تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أربعــون عامـــًا .. وتشــرين يــــورق ..في ندوة «الثورة» الحوارية .. ضباط قواتنا المسلحة: حرب تشرين أزالت ثقافة الذل والخنوع من الوجدان وغرست مفهوم النصر والمقاومة

نــــــدوة
الأحد 6-10-2013
حرب تشرين بداية الانتصارات ففيها خسر الغرب وليس فقط ربيبته إسرائيل ورغم الجسر الجوي الأميركي لتزويد الإسرائيليين بالسلاح على الجبهة فقد هزم هذا العتاد على صخرة عزيمة واصرار جيشنا البطل وشعبنا الابي كما أسست الحرب لتربة خصبة للمقاومة وأسقطت هيبة العدو.

وفي الذكرى الاربعين للحرب تتجدد في النفس مشاعر العزة الوطنية بالانتصار الذي رسم الفارق بين مرحلة النكسة ومرحلة النصر والمقاومة وفعلها التحريري على الارض العربية والتي لا تقتصر على الماضي وانما تندرج على الحاضر والمستقبل لأنها تعزز الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة التحديات كالتي يعيشها وطننا وشعبنا اليوم حيث يشهد الوطن صراعاً بين حملة المشروع القومي ودعاة المشروع الصهيو اميركي .. ولكل من المشروعين استراتيجيته الواضحة فأصحاب المشروع المقاوم يعملون على تعزيز وتطوير مكونات وأدوات النصر وأصحاب المشروع المعادي يحاولون تفكيك هذه الأدوات والهيمنة على المنطقة وتجزئتها وتقسيمها الى دويلات صغيرة، ولإسقاط هذا المخطط والحفاظ على سيادة الوطن ورفعته تخوض قواتنا المسلحة الباسلة اليوم المعركة الحاسمة في إنقاذ المشروع الوطني والقومي بعد أن أضحت أغلبية الأنظمة العربية أدوات تابعة طائعة لمراكز قوى الشر التي لم تخف يوماً عداءها للقضية العربية وخشيتها من نهوض العرب من جديد.‏

بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء حرب تشرين التحريرية وشهداء الحرب الكونية التي تشن على وطننا منذ ثلاثين شهراً من العسكريين والمدنيين، بدأت في جريدة الثورة الندوة الحوارية حول حرب تشرين (الإعداد لها وسير العمليات الحربية والبطولات التي تميز بها المقاتل العربي السوري) مع الضباط السادة:‏

العميد الركن المجاز محمد عباس محمد- اختصاص مدفعية ميدان‏

العميد الركن المجاز يوسف شحادة الغنام- قوى جوية‏

العقيد الركن المتقاعد علي عمران- دفاع جوي‏

ذكرى حرب تشرين تجدد في أنفسنا- نحن المقاتلين- مشاعر العزة والكرامة، إذ نفخر بالإنجازات التي حققناها، ومن الخطأ بمكان أن نذكر إنجازات الحرب بتحديد كمي، أي ماذا حررنا على الأرض أو من الأرض أو كم استطعنا أن نكبد العدو من الخسائر بالأرواح والعتاد، إنما علينا التركيز على عدة نقاط، بينّها العميد الركن المجاز يوسف شحادة الغنام بالقول: إن الحروب السابقة فرضت علينا ولم نخطط لها لكن القاعدة التي أنتجتها حرب تشرين أنها أضحت نقطة الفصل مابين ثقافة الهزيمة وإزالة العدوان وثقافة المقاومة التي ولدت مع حرب تشرين، حيث تجاوزنا الهزيمة واستعدنا كرامة المواطن العربي.‏

لماذا حرب تشرين؟‏

ويرى العميد الركن محمد عباس محمد أن من أهم أسباب الحرب إزالة آثار ثقافة الخنوع والهزيمة من عقلية ووجدان الإنسان العربي وقبوله بالأمر الواقع الذي فرضته نكسة حزيران عام 1967، حيث استباح العدو الصهيوني مساحات كبيرة من الأرض العربية واستطاع احتلال سيناء والضفة الغربية والجولان.‏

ففي آخر يوم من أيام الحرب التي استمرت ستة أيام أعلن « ليفي أشكول» أن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وبعد شهر أعلنت «إسرائيل» أن نهر الأردن يشكل حدوداً آمنة لها، وبدأت هضبة الجولان تشكل منطقة حيوية أيضاً، وبدأت سياسة فرض الأمر الواقع، وبغطرسة يقول أرييل شارون بعد حرب حزيران: «إن جيش الدفاع الاسرائيلي يبعد ساعة واحدة عن دمشق وساعتين عن القاهرة، وباستطاعة جيشه الاستيلاء على المساحة بين الخرطوم والجزائر وبغداد في أقل من أسبوع».‏

بينما يقول «موشي دايان» خلال المؤتمر الاقتصادي في تل أبيب في 31/5/1973 في جريدة «جيروزاليم بوست»: طالما أن لدينا اسرائيليين مثل جنودنا، والأميركيون يزودوننا بالسلاح فإن قناة السويس حدودنا العسكرية وطالما العرب هم أعداؤنا فإسرائيل بخير».‏

ومن خلال ذلك نجد حالة الغطرسة الإسرائيلية التي أرادت فرض وجودها على الأمة العربية، والسعي لإذلالها طالما أنها لم تعد تعترف بوجود طرف آخر يمكن التفاوض معه من أجل السلام، بل إن «غولدا مائير» لاتعترف أصلاً بوجود شعب فلسطين.‏

الموقف العربي قبل الحرب‏

ويتحدث العميد الركن يوسف شحادة الغنام مبيناً أن العرب لم يتقبلوا هذا الواقع وتجلى ذلك في مؤتمر الخرطوم في 29/8/ 1967 كدلالة على صلابة الموقف العربي وإعلان اللاءات الثلاث « لا تفاوض، لا صلح- لا اعترف» غير أن الخلافات العربية ظهرت إلى السطح خلال مؤتمر القمة العربية الخامسة 21/2/2013 في الرباط حيث اختلف العرب على حصة كل دولة في دعم الدفاع العربي المشترك ومساهمته القادمة في حرب تحرير عربية مستقبلية كما ظهر الصدام بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن وكانت فاجعة العرب برحيل القائد جمال عبد الناصر بتاريخ 28/9/1970.‏

بناء القدرات‏

من جانبه العقيد الركن المتقاعد علي عمران قال: استناداً لما تقدم نجد أن هناك تناقضاً كبيراً بين العرب والصهيونية العالمية والاستعمار.‏

وازداد هذا تبلوراً بعد قيام الحركة التصحيحية التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد ووجهت كافة القرارات والأعمال والأنشطة لبناء القدرات العربية عموماً والسورية بشكل خاص والعمل على كسب الرأي العام العالمي.‏

التنسيق مع مصر‏

وعن صور التنسيق مع القيادة المصرية يقول العميد محمد عباس محمد:‏

اجتمع الرئيسان حافظ الأسد وأنور السادات في الـ25/2/1973 في استراحة برج العرب في الاسكندرية وكان الاجتماع مغلقاً، حيث اتخذ القرار التاريخي بتحرير كافة الأراضي العربية المحتلة بالقوة مع الحفاظ على كامل الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وبعدها مباشرة أعطيت التوجيهات للقيادة العسكرية الاتحادية التي تم تشكيلها بالتجهيز والتحضير لأي أعمال قتالية وعسكرية.‏

بعد ذلك اجتمعت القيادة العسكرية الموحدة في الاسكندرية وتحديداً في 20/8/1973 وصلت مساءً باخرة إلى الميناء على متنها وزير الدفاع حينها اللواء مصطفى طلاس والضباط المعنيون في المجلس الأعلى للدفاع حيث استقبلهم الفريق الشاذلي، تلاه اجتماع آخر للقيادتين في مقر قيادة القوى البحرية برئاسة الفريق أول أحمد اسماعيل واللواء مصطفى طلاس تم خلاله الاتفاق على أن تكون الساعة الرابعة عشرة من بعد ظهر يوم السادس من تشرين الأول عام 1973 هي ساعة الصفر لبدء الحرب.‏

في الوضع الداخلي‏

يوضح العميد يوسف شحادة أن التحضير للحرب كان يجري على محورين وبالتوازي.‏

المحور الأول خاص بالمؤسسة العسكرية والثاني في مجال اعداد جهاز الدولة، حيث أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات حدد فيها مسائل رفع الجاهزية القتالية لاجهزة الدولة ودورها ونظام عملها أثناء الحرب، وشكلت لجان من المؤسسة العسكرية ومن المدنيين في كل محافظة بهدف تعبئة أجهزة الدولة لخوض الحرب مع ضمان استمرار تقديم الخدمات للمواطنين واستمرار العملية الانتاجية، كما تم تأمين الحماية للمنشآت الحيوية الاقتصادية «المعامل - السدود - مصافي النفط الموانىء - مصادر الطاقة..الخ» كما تم العمل على توفير شروط استمرار عمل هذه المنشآت في ظروف الحرب من خلال تأمين تخزين الاحتياطات وخاصة الوقود - توليد الطاقة- وخنادق الدفاع السلبي «الحماية».‏

وفي 12/9/1973 قامت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة باعلام مجلس الوزراء باحتمال وقوع الحرب في أي لحظة «دون تحديد موعد».‏

فوضعت رئاسة مجلس الوزراء خطة لرفع جاهزية أجهزة الدولة وتحضيرها للحرب، حيث جرى افتتاح المشافي والمستوصفات، واخلاء المواد الحارقة من المصافي وتوزيع المواد الأولية المخزنة، كما تم استكمال الاحتياجات الضرورية.‏

وهي المرة الأولى في تاريخ سورية الحديث التي يجري فيها التحضير لخوض الحرب في جبهة متراصة من الحد الأمامي حتى المؤخرة، وهذا ما انعكس ايجاباً على معنويات الوطن، وتجلى ذلك خلال الحرب، حيث قام التجار وأصحاب المعامل والشركات الخاصة بفتح مخازنهم ومستودعاتهم لتأمين متطلبات السوق كما هب طلبة الجامعات والمعاهد وتوزعوا على المشافي وحماية المنشآت الاقتصادية الهامة.‏

كذلك فعل موظفو القطاعين العام والخاص وضاعفوا جهودهم من خلال زيادة ساعات العمل لتبقى المعامل والمصانع تعمل بكامل طاقتها الانتاجية.‏

كما قام الاتحاد النسائي بدور مميز من خلال التحاق كوادره بالمشافي لتقديم الخدمات الطبية، ووضعت وسائط النقل العامة، خاصة الثقيلة منها تحت تصرف الجيش دون مقابل.‏

واللافت في تلك الحرب مواقف عائلات الشهداء، الذين استقبلوا شهداء الوطن بكل فخر واعتزاز، هؤلاء الشهداء الذين سطروا بدمائهم الزكية مجد سورية وعزتها وكرامتها، وسيشهد التاريخ بالدور الريادي للقائد الخالد حافظ الأسد في إدارة دفة المعركة سياسياً وعسكرياً وبنظرته الاستراتيجية وبشجاعته وإيمانه بأن سورية منتصرة.‏

ويتابع العميد محمد عباس محمد:‏

يقول القائد الخالد حافظ الأسد: إن جماهير الأمة العربية التي يتفجر الغضب في أعماقها تتساءل إلى متى تبقى قواتنا العربية معطلة ولاتبرز في أمتنا إلا نقاط الضعف.‏

عشية انتهاء عدوان حزيران عام 1967 بدأ الرئيس حافظ الأسد- وكان وزيراً للدفاع بإعداد القوات المسلحة للثأر لكرامتها فتم تقييم وضع القوات المسلحة وحددت نقاط الضعف فيها وتم تلافيها من خلال إعادة بناء قوات مسلحة حديثة، وإحداث تشكيلات جديدة بالتنظيم الفرقي والاعتماد على الكوادر الجامعية وزيادة القدرة النارية والحركية لقواتنا كما تم إرساء دعائم الوحدة الوطنية بعد التصحيح وعوامل الاستقرار السياسي وتوظيف كافة الطاقات لخدمة المعركة.‏

استراتيجية التخطيط للحرب‏

ويقول العميد الركن المجاز محمد عباس محمد: كونت القيادتان السورية والمصرية مفهوماً موحداً حول أسس التخطيط انطلاقاً من فهمهما المشترك لنظرية العدو التي تقوم على ثلاثة مبادئ:‏

-توجيه الضربة الجوية المسبقة.‏

-نقل الحرب إلى أرض الخصم.‏

-حسم الحرب بالسرعة الممكنة.‏

وتبين للقيادتين أن هذه المبادئ يمكن إفشالها من خلال الأسس التالية:‏

المفاجأة التي ستحرم العدو من تنفيذ الضربة المسبقة.‏

-تحرير جزء من الأرض كقاعدة استناد لقواتنا يمنع العدو من نقل الحرب إلى مؤخرة قواتنا.‏

-إن احتفاظ قواتنا المسلحة بقدرتها القتالية وتعزيزها بإمكانات الدول العربية سيوفر إطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب استنزاف تجبر العدو على الانسحاب من الأرض المحتلة.‏

محاولات .. قلب الموازين‏

يؤكد العميد محمد أنه من خلال دراسة أسباب وقائع ونتائج الحرب تأكد للعدو أنها طرحت جملة من الحقائق يحسب لها حساب دقيق في خطط المواجهة المستقبلية على مختلف الأصعدة بحيث لايتاح للعرب أي فرصة مماثلة لتحقيق إنجازات كالتي تحققت في حرب تشرين والتي كانت نوعاً من البعث الجديد لأمة العرب في تاريخهم الحديث.‏

لقد تأكد لقادة العدو أن العرب حققوا انتصاراً سياسياً وحضارياً وإذا كانت وحدة قرار الحرب قد حققت هذه المنجزات فإن مابدأ العدو يسعى لتحقيقه هو تصفية منجزات الحرب وقلب الموازين لصالحه وتطويق النتائج الإيجابية على العرب، وإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للوطن العربي وتفكيك المرتكزات القومية وصياغة روح وفكر الهزيمة من جديد، وإنجاح علاقات الخضوع والاستسلام وتحويل الصراع إلى عربي-عربي وخلق أعداء جدد وإثارة الاضطراب في الوطن العربي وممارسة الضغوط عبر استخدام الاحتياط الرجعي، وإثارة حروب محلية ونزعات طائفية ومذهبية وتناقضات داخلية.‏

المقاومة وليدة حرب تشرين‏

ويرى العميد الغنام أنه بعد حرب تشرين لابد من دراسة تحولنا من نقطة الخوف وعدم القدرة على اتخاذ القرار واستخدام التكنولوجيا إلى ثقافة المقاومة.‏

وهنا بدأت نقطة انطلاق المقاومة في المنطقة (لبنان- فلسطين) وظهر الشرخ في العلاقات العربية العربية بين تيارين متناقضين، الأول يمثله السادات بزيارته للكيان الإسرائيلي والثاني يتبنى النهج المقاوم ويرفض سياسة الخضوع والخنوع للنهج الصهيوني الأميركي.‏

في ظل ذلك اتخذت القيادة السورية قرار حرب الاستنزاف التي استمرت 100 يوم وكان من أهم نتائجها قبول العدو بالانسحاب من مدينة القنيطرة ونتج فيما بعد عن هذه الحرب وهذا النهج المقاوم تحرير الجنوب اللبناني عام 2000 وبعده حرب تموز عام 2006 والصمود الأسطوري للمقاومة اللبنانية وكذلك حرب غزة 2007-2008 وصمود المقاومة في فلسطين وإجبار العدو على قبول قرارات الأمم المتحدة بوقف اطلاق النار، بل أكثر من ذلك اضطر العدو إلى تحجيم نفسه بإقامة جدار فصل عنصري ليحمي ذاته وانتهى شعاره الذي يقول: حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل.‏

حروب بالوكالة‏

ومع إسقاط حرب تشرين لقدرة العدو على شن الحرب ضد العرب بدأت الصهيونية وعملاؤها من الرجعية العربية بإيجاد عناصر قوة بديلة من تكفيريين ومرتزقة جاؤوا بهم من أنحاء العالم إلى درجة إخراج عتاة المجرمين من السجون وإرسالهم لتدمير الدولة السورية وليقوموا بالدور الذي عجزت أميركا وربيبتها إسرائيل عن القيام به.‏

نتائج حرب تشرين‏

وعن نتائج حرب تشرين يتحدث العقيد المتقاعد علي عمران فيقول: لقد كانت حرب تشرين التحريرية أبرز حدث تاريخي بسبب منعكساتها ونتائجها على الصعيد الداخلي والعربي والدولي وعلى صعيد العدو الصهيوني ومن أهم وأبرز هذه النتائج..‏

على الصعيد العسكري: اتخاذ القرار التاريخي بشن الحرب للمرة الأولى في تاريخ العرب وانتزاع زمام المبادرة من العدو.‏

-أثبت الإنسان العربي قدرته على استخدام الأسلحة والعتاد الحديث وأبرز جدارته وشجاعته وقدرته على قيادة معركة بمختلف صفوف الأسلحة ومختلف الظروف.‏

-تحقيق المفاجأة للعدو على الجبهتين السورية والمصرية وتوجيه ضربتين متزامنتين في الجولان وسيناء.‏

-استخلاص الدروس المستفادة في البر والبحر والجو.‏

-إزالة عقدة الخوف والوهم من العدو الإسرائيلي واسطورته الوهمية.‏

أما على الصعيد الداخلي فتمثلت:‏

استعاد الشعب ثقته بنفسه وبقواته المسلحة.‏

تعزيز شعور شعبنا بقدرته على تجاوز المصاعب في طريق التحرير.‏

-أظهرت الحرب أهمية التلاحم للجبهة الداخلية وأهمية التنظيم والالتزام.‏

-أظهرت الحرب حب التضحية عند شعبنا.‏

-أثبتت أمتنا العربية قدرتها على تحرير كامل التراب العربي.‏

أما على صعيد العدو الصهيوني اهتزاز صورة العدو الذي لايقهر وظهر الخلل في مجتمعه الداخلي الهش‏

-كشف عدم قدرة إسرائيل عن حماية نفسها وحماية المصالح الأميركية في المنطقة العربية.‏

-انهيار أسطورة الطيران الإسرائيلي كسلاح فعّال.‏

تأثير مشاريع الاستيطان والهجرة المعاكسة.‏

الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها العدو خلال الحرب.‏

-تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة وعجز ميزان المدفوعات.‏

-عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي.‏

-وللحرب نتائجها على الصعيد الفلسطيني حيث ازداد نشاط العمل الفلسطيني وازداد الأمل بتحرير الأرض- إضافة للاعتراف الدولي بالقضية الفلسطينية وعودتها إلى المسرح الدولي..‏

أما على الصعيد العربي فتجلت النتائج:‏

بروز أهمية الوحدة العربية في الصراع العربي الصهيوني إضافة للتأكيد على أهمية التضامن العربي وظهور العرب كقوة رئيسية فعالة في العالم إضافة إلى ظهور أهمية البترول العربي في تغير مجرى المعركة وامتداد ساحة المواجهة إلى جميع أرجاء الوطن العربي ووضوح الهوية القومية للصراع مع الصهيونية العالمية فيما كانت النتيجة الأهم هي معرفة أن المواجهة أفضل سبيل لتعزيز التضامن العربي.‏

أما على الصعيد الدولي فكانت النتائج أشمل وأكثر تأثيراً تمثلت:‏

-بتغيير نظرة المجتمع الدولي للعرب.‏

-كفاءة السلاح الروسي ما أدى لارتياح الاتحاد السوفييتي لذلك تأكدت أميركا بأن إسرائيل غير قادرة على حماية نفسها بدون مساعدتها.‏

-ترابط الأمن الأوروبي بأمن منطقة الشرق الأوسط.‏

-الخلل الكبير الذي أصاب النقد والاقتصاد العالمي.‏

-توقف العلاقات العربية مع دول العالم الثالث لمصلحة العرب.‏

-تحكم القوتين العظميين بالصراع العربي الصهيوني بسبب التوازن العالمي.‏

حرب الاستنزاف‏

بعد أن تم وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية بمقتضى قرار مجلس الأمن رقم (338) المؤرخ بتاريخ 22/10/1973والذي تم فهمه في سورية بأنه يقضي بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة مع الحفاظ على الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني تم وقف اطلاق النار على الجبهة‏

وبتاريخ 21/12/1973 عقد مؤتمر جنيف بخصوص ذلك وعندما تم الاكتشاف بأن هذا المؤتمر لا يلبي الهدف المنشود الذي ورد بالقرار من حيث انسحاب الأعداء والحفاظ على حقوق الفلسطينيين امتنعت سورية عن الحضور‏

وبتاريخ 18/1/1974 جرى فصل القوات على الجبهة بدأ الموقف العربي يتراجع وبتاريخ 13-14/2/1974 عقدت القمة العربية الرباعية (سورية- مصر- الجزائر-السعودية) وبدأ السادات يبرر لنفسه وطرح فكرة رفع فكرة رفع الحظر النفطي عن أميركا وأخذ الواقع السياسي العربي يتراجع كما بدأت علاقات حسن الجوار التي خلقتها الحرب تتغير.‏

ونظراً لهذا الوضع الذي بقيت سورية فيه وحيدة في الميدان كان لابد من اتخاذها موقفاً للتصدي، لذلك جاء قرار القائد الخالد حافظ الأسد بشن حرب استنزاف يومية متواصلة على العدو بهدف إلحاق أكبر الخسائر به بشرياً ومادياً ومنعه من التشبث بالأرض أو بناء تحصيناته الهندسية وانهاك قواه بغية التمهيد لشن هجوم معاكس يضمن تحرير الأراضي المحتلة‏

بتاريخ 11/3/1974 صدر التوجيه بشن حرب الاستنزاف والتي دامت 82 يوماً لتحدث في هذه الفترة معارك مشرفة لقواتنا في هضبة الجولان وقمم جبل الشيخ .‏

وأضاف العقيد المتقاعد عمران: ان من نتائج حرب الاستنزاف بالنسبة لقواتنا ارتفاع الروح المعنوية وازدياد ثقة المقاتل بنفسه وسلاحه، واكتساب الخبرات وتعميقها إضافة لإظهار قيمة التحصين والتجهيز الهندسي في وقاية السلاح والأفراد مع إثبات كفاءة المقاتل العربي السوري وارتفاع سمعته.‏

أما بالنسبة للعدو فكانت حرب الاستنزاف إحدى أهم العوامل التي ارغمت الكيان الغاصب على قبول شروطنا، كما أدت لوضع العدو بحالة استنفار دائم ومنعته من تثبيت أقدامه في المنطقة المحتلة وانخفاض الروح المعنوية إضافة إلى شلل الاقتصاد المعادي لعدم تسريحه لجنود الاحتياط نتيجة خوفه المتواصل من قواتنا.‏

كما كان من نتائجها الهامة نزوح سكان المستعمرات من هضبة الجولان وإيقاع خسائر فادحة بالكيان الصهيوني ومعداته وجنوده وقدراته أما النتائج السياسية فتجلت بتوطيد مكانة القطرعلى صعيد الوطن العربي والعالم وعاد التلاحم من حوله.‏

كما غيرت الحرب حسابات العدو وغيرت مخططاته التي كان قد رسمها مع حلفائه للمنطقة.‏

إضافة إلى اضطرار العرب لاعلان دعمهم ومساندتهم لنا وتمثل ذلك في قرار مجلس الجامعة العربية في آذار عام 1974‏

وبهذا أجبر الكيان الغاصب للانسحاب من القنيطرة بعد تهديمها بالكامل لتبقى حتى أيامنا هذه شاهداً حياً على اجرامه وغدره.‏

وقدرت مساحة الانسحاب 633 كيلو متر مربع غرب القنيطرة بـ 12000 متر مربع ما يثبت خسارة هذا الكيان الغاصب وهزيمته النكراء ، الأمر الذي زاد من الحقد على موطن المقاومة فأعاد الحرب عليها من خلال حرب كونية تشارك بها دول عميلة وربيبة أميركا وحليفتها إسرائيل لكن الهزيمة مصيرهم والنصر مصيرنا لا نقبل دونه.‏

فمعركة قواتنا الباسلة اليوم ضد العدو الذي أصبح وأدواته وحلفاؤه داخل وطننا الأبي.. هي معركة لإنقاذ الوطن شكلت العلامة الفارقة في تاريخ المنطقة وجغرافيتها.. سورية الشعب والحضارة والتاريخ.. و المثل المميز في الوسطية والتسامح وقبول الآخر والتفاعل معه إيجابيا.. سورية الأنموذج الذي يمتلك استقلالا حقيقيا يكاد يكون الوحيد في الوطن العربي إذ نمت ونهضت بطاقات شعبها وحده دون اعتماد على الديون الخارجية أو المساعدات ووسط حصار اقتصادي خانق بدأ منذ رفضت الخنوع وأصبحت برفضها حصينة على تداعياته التي تشهد أبشع صورها في تاريخ الانسانية جمعاء, والسوريون الذين تخفق قلوبهم لميامين جيشنا وهو يقود المعركة الوطنية والقومية الحاسمة وآمالهم معلقة على بسالته في مواجهة الإرهاب والفتنة وأعين الملايين من أبناء الأمة العربية الواعين الشرفاء تتطلع إلى بطولاته وتضحياته الجسام بتقدير واحترام فجنود جيشنا فرسان معركة خلاص الوطن وانطلاقته الجديدة وانتصار مشروعه القومي.‏

عدنان سعد- ملحكم الحكيم - هلال عون -هزاع العساف‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية