|
شؤون سياسية حيث كان الصهاينة يخططون للاستيلاء على جميع مصادر المياه في سورية ولبنان وفلسطين , ففي رسالة كان قد وجهها حاييم وايزمن الى لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا بتاريخ 29/12/1919, باسم المنظمة الصهيونية العالمية قال: (إن المنظمة الصهيونية لن تقبل تحت أي ظروف خطة سايكس - بيكو, كأساس للتفاوض لان هذا الخط لا يقسم فلسطين التاريخية فحسب, بل يفعل اكثر من ذلك, انه يحرم الوطن القومي اليهودي من بعض أجود حقول الاستيطان في الجولان وحوران التي يعتمد عليها الى حد كبير نجاح المشروع بأسره). أما (يغال الون), أحد القادة التاريخيين للحركة الصهيونية ثم حزب العمل فقال في حديثه عن أهمية مياه الجولان: (إن لهضبة الجولان ولمنحدر جبل الشيخ أهمية حيوية, ليس من أجل الدفاع عن مستوطنات وادي الحولة ضد الرميات السورية فحسب, وإنما أيضا لحاجات (إسرائيل) الاستراتيجية الشاملة في الإشراف على الجولان, فهذا الأمر يتعلق بالدفاع عن الموارد الأساسية للمياه, وبالدفاع عن الجليل الأعلى والأسفل, وبالدفاع عن الأردن الأعلى والأوسط, ووادي الحولة وبحيرة طبريا والوديان المحيطة بها ووادي بيسان). وكان نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز أوضح المعبّرين عن الطموحات الإسرائيلية في الجولان اذ قال: (المياه قبل الأرض, ولو اتفقنا على الأرض ولم نتفق على المياه, فسنكتشف أن ليس لدينا اتفاق حقيقي). كلام بيريز هو جوهر القضية وعنوان كل المشاريع التي تنفذ حالياً في هضبة الجولان السورية المحتلة في محاولة لبسط السيطرة الكاملة على مصادر المياه هناك وبالتالي فرضها أمراً واقعاً في أي مفاوضات مستقبلية. وسياسة فرض الأمر الواقع في الجولان تشغل اليوم مختلف المسؤولين والمؤسسات التي تكرس جهوداً لإنجاز مشاريع كبيرة في هذه المنطقة الاستراتيجية, في وقت يتصاعد النقاش الاسرائيلي حول كيفية التجاوب مع الرسائل التي يبثها العرب بين الحين والآخر والمتعلقة بالرغبه في تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة انطلاقا من القرارات الدولية الداعية الى انسحاب اسرائيل من الجولان الى حدود الرابع من جزيران 1967 ومنذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 ارتفعت وتيرة العمل في المشاريع الاستيطانية الاسرائيلية في الجولان. في محاولة لخلق امر واقع يصعب معه على أي حكومة اسرائيلية اعادة الجولان الى سورية , فالجمعيات الداعية الى الاستيطان تكثف مشاريعها وتعرض المغريات على سكان المركز والجنوب لجهة قروض الاسكان وخفض الضرائب, وأسعار البيوت الزهيدة والمنح لطلاب الجامعات... قائمة طويلة من المغريات تشملها الاعلانات التي تروّج لها هذه الجمعيات لتسويق مشاريع الاستيطان التي تتم بلورتها وتنفيذها بمشاركة مختلف المؤسسات والوزارات وتهدف الى السيطرة على أوسع مساحة ممكنة من الجولان. فالسيطرة على المياه السورية من أهم اهداف الاستيطان الاسرائيلي في الجولان, وقد انجز أخيراً واحد من اكبر مشاريع السيطرة على المياه السورية وأخطرها ويطلق عليه اسم (مجمع القنيطرة) على قطعة ارض محتلة, مساحتها مئتا دونم تابعة لمدينة القنيطرة السورية المحررة. وفي اعلانها عن المشروع ادعت اسرائيل انها تسعى من خلاله الى تجميع مياه الامطار لتحويلها الى الاراضي الزراعية التابعة للمستوطنات في ظل ازمة المياه في المنطقة. لكن ما تسرب من التفاصيل السرية يشير الى ان الهدف الحقيقي من المشروع هو تحويل سيول مياه الامطار عن الاراضي السورية وتوجيهها الى الأراضي الإسرائيلية الامر الذي يراه سكان الجولان بالغ الخطورة, ويحمل في طياته اهدافاً استراتيجية تتمثل في محاولة السيطرة حتى على مياه الامطار لتتحول مستقبلاً الى ورقة مساومة قوية في اي مفاوضات مستقبلية. المشروع أقرته سلطة المياه الاسرائيلية ونفذته شركة (مي غولان) ويحظى بحراسة الأمم المتحدة ورعايتها, اذ تتواجد وحدة بولندية تراقب العمل على مدار الساعة. ويهدف المشروع الى مضاعفة كمية المياه التي تحصل عليها الاراضي الزراعية التابعة للمستوطنات بحيث تسيطر اسرائيل من خلاله على اربعة ملايين متر مكعب من المياه سنوياً كانت تصل حتى تنفيذ المشروع الى الاراضي السورية. ومع انجاز هذا المشروع يصل عدد مجمعات المياه في الجولان الى 18 مجمعاً خاضعة لسيطرة شركة المياه الاسرائيلية المعروفة بميكوروت وشركة ( ميه غولان) اضافة الى عدد من السدود منها سد تخزيني أقيم قرب قرية المنصورة شمال مدينة القنيطرة وهو بسعة 285 ألف متر مكعب وسد قرب قرية عين دورة المدمرة وسط الجولان, واستغلال كل الينابيع وأهمها ينابيع المياه المعدنية الحارة في الحمة جنوب الجولان وتستغل كمركز علاجي وسياحي, وحفر آبار عميقة في كل انحاء الجولان ما يستنزف المخزون الجوفي ويؤثر في الينابيع. والأخطر من بين المخططات الاسرائيلية في الجولان الابار الارتوازية التي اقامتها اسرائيل وما زالت تقيمها على خط وقف اطلاق النار وتبلغ كلفتها 3 ملايين دولار. وتخطط اسرائيل لبناء ثماني عشرة بئراً ارتوازية حتى نهاية عام 2008 بكلفة تتعدى ثلاثة ملايين دولار. الهدف من بعض هذه الآبار ضمان مواصلة تدفق المياه الى بحيرة طبريا وعدم المساس بمياه السيول. وفي مشاريعها للمياه تستغل اسرائيل ستين مليون متر مكعب سنوياً, كانت تسير في اتجاه السفوح الشرقية للجولان وتصب في الأراضي السورية. وتنعكس الاضرار الخطيرة لهذه الآبار على المياه الجوفية وبالتالي الاراضي الزراعية التي يعتمد عليها سكان هضبة الجولان السورية المحتلة في معيشتهم اليومية, حيث النقص الكبير في كمية المياه التي تصل الى هذه الاراضي . ولنجاح هذه المشاريع اقامت الشركة الاسرائيلية شبكة انابيب متشعبة لنقل المياه, تعتمد في الأساس على خط النفط العربي المسمى (تاب لاين), الذي اقيم في الاربعينات من القرن الماضي لنقل النفط من السعودية الى ميناء صيدا, ويقطع الجولان من جنوبه الى شماله, ولكن ضخ النفط فيه توقف بعد احتلال الجولان عام 1967, وتستغله اسرائيل منذ ذلك الوقت لنقل المياه وتنفذ المشاريع تحت ذريعة حاجة المستوطنات للري. |
|