تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا نصدق المنجمين وهم يكذبون?!

عيادة المجتمع
الاحد 7/1/2007
فاتن دعبول

احتل الحديث عما جاءت به توقعات الفلكيين وخصوصاً ما يتعلق ببعض الشخصيات المهمة في العالم جل الوقت اثناء زيارتنا لأحد الاصدقاء.

واللافت في الأمر أن التداول كان يحمل شيئاً من الثقة بحيث إنك تشك أن ما جاء به هؤلاء الفلكيون واقع لا محالة -وأنهم يشاركون عالم الغيب الذي جاءت به الديانات, وبأنه بات واضحاً أن بإمكان أصحاب المواهب الفذة اختراق هذا العالم, وشاهدهم في ذلك ما تحقق من نبوءات لفلكيين في أعوام سابقة.‏

هذه الظاهرة التي باتت تشغل ساحات واسعة من وسائل الاعلام كافة, وتستقطب شرائح الناس على اختلاف مذاهبهم واعتقاداتهم وتفاوت ثقافاتهم وتطرح نفسها بقوة, وتجعل السؤال ملحاً:‏

كيف استطاع هؤلاء ممن يدعون قراءة المستقبل الهيمنة على عقولنا رغم ما نحن عليه من تقدم هائل للعلوم والتكنولوجيا, ترى هل هو اليأس والعجز والاحباط وعدم تحقيق ما تصبو إليه بالوسائل الواقعية هو ما يجعلنا نحلق على أجنحة الأوهام لنجد في التوقعات متنفساً عبر من امتهن حرفة التنبؤ والتوقع?‏

أم هو التطلع لمعرفة الغيب وما يحمله لنا من أحداث هو واقعنا الأقوى, حتى باتت وسائل الاعلام تطالعنا كل عام باسماء لا طائل لها لمن تفوق في قراءة الغيب وكشف المستور لتحلق الناس بمزيد من الفضول لمعرفة ما يحمله العام الجديد من أحداث عساها تكون خيراً.‏

ويتأرجح المشاهدون بين من ينذر بخطر لا محالة, وآخر يزرع في النفوس الأمل والسعادة وآخر هو بين هذا وذاك..‏

وما يثير الانتباه حقاً أن عاماً بعد عام ازدياد عدد المنجمين والفلكيين حتى أن هناك صحفيات أو إعلاميات شهيرات وفنانين تحولوا إلى العمل بلغة التنجيم, كما أن دائرة الكتب التي توزع وتباع في مكتبات العالم لا تزال تتسع ويرتفع مؤشر مبيعاتها إلى حد غير معقول.‏

ونستطيع أن نعزو ذلك لما تمكن به هؤلاء المنجمون من سلب عقول العامة في التنبؤ, وقد غزا ذلك مواقع الانترنت أيضاً, حيث يضع الفلكيون عشرات بل مئات التنبؤات فيتحقق منها الجزء اليسير, ويشعرون الناس بأنهم توقعوا ذلك, ولهؤلاء الناس نقول:‏

إذا أردنا أن نصدقهم بصورة علمية, لماذا لا تتحقق مئات التوقعات التي تتضمنها قائمة توقعاتهم كل عام, حيث بإمكان أي شخص أن يسرد قائمة من التوقعات كما يسرد المتوقع لأسئلة الامتحانات أسئلته, وبالتأكيد ومن خلال نظرة تحليلية سيجد هذا الشخص أن شيئاً من توقعاته قد تحقق, وبذلك يكون في مصافهم الفلكي, ومع الأساليب الجديدة ودعم وسائل الاعلام والفضائيات لهؤلاء أتوقع أن يتضاعف عددهم كل عام ويزداد عدد كتبهم بالمقابل..‏

فهل بات المتنبئون هم من يرسم لنا خطوط حياتنا, وهل أصبحت مصائرنا رهينة ما يتوقعونه?.‏

ربما تلعب المصادفة لعبتها في حدوث بعض التوقعات, فهل يعني هذا أن ما جاءت به كتبهم وتطلعاتهم هو قدر محتوم, ومصير لابد منه?! سؤال برسم كل من يؤمن ويعتقد ويمتثل للمنجمين وقارئي الطالع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية