجو، حيث أعطى جنودنا العالم نماذج رائعة في الفداء والشهادة ، وكرّسوا زمن الشهادة عندما جسّدوا شعارهم المقدّس « الشهادة أو النصر » ، معتمدين على الإيمان المطلق بأن الوطن هو الأعلى ، وهو الأغلى من الأنفس والأرواح . وفي حين نستذكر تلك الانتصارات العظيمة ، يؤلمنا الواقع الحالي ونحن نجد أن سورية الصمود والمقاومة ، سورية التي انتصرت في حرب تشرين ، تتعرّض لمؤامرة شرسة وتخوض حرباً عالمية ، لها جانب خارجي افتراضي ( إعلامي وسياسي واقتصادي وعسكري )، وجانب داخلي يترجم على أرض الواقع من خلال عصابات إرهابية مسلّحة مأجورة باعت نفسها وضميرها ، وادعت الإصلاح باسم الحرية والديمقراطية ، ومارست تحت هذا الادعاء الكاذب، القتل والتخريب والتدمير بأشكال مختلفة ، مستعينة بمنظّمات تكفيرية امتهنت الخطف والذبح والاعتداء على المقدّسات الدينيّة ، المسيحيّة والإسلاميّة ، بقصد الإيذاء المتعمّد للوطن وتراثه الحضاري ، والإساءة إلى المواطنين الأبرياء / الشرفاء الذين أثبتوا انتماءهم الراسخ وولاءهم المطلق لوطنهم . وإذا كان جيشنا الباسل قد خاض في تشرين حرباً على جبهة واحدة ، فإنّه اليوم يخوض حرباً على جبهات متعدّدة؛ ففي تشرين كانت الحرب على الحدود ، ومع عدوّ خارجي واحد ، أمّا اليوم فالحرب في كلّ المناطق السورية ، والعدوّ متعدّد الأوجه ، الداخليّة والخارجيّة ؛ في تشرين كان العدوّ الصهيوني العنصري / الاستيطاني يريد احتلال الأرض ، أمّا اليوم ، فالعدوّ جهادي / تكفيريّ ، مأجور يريد احتلال الأرض والفكر والهوية ، ويسهم في مناصرة القلّة الضالة من السوريين الذي تخلّوا عن انتمائهم الوطني ؛ وفي تشرين تجلّى نوع من التضامن العربي الذي عملت من أجله سورية، أمّا اليوم ، فقد أصبح التضامن العربي ضدّ سورية ، بفعل العربان وجامعتهم المسلوبة من ميثاقها وهويتها . ولكن جيشنا الوطني الباسل ورجال الأمن الأمناء الساهرين على حماية الوطن والمواطنين ، تصدّوا ، ويتصدّون لهذه العصابات الإرهابيّة /التكفيريّة المجرمة ، ويخوضون معها معركة بطوليّة /وطنية ومصيرية بامتياز، في مواجهات حازمة وحاسمة ، لتعيد للمواطن أمنه واستقراره ، ولتحفظ للوطن حريته وكرامته ، التي حاولت تلك العصابات أن تهدرها أو تبيعها إلى أسيادها أعداء الوطن ، الذين اشتروها بحفنات من المال لا تساوي سوى كرامة هؤلاء العملاء والجهاديين وعقيدتهم المريضة ، لتنفيذ مشاريع استعمارية جديدة مقنّعة ، هدفها تمزيق المنطقة العربيةتمهيداً لإضعافها والهيمنة عليها ، وفرض الحلول الاستسلامية /التصفوية لصالح العدو الإسرائيلي . لقد فات هؤلاء الإرهابيون/ الجهاديون والمأجورون الذين تجرّدوا من انتماءاتهم الوطنيّة والدينيّة والإنسانيّة ، وباعوا أنفسهم بأبخس الأثمان ، كما فات أسيادهم، أنّ في سورية قيادة أصيلة وشعباً عريقاً وجيشاً وطنياً عقائدياً،، يلتحمون معاً في جبهة واحدة صلبة وقوية ، اكتسبت مناعة القوّة والصمود ضدّ كلّ أشكال التحديات الداخلية والخارجية، فلا تقوى يد الشرّ على المساس بهذه الجبهة أو النيل منها، تحت أي ظروف أو ضغوطات أو مؤامرات ، مهما اشتدت شراستها ، والتاريخ يشهد على ذلك . وها هو جيشنا العقائدي الباسل يؤدّي واجبه الوطني، كما كان دائماً ، متسلّحاً بشرفه العسكري ، يقف إلى جانب الشعب الأبي ويحميه من ترويع تلك العصابات وإجرامها ، ويشكّل السياج الحصين للوطن ، والحامي الأمين للوحدة الوطنية الراسخة في حياة المواطنين ؛ وها هي بطولاته وتضحياته تملأ أرض الوطن الغالي ، وتروي تربته المقدّسة بدماء الشهداء الطاهرة ، من بابا عمر والخالدية إلى القصير في حمص ، ومن غوطة دمشق الغربية إلى غوطتها الشرقيّة، ومن درعا إلى جبال اللاذقيّة ، ومن ريف حماه وإدلب الخضراء إلى حلب الشهباء ، وغيرها من المناطق التي يوجد فيها المسلّحون والإرهابيون . ويقدّم جيشنا الشهداء قرابين مقدّسة، في مواجهة المؤامرة التي تستهدف سورية الوطن أرضاً وشعباً وهوية ووجوداً . وسيكون إحياء الذكرى الأربعين لحرب تشرين التحرير، حافزاً لتشرين جديد يضع حدّاً لنهاية حرب إرهابيّة كونية ، أدواتها أعداء الوطن من الداخل والخارج ؛ حرب تآمرية على سورية وصمودها ، سيفشلها وعي الشعب وتمسكه بانتمائه الوطني الأصيل ، ويقضى عليها جيش سورية الباسل في معركة التطهير ، كما كان في تشرين التحرير ، الجيش الوطني الذي كرّس عقيدة (الشهادة أو النصر ). فتحيّة لشهداء حرب تشرين التحريرية المجيدة ، وتحية للشهداء من العسكريين والمدنيين ، الذين قدّموا، ويقدّمون أرواحهم فداء لسورية الأبية ، وهي تخوض أعتى عدوان ، وأشرس حرب إرهابيّة تحاول النيل من صمودها وقوتها؛ وتحية لكل شهيد يسقط كرمى لقدسية الوطن والدفاع عنه ضد أي عدوان داخلي أو خارجي ؛ وسيبقى السادس من تشرين معلماً بارزاً ، كتبت فيه صفحات مشرقة في تاريخ النضال العربي ضدّ العدو الصهيوني ؛ وسيبقى حافزاً على إنجاز التحرير الكامل وردّ أي عدوان مهما كانت طبيعته ، كما تفعل قواتنا الباسلة ودفاعاتنا الوطنيّة في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه ، وتطهير أرض الوطن من رجس شروره وإجرامه . فالمجد والخلود لأكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر، لأنهم في مراتب القديسين ، والخزي والعار للعملاء المأجورين، والخونة والمتآمرين على أمن الوطن واستقراره ومنعته . |
|