|
تشرين التحرير كانت نتائج اليومين الأولين من الحرب قاسية على العدو الذي ناء بها وأوشكت قواه المعنوية على الانهيار فقد تكبدت قواته المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وبخاصة في الدبابات والطائرات، وخيم شبح الخطر المميت فوق قوى الاحتلال، وأصبحت القيادة الإسرائيلية في وضع لا تحسد عليه، كما أصبح واضحاً أن «إسرائيل» عاجزة عن حماية نفسها فكيف تكون قادرة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة. كذلك رأى العالم أن القوات العربية السورية تملك إمكانات وطاقات كبيرة، كما اقتنع المجتمع الدولي بقوة المقاتلين العرب وقدرتهم على استخدام الأسلحة المتطورة... كل ذلك أثبتته المعارك الطاحنة التي دارت على مرتفعات الجولان. لقد قاتل قسم كبير من الوحدات والتشكيلات ببطولة وشجاعة نادرتين، وكانت تأتي في المرتبة الأولى مهمة تدمير احتياطات العدو المدرعة المتقدمة من العمق، وهذا ما يعد موضوع حياة أو موت بالنسبة للعدو الإسرائيلي. وقد قام بهذه المهمة بكل جدارة سلاح الطيران وسلاح المدفعية اللذين عملا بتضافر وتنسيق، صبّا على أرتال العدو المتقدم من الغرب الحمم النارية، فما تكاد قوات العدو أن تظهر أو يتم اكتشافها حتى ينقض عليها الطيران السوري، وعندما كانت أرتال العدو تصل إلى المدى المجدي للمدفعية، كانت هذه تصب عليه حممها حسب مديات الرمي، وللحقيقة التاريخية فإن سلاح المدفعية السورية قام بدور مشرف في حرب تشرين التحريرية. ـ القطاع الشمالي: في الساعة 20,00، من يوم 8 تشرين الأول، قامت الفرقة السابعة مشاة، مع وسائط تعزيزها، بهجوم صامت ليلي، بدون دبابات، وهدفها ومهمتها تدمير العدو المقابل، والوصول إلى الخط: عرضانية مسعدة ـ المنصورة، على أن تحتل بجزء من قواتها مدينة القنيطرة يعاونها اللواء 52 مشاة. وفي الساعة 21,00، بدأ العدو بإضاءة ساحة المعركة، وبفتح نيران المدفعية والهاون على القوات المهاجمة. وقد ردت المدفعية على مصادر النيران المعادية برمايات كثيفة. وتابعت القوات تقدمها نحو أهدافها تحت تأثير نيران المدفعية والهاونات المعادية. وعند الساعة 3,00 من يوم 9 تشرين الأول، تمكن اللواء 68 مشاة من احتلال تل الوردة الغربية، وتل الجعيفري، والسفوح الشمالية الغربية لتل الشيخة الغربية، وضهرة الأرانب، والقطرانة، واحتل واللواء 121 مشاة ضهرة شمس الدين والسطح، ووصل نسقه الثاني إلى بير سيف. أما اللواء 52 مشاة فقد تمكنت إحدى كتائبه من الدخول إلى مدينة القنيطرة واشتبكت في قتال عنيف مع العدو المدافع، وخاضت كتيبة أخرى القتال على الخط: التخوم الجنوبية الشرقية لمدينة القنيطرة ـ القحطانية، ووصل النسق الثاني من اللواء إلى أرض عين الكرش. وابتداءً من فجر يوم 9 تشرين الأول، قام العدو بتركيز نيران المدفعية والهاون والدبابات على قوات الفرقة، بالإضافة إلى القصف الجوي. وفي الساعة 4,00 تلقت الفرقة مهمة تطوير الهجوم الليلي مع أول ضوء يوم 9 تشرين الأول على محور القنيطرة ـ جسر بنات يعقوب، بقوة اللواء 81 دبابات وتشكيلات الفرقة، ومهمتها تدمير القوات المعادية المقابلة والوصول إلى الخط: القلع ـ واسط ـ الدليوة ـ تل أبي خنزير، ثم متابعة الهجوم باتجاه الحدود الدولية. وفي الساعة 8,45 من يوم 9 تشرين الأول عبر اللواء 81 دبابات الخندق المضاد للدبابات، ووصل إلى خط الزج في الساعة 9,00 وفي الساعة 10,35 شوهدت أرتال معادية تتقدم من الاتجاهات التالية: ـ رتل يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه بقعاتا ـ ضهرة الأرانب. ـ رتل يقدر بكتيبتي دبابات من اتجاه واسط ـ تل البرم. ـ رتل يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه المويسه ـ المنصورة ـ تل محمد المخفي. وانتشرت على الخط: السفوح الجنوبية لضهرة الأرانب ـ ضهرة خليف ـ السفوح الشرقية لتل البرم ـ تل محمد المخفي. وبدأت الدبابات المعادية بفتح نيران غزيرة على وحدات اللواء التي كانت تصد هجوم العدو المعاكس. خاضت القوات السورية معارك ضارية، في مواجهة العدو الذي كان ضغطه ما يفتأ يزداد، وكان الاصطدام شديداً وعنيفاً. وشرع الإسرائيليون يقذفون، دونما انقطاع، بقوى جديدة، بالإضافة إلى التركيز الجوي على الجبهة السورية. ووقعت قواتنا تحت تأثير النيران والصواريخ المضادة للدبابات ولم يكن من السهل التقدم بسبب القذائف المنهمرة. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت مدفعيتنا بقصف مركز على العدو، واختفت ساحة المعركة تحت سحابة من النيران والدخان. اضطر اللواء 81 دبابات تحت ضغط العدو، الذي كان مستمراً في زج قوى جديدة، إلى الانسحاب، كما انسحبت قطاعات الفرقة إلى مواقعها الدفاعية على حدود خط وقف إطلاق النار. وقريباً من الساعة 6,00 من يوم 10 تشرين الأول، بدأ العدو بقصف المواقع الدفاعية السورية بالمدفعية، مركزاً قصفه على منطقة خان أرنبة ومنطقة تل الضهور، فردت مدفعية الفرقة السابعة على مرابض المدفعية المعادية وأسكتتها. وعند الساعة 10,00، استأنف العدو رماياته على المنطقتين المذكورتين ذاتهما، بمعدلات كثيفة واستمر على ذلك حتى آخر ضوء من النهار، وقامت مدفعية الفرقة بالرد على مصادر النيران المعادية المكتشفة، كما قامت بالرمي على مجموعة من العسكريين في رويسة الحمراء، تقوم بالاستطلاع، ويعتقد أنهم ضباط. وقام الطيران المعادي بعدة طلعات وقصف مرصد جبل الشيخ المحرر والمرتفع 1480 وتل الضهور ومناطق مرابض المدفعية. وقد اشتبكت وسائط دفاعنا الجوي به وأسقطت له عدة طائرات. في الساعة 8,40 يوم 10 تشرين الأول، قام الطيران المعادي بقصف مواقع القوات المغربية، مركزاً قصفه على موقع الكشة والمرتفع 1480 وضهرة الحدب. وفي الساعة 11,15، تقدم رتل مدرع معاد يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه مسعدة ـ سحيتا وفتحت مدفعية القوات المغربية النيران عليه. وعند الساعة 11,40 انتشرت سرية دبابات وسرية مشاة ميكانيكية أمام سحيتا وبدأت بفتح النيران على القوات المغربية، التي ردت على النيران بالمثل، وأوقفت القوات المعادية على هذا الخط. وقريباً من الساعة 13,10، دفع العدو مجموعة من دباباته إلى مشارف جباتا الخشب، مما هدد الجانب الأيسر للقوات المغربية، كما تعرضت وحدات المشاة المغربية، المتمركزة في المرتفع 1480 وضهرة الحدب والتلال غير المسماة ومنطقة مرج الجاموس، لقصف جوي ومدفعي شديدين. وقد اشتبكت القوات المغربية بالقوات المعادية، ثم انسحبت إلى مزرعة بيت جن. القطاع الأوسط: تلقى قائد الفرقة التاسعة المشاة التعليمات بإلحاق اللواء 52 مشاة بالفرقة السابعة المشاة من أجل احتلال مدينة القنيطرة بالتعاون مع اللواء 121 مشاة. وقد تمكن اللواء 33 مشاة من صد عدة هجمات مدرعة معادية، وتمسك من الساعة 15,00 من يوم 7 تشرين الأول وحتى الساعة 10,00 يوم 10 تشرين الأول بالخط المحتل: عين عيشة ـ تل يوسف ـ الرمثانية. وفي الساعة 8,30 من يوم 10 تشرين الأول، هوجم اللواء 33 بمجموعات من الأرتال المدرعة من اتجاهات مختلفة اشتبك معها في قتال عنيف. وقد تمكنت بعض الدبابات المعادية من اقتحام إحدى سرايا مدفعية هذا اللواء بعد أن تصدت لها السرية بالرمي المباشر ودمرت عدة دبابات معادية. وحيال ضغط العدو الشديد الذي كان يزج بقوى جديدة باستمرار، انتقل اللواء 33 إلى الدفاع شرقي الخط المحتل للتمسك بالمنطقة: عين عيشة ـ تل أبي قطيف ـ الجويزة، وليكون الجار الأيمن للفرقة الأولى دبابات. وفي الساعة 15, من يوم 10 تشرين الأول، تقدم العدو برتلي دبابات من الشمال والغرب، بالإضافة إلى رمايات معادية من تل السماقات على وحدات اللواء 33 مما اضطر هذا اللواء إلى التراجع لاحتلال الدفاع إلى شرقي خط وقف اطلاق النار، بعد أن قام احتياط الفرقة المضاد للدبابات بتدمير قسم من الدبابات المعادية. ولقد تمكن اللواء 33 من تدمير 3 طائرات معادية بالصواريخ الفردية المضادة للطائرات خلال الفترة من 6 ـ 10 تشرين الأول. هاجمت كتيبة من قوات حطين في يومي 7 ـ 8 تشرين الأول تل الذهب، ولم تتمكن من احتلاله نظراً لمقاومة العدو في المنعات المجهزة بأسلحة مختلفة. وفي يوم 9 تشرين الأول، استأنفت هذه الكتيبة القتال ضد العدو في تل الذهب وأمام ضغط العدو انتقلت إلى الدفاع شرقي وقف إطلاق النار في الساعة 15,00 من يوم 10 تشرين الأول. في صباح 8 تشرين الأول، انضمت إلى بقايا دبابات اللوائين 43 ـ 51 المدرعين (16 دبابة) من اللواء 12 دبابات. وفي الساعة 12,00، انتشر احتياط الفرقة المضادة للدبابات على الخط: تل الطلائع خارجاً ـ الفحام، لحماية مجنبة اللوائين من هجمات العدو الشديدة والمتكررة. وقد تمكن هذا الاحتياط من تدمير 20 دبابة معادية وظل يصد هجمات العدو حتى دمر من جرّاء القصف الجوي والمدفعي المعاديين الشديدين. وفي الساعة 13,00 من يوم 9 تشرين الأول حاول العدو الالتفاف على الدبابات المتبقية من الألوية 51 و43 و12 د، من اتجاه السفوح الشمالية لتل الفرس، ومن الغرب والشمال الشرقي، بقوى كتيبة دبابات وعدد من القواعد الصاروخية المضادة للدبابات. وقد حاولت مدفعية الميدان وبعض السرايا المضادة للطائرات منع مناورة العدو وتدميره غير أن العدد المتبقي من دبابات هذه الألوية لم يكن يتجاوز 15 دبابة، بعد الاشتباك العنيف مع العدو، الذي كان ما يفتأ يشن الهجمات باستمرار. وازدادت حدة هجوم العدو وضغطه الشديد بالطيران والدبابات والمدفعية، وبذلت دبابات هذه الألوية كل جهودها في المحافظة على الخط: السفوح الغربية لتل شعاف السنديان ـ العرائس، إلا أن استمرار الهجوم المعادي بشتى الأسلحة لم يُبق منها سوى 3 دبابات فاضطر قادتها للانتقال إلى السويسة في الساعة 11,00 من يوم 10 تشرين الأول. |
|