|
عيادة المجتمع واليوم أبنائي ينظرون إلي وكأنني كنت السبب في هروب والدهم, أتمنى أن تعود تلك الأيام. كان هناك إحساس داخلي يشعرني دائما بأن هذه السعادة لن تدوم كثيرا, كنت أخاف دائما على أبنائي من أي عارض, وأخشى على زوجي عندما يتأخر, كنت أغار عليه وكان هو يدرك هذه الغيرة. فما الذي حدث يا ترى? حين قال لي: طلقتك, أحسست كأنه ألقى بقنبلة دمر بها هدوء أسرتي الصغيرة, وحطم أطفالي الذين كانوا ينعمون بدفء الوالدين, وباستقرار أسري كنت أحسد عليه. حتى علاقتي بزوجي كانت محط أنظار الجميع وحسدهم. فبالرغم من أن لديه أعمالا كثيرة فإنه لم يكن يهملنا أبدا. ماذا حدث لاتحول فجأة من زوجة وأم.. إلى مطلقة يتحدث عن طلاقها بالخفاء والكل يتهامس حولي معتقدين أنني قمت بفعل مشين يخجل حتى الزوج من ذكره. أنا مظلومة والظالم أب أولادي. أيا كان سبب الطلاق, وأيا كانت الصورة السلبية للرجل, فإن الزوجة المطلقة تبقى أسيرة محيط واسع من الأسئلة والاستفسارات التي تبدأ ولا تنتهي, وغالبا ما تأخذ تلك التساؤلات صيغة الشك وأحيانا يتبرع المجتمع بتقديم اجتهادات خاطئة على هواه. لهذا فإن أخطر ما يلاحق المطلقة هو الشائعات التي تجعلها حبيسة نظرة دونية من الآخرين, ليس الرجال فقط كما قد نتوهم, ولكن المرأة نفسها تنظر إلى المطلقة بكثير من الحذر, وأحيانا الازدراء, في حين لا يتوانى بعض ضعاف النفوس من الرجال إلى التفكير بإقامة علاقات غير مشروعة, وكأن شرف المرأة رهن بوجودها في بيت الزوجية, فإذا انفصلت تحولت إلى كائن جديد يفقد معايير التربية والحشمة والشرف. فتوجهنا للاختصاصي النفسي همام عرفات عن وجهة نظره بهذه الظاهرة فيقول: هناك الكثير من من النساء يحتملن حياة قاسية مع أزواجهن يصعب احتمالها, ومع ذلك تفزعهن مفردة ( الطلاق), ويفضلن البقاء على ذمة زوج ظالم على الانفصال أو طلب التفريق, لأن نظرة المجتمع , أشد ظلما, ويشار إلى أن تلك النظرة الظالمة لا تتوقف على محيط الأصدقاء والجيران وسكان الحي, بل تتعداها في كثير من المرات إلى أقارب المطلقة بل وحتى أهلها, لأنهم لاينفكون عن توجيه اللوم وأصابع الاتهام إليها لأنها كما يتصورون لم تستطع فهم زوجها أو مداراة مزاجه أو التسامح معه وغض النظر عن تجاوزاته وأخطائه. ولهذا نرى أن متاعب المرأة المطلقة لا تقف عند هذه الحدود, فهي إذا فكرت بالزواج ثانية وهذا حق مشروع من حقوقها الإنسانية فإنها في أحسن الحالات , أو على وجه الدقة في غالب المرات, لن تحظى إلا بزوج أرمل وراءه عدد من الأطفال, هذا إذا حالفها الحظ, أو بزوج في ذمته زوجة وأطفال, وفي الحالتين تكون إما زوجة أب مكروهة عليها أن تتولى مسؤولية أطفال يصعب أن تنال حبهم أو اعترافهم بجميلها, فتبقى المطلقة في الأغلب مطمع مطلق لا يؤتمن, خلف وراءه ضحية وراح يبحث عن ضحية جديدة, يعتقد بأن الوضع الضعيف للمطلقة يمهد له الطريق , ولابد من القول أيضا بأن بعض الرجال الذين يميلون إلى الاعتياش على جيوب الآخرين, هم أنموذج آخر من نماذج الرجال الطامعين بالمطلقة, وهذا النوع حسب الزواج بحساب الربح والمنفعة, فإذا توثق من أن المطلقة تمتلك دارا سكنية وأثاثا, أو أن أمورها المالية كما يجب , لن يتأخر في عرض نفسه على أتم وأفضل صورة, وهي صورة مشفوعة عادة بسلسلة أو قائمة طويلة من الوعود الكاذبة والامال العريضة ,حتى إذا انطلت قائمته وتكشفت أوضاعه على حقيقتها, فليس أسهل عليه من اللسان الناعم وان لاعيب إذا قامت بالصرف عليه وإعالته, ولن يتردد بالطبع عن صياغة الأكاذيب الجديدة لأنه كان ينتظر كذا وكذا ولكن الحظ لم يحالفه لكي يوفر لها أسباب السعادة, ولكي يضحي بالغالي والنفيس من أجلها, ومع أن كثيرا من المطلقات يدركن هذه الأكاذيب ويدركن حجم الورطة ولكن ما باليد حيلة, والتفكير بالطلاق للمرة الثانية أشد مرارة من تمضية العمر مع زوج محتال, ولهذا فإن معظم المطلقات ينظرن إلى الزواج الثاني على انه تجربة مأمونة والاستعداد النفسي لها في أدنى درجاته. |
|