|
تشرين التحرير انه الشرف الذي منحه القدر لرجال الجيش العربي السوري الذين شاركوا في الحرب ضد العدو الصهيوني, والذين يشاركون اليوم في الحرب ضد الارهاب والتطرف لتبقى سورية واحدة موحدة لجميع أبنائها. فطوبى للرجال الذين يسميهم الشعب أبطالاً.. لكم تنحني الهامات فأنتم فخر هذه الأمة وعزها وعنوان كرامتها لأنكم بحق حماة الديار.. حماة الوطن.. وهو أغلى من الولد ومن العائلة ومن الحياة وعلينا ان نحافظ عليه- كما يقول اللواء المتقاعد محمد سعيد الحمصي احد ابطال حرب تشرين التحريرية. التحضير للحرب يعود السيد اللواء المتقاعد بالذاكرة أربعين عاماً ويبدأ حديثه بالقول: في حرب تشرين كنت رئيس أركان الفرقة الاولى المدرعة برتبة عقيد ركن. بالنسبة للتحضير لحرب تشرين التحريرية بدأ منذ نهاية نكسة حزيران فخلال عام 1967 لم يكن هناك تشكيل فرقي في القوات المسلحة, وأصل الفرقة كان عبارة عن اللواء(70-دبابات) الذي شارك في حرب 1967, وضمن اطار التحضير لتحرير الاراضي المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي تم تطوير وتحديث للقوات المسلحة لتكون اهلاً لهذه المهمة، وقد انعكس ذلك على التشكيل الفرقي، حيث تم تشكيل الفرقة الاولى من قيادة الفرقة ولوائي دبابات ولواء ميكانيكي ووحدات قيادة الفرقة, كتيبة مدفعية, كتيبة م/ط - كتيبة اشارة ووحدات تأمين - اشارة- مركبات - كيمياء- هندسة..الخ. وتم التخطيط والتدريب من اجل تحقيق الهدف بتحرير الارض المحتلة من قبل العدو خلال نكسة حزيران 1967. وفي خطة القيادة لخوض الحرب التحريرية كانت مهمة الفرقة الاولى العمل كنسق ثان للقوات المسلحة, اي بمعنى ان يتم زج الفرقة في المعركة بعد أن تحقق الأنساق الاولى مهامها في احتلال نقاط استناد العدو, وكان تخطيط زج الفرقة في وسط الجبهة خلف الفرقة التاسعة على اساس ان تحقق مهام مباشرة في الوصول الى منطقة (واسط) ومن ثم تطوير الاعمال القتالية باتجاه نهر الاردن, ولاحقاً- اذا سمحت الظروف عبور نهر الاردن بغية تحرير جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة. وخلال فترة التحضير للحرب كان هناك تأكيد على سرية الاعمال التحضيرية بغية تحقيق عنصر المفاجأة على العدو, والذي يعتبر احد العناصرالرئيسية في تحقيق النصر, وقد تحقق ذلك تماماً, حيث فوجىء العدو في بدء الاعمال القتالية. التنسيق على الجبهتين كان هناك تنسيق كامل مع قيادة القوات المسلحة المصرية بغية تنفيذ الاعمال القتالية بشكل منسق ومتواترعلى كلا الجبهتين السورية والمصرية. ونظراً لكون الجبهة المصرية هي الاكبر فكانت الظروف المؤاتية لها هي الغالبة على التنسيق, وعلى سبيل المثال كانت القوات العربية السورية تهاجم من الشرق باتجاه الغرب, وكان يناسبها بدء الهجوم مع مطلع الفجر كون اشعة الشمس تكون خلف القوات, والرؤية واضحة, بينما كانت القوات المصرية ستهاجم من الغرب باتجاه الشرق لعبور القناة, والأنسب لها أن تهاجم بعد الظهر كون الشمس قد اصبحت خلفهم. وقد استجابت القيادة السورية لمطلب القيادة المصرية بأن يكون الهجوم بعد الظهر. وما يمكن ملاحظته في هذا المجال ان الاعمال القتالية يجب ان تكون بنفس الوتيرة على الجبهتين لاجبار العدو على توزيع قواته في كلتا الجبهتين, وعدم اتاحة الفرصة له للتفرد باحدى الجبهتين في حال ايقاف الاعمال على الجبهة الاخرى. الأعمال القتالية كما سبق وقلنا : إن الفرقة كان في تشكيلها لواءا دبابات ولواء مشاة ميكانيكي, وحسب قرار قيادة الفرقة المصدق من القيادة كان ترتيب الفرقة على نسقين, في النسق الاول لواءا الدبابات (91-76) وفي النسق الثاني اللواء (58- ميكانيكياً). وفي الساعة الثانية عشرة منتصف ليل 6 تشرين , وحسب الخطة الموضوعة تم تحريك اللواء (33) من الفرقة الذي يكون قد اخلى مواقعه الدفاعية كونه مكلفاً بمهمة احتلال نقاط استناد العدو وتأمين زج الفرقة في المعركة, وكان سبق ذلك استطلاع اماكن تحشد الفرقة على خطوط الجبهة وتعرف كافة القادة حتى مستوى سائق دبابة او عربة على مكان تحشده نظرا لان التحرك سيتم خلال الليل, وهذا من الصعوبة بمكان على احدث التشكيلات القتالية, اضافة الى انه لم يتم اي تحريك للآليات من مرائبها تحقيقاً لعنصر المفاجأة وعدم تمكين العدو من كشف التحضيرات الجارية. وفعلاً تمكنت الفرقة من التحرك ليلاً بشكل منتظم وسريع, وحتى الساعة السادسة صباحا أنهت تحشدها في الاماكن التي ستنطلق منها للزج في المعركة ولتطوير الاعمال القتالية. وفي حوالي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم (7- تشرين) تلقت الفرقة الامر من القيادة بالتحرك الى خط الزج وقد صادفتها بعض المعوقات وامكن تجاوزها من خلال المناورة بالقوات. وتابعت قوات النسق الاول للفرقة الهجوم للوصول الى خط المهمة المباشرة الذي تمكنت من تحقيقه حتى الساعة الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم. وفي صباح يوم (8- تشرين) تم زج نسق ثان للفرقة للوصول الى المهمة التالية على ارتفاع قرية واسط, وفي تلك المرحلة كانت مقاومة العدو محدودة نسبياً, ولكن.. ونظراً لتوقف الاعمال القتالية على الجبهة المصرية فقد تغيرت الظروف واصبح تدخل العدو بالطيران والوسائط الاخرى كثيفاً مما أثر في سير أعمال الفرقة. نجاح عسكري ولكن وهنا اريد ان اشير الى ما حصل على الجبهة المصرية, فقد تمكنت قوات النسق الاول المصرية من تحقيق خطة عبور القناة بشكل مثالي ورائع, ولكن بعد هذا الانجاز العظيم توقفت على خط بعمق 6-7 كم شرق القناة. وكانت القيادة المصرية تعتقد ان هذه العملية ستكلفها آلاف الشهداء والجرحى والامكانيات, ولكن ما حصل كان مفاجأة كبيرة, حيث لم تفقد الانساق الاولى سوى (118) مقاتلاً بين شهيد وجريح ومفقود. وللاسف دخلت السياسة في الاعمال القتالية, حيث كانت وجهة نظر القيادة السياسية المصرية هي تحريك الاعمال على الجبهة وليس تحرير الارض المحتلة (سيناء). ومع ان خطة القيادة المصرية تقتضي التوقف لعدة ايام على هذا الخط الا ان النجاح الباهر الذي حققته بالعبور كان يقتضي تطوير الاعمال القتالية باتجاه مضائق سيناء ، حيث كانت الأرض مفتوحة وتنفيذ المهمة سهلاً نظراً لمفاجأة العدو واستخدام كافة احتياطاته على معركة القناة. وحسب المبادئ العسكرية منذ آلاف السنين فإن أحد عوامل نجاح المعركة هو تطوير الأعمال القتالية وعدم إعطاء العدو فرصة إعادة تنظيم نفسه واستخدام احتياطاته إلى أرض المعركة، إضافة إلى أن أحد المبادئ الأساسية في الاستراتيجية العسكرية كما حدثنا المنظر الاستراتيجي الصيني/ صن تزو/ منبها:» إياك ثم إياك إذا عبرت حاجزاً مائياً أن تتوقف على الضفة المقابلة، ولكن للأسف تم التوقف شرق القناة بحوالي 6-7 كم كما أشرنا سابقاً، وهذا ما حققه شارون عندما قام بعملية الدفر سوار، حيث خرق القوات المصرية بين الجيشين الثاني والثالث للوصول إلى الضفة الغربية، ومن ثم المناورة خلف القوات المصرية وعزلها، والمتابعة باتجاه عمق الجيش المصري والكوارث التي حصلت بسبب ذلك. حرب الاستنزاف وبالعودة إلى الجبهة السورية تم إعطاء العدو الفرصة لنقل كافة جهوده إلى الجبهة السورية بكافة القوى والوسائط الجوية والأرضية كما قام بنقل العديد من الدبابات من الجبهة المصرية إلى الجبهة السورية وبدأ بتنفيذ هجماته المعاكسة على القوات السورية التي كانت نجحت في الوصول إلى عمق هضبة الجولان مما دفعها إلى التوقف على خطوط دفاعية وإعادة تجميع القوات. وبعد توقيع السادات على وقف إطلاق النار يوم /18 تشرين/ مما اضطر القائد الخالد حافظ الأسد إلى متابعة القتال بحرب استنزاف على الجبهة والتحضير لمتابعة الهجوم، حيث قامت القوات وبالتعويض عن الخسائر باستقبال طواقمها للعتاد من مرفأ اللاذقية والعودة إلى خطوط القتال، وقد تم فعلاً استنزاف العدو خلال الحرب. أول شهيد للفرقة يتابع السيد اللواء الحمصي: كان أول شهيد للفرقة المقدم الركن حنا طعمة، الذي كان قائداً لكتيبة اصلاح الآليات ومن المفترض أن يتحرك على بعد/10-15/ كم عن قوات النسق الأول. وفي أثناء قيام العدو بهجوم معاكس على الفرقة على ارتفاع قرية واسط بين لوائي نسق أول الفرقة اللواء /91 واللواء 76/ وقد أعطيت الأمر لرئيس أركان الفرقة المقدم عبدو كاترينا بإعطاء أمر لدبابته بالاستدارة يساراً والاشتباك مع دبابات العدو التي تقوم بالهجوم المعاكس، وقد نفذ الأمر بشكل ممتاز ما جعلني أناديه عدة مرات:» بطل ياعبدو ... بطل ياعبدو» وليت الضباط الذين انفصلوا عن قواتهم و العديد منهم كنت قد أشرفت على تخرجهم من الكلية الحربية بصفتي رئيساً لهيئة التدريب.. ليتهم يقرؤون هذه الحادثة ويعون التضليل الذي يقعون فيه فالوطن بحاجة إلينا جميعاً من كافة المشارب و خاصة في هذه الظروف التي يمر بها وطننا الحبيب ... افهموا ما يتعرض له الوطن وعودوا إلى جادة الصواب لنكون يداً واحدة في منع هذه الحرب التي تكالبت فيها أغلب دول العالم لتقسيم وطننا الحبيب سورية، إن الوطن في خطر وهو أغلى ما نملك، أغلى من العائلة وأغلى من الأصدقاء وأغلى من الحياة، فلا حياة لنا ولا كرامة من دون وطن. |
|